خروج المنتخب من كأس الأمم يرجع لأسباب فنية وإدارية، وهى أسباب عميقة، وقديمة.. وشأن كل هزيمة، قامت الدنيا ولم تقعد على رأس الكرة المصرية.. فأين كان الجميع من أداء المنتخب مع أجيرى منذ المباراة الأولى ومنذ مباريات الإعداد، ومنذ أعلنت اختياراته للاعبى المنتخب؟ أين كان الجميع من الفوضى الإدارية فى كأس العالم بروسيا؟ أين كانوا من اختيار مكان إقامة المنتخب فى جروزنى ليقطع الفريق ثانى أكبر مسافات كى يسافر إلى مبارياته؟ وكانت شركة ألمانية قد لفتت النظر إلى ذلك وقمت بإعلانه يومها ولم ينصت أحد من الذين يحاسبون ويتهمون الآن الكرة المصرية بالصراخ والاتهام؟ 

 

** التسطيح مستمر، من اتهام التحرش بأنه وراء إخفاق الفريق، بينما الأصل أن المتهم هو عدم الانضباط وغياب السيطرة، والفوضى الإدارية والجهل الفنى والمصالح، وإصدار قرار ثم التراجع عنه.. والتسطيح مستمر، بهذا النظر لأسماء اللاعبين المختارين فقط، وهو أمر صحيح ويشوبه فوضى، وعجز وفساد فنى وإدارى قطعا، لكن أصل الخروج هو أن فريقنا الوطنى يفتقد اللياقة البدنية، والقوة البدنية والسرعة فى مواجهة الفرق الإفريقية، وكرتنا كلها تفتقد ذلك، وهو الأمر الذى يستحق فهما وعلاجا وإصلاحا أولا..!
 
** عشت هذا النشيد عشرات المرات، وسمعته عشرات المرات. إنه نفس النشيد الذى يهب فيه الجميع و«يدب» على رأس الاتحاد واللاعبين، وعلى مدى أيام تظل الدفوف تدوى، والطبول تدق، مع عزف منفرد على الربابة التى مازال عازفها جالسا فى مجتمعنا منذ سنوات طويلة، يروى الحكاية من البداية ويفعل ذلك دون ملل منذ كأس العالم عام 1934 من القرن العشرين.. وهو نفس الحديث عن الإصلاح الذى لم يأت، والإصلاح الذى لم يتحقق. والنتيجة هى استمرار الفوضى الفنية والإدارية، واستمرار الضحك على الجميع، بشعارات وجمل وكلام قديم كله كذب، وخداع، حتى ظلل الجهل الكرة المصرية..!
 
** هزيمة الهزيمة تبدأ بالأخذ بتجارب العالم. وحين زارت رابطة الأندية المحترفة الإنجليزية مصر عام 2007، وعرض رئيسها كتاب الرابطة وقوانينها فى اجتماع حضرته، طالبت يومها بترجمة الكتاب، وأذكر أنها واحدة من المرات النادرة التى تمنيت فيها أن نمارس «الغش» ونأخذ من الكتاب ما يناسب مجتمعنا وكرتنا، وما يناسب قدراتنا.. وكانت النتيجة أن رئيس الرابطة الإنجليزية مضى عائدا إلى بلاده حاملا معه كتابه دون أن يقرأ أحد صفحة أو سطرا منه!
 
** خذوا تجربة ألمانيا بعد أمم أوروبا 2000، وخذوا تجربة إسبانيا بعد كأس العالم 2006. وخذوا تجربة إنجلترا الحالية بعد إخفاقات متتالية للمنتخبات، خذوا أى تجارب وادرسوها، افتحوا الأبواب للشباب الذى يعيش العصر، ويتابع كل ما هو جديد فى مجال كرة القدم، أصلحوا قانون الرياضة فورا، وطوروا دور الجمعيات العمومية، ونقوا تلك الجمعيات، بقرارات صارمة، واضربوا تضارب المصالح، فهكذا تكون البدايات عندما تكون المشكلة هى الأشخاص، قبل اللوائح، خاصة أن الدولة وضعت الأساس ببنية تحتية رائعة علينا أن نكملها فنيا وإداريا.
 
** عشت هذا النشيد قارئا عام 1965 عندما خسرنا من أوغندا، وعشته متفرجا عندما خرجنا من بطولة الأمم الإفريقية 1974، وعشته فى تصفيات كأس العالم من 1977، وفى كل تصفيات حتى مونديال إيطاليا 1990. وعشت هذا النشيد فى كأس تصفيات ونهائيات كأس الأمم الإفريقية، وفى تصفيات كأس العالم عشرات المرات.. وفى كل مرة كانت هى نفسها الكلمات، وهو نفسه اللحن، وهم أنفسهم العازفون، وهم أنفسهم المطربون.. نشيد الهزيمة: «اضرب.. تم تررراالم لم»!
نقلا عن الشروق