فى مثل هذا اليوم.. 7يوليو 1977م..

سامح جميل 

تمكنت قوات الأمن من القبض على أحد عناصر تنظيم «التكفير والهجرة» بناحية الهرم، وأثناء عملية القبض، وحسب مذكرات اللواء فؤاد علام «الإخوان وأنا»: «حاول ابتلاع ورقة تمكن الضابط من استخراجها من فمه، وتبين أنه مكتوب عليها: «إلى أبو مصعب عليكم نقل الخضار فى عربة يد بعد أن تضعوا فيه كمية وافرة من النشادر، وأن تتوجهوا به إلى ترعة المريوطية وتلقوه بها، التوقيع، أبوسعدة».
 
تعلقت هذه الرسالة بعملية اختطاف «التكفير والهجرة» بقيادة شكرى مصطفى للدكتور حسين الذهبى وزير الأوقاف وشؤون الأزهر «25 إبريل 1975 - نوفمبر 1976» من منزله فى شارع «السايس» بمنطقة «حدائق حلوان» جنوب القاهرة، الساعة الثانية صباح يوم 3 يوليو 1977، ووفقا للدكتور غالى شكرى فى كتابه «الثورة المضادة»: «قبل ظهر اليوم التالى حوالى الحادية عشرة صباحا، كانت تليفونات بعض الأشخاص تدق، ويأتى صوت شاب هادئ رتيب يقول: «نحن الجماعة التى يسميها الكفار جماعة التكفير والهجرة، نعلن أننا اختطفنا الدكتور حسين الذهبى، لأنه نشر مقالا ضد الجماعة بتاريخ 30 مايو فى جريدة الأخبار الكافرة»، أما فؤاد علام الذى قاد مجموعة عمل مكونة من عشرين ضابطا للتوصل إلى المختطفين فيذكر: «قام المختطفون بإبلاغ وكالات الأنباء بأنهم جماعة التكفير والهجرة، ولهم مطالب لدى الدولة هى، الإفراج عن جميع المضبوطين من أعضاء الجماعة، ودفع مبلغ مائة وخمسين ألف جنيه للجماعة كتعويض عما أصابها من أضرار بسبب الإجراءات الأمنية السابق اتخاذها حيالهم، واعتبار القضايا السابق اتهام أعضائها بها كأن لم تكن».
 
واشترطت «التكفير والهجرة»، وفقا لسناء البيسى «فى مقالها» الشيخ الذهبى.. أول شهيد للإرهاب - الأهرام 9 مايو 2015»: «اعتذار الصحافة المصرية عما نشرته من إساءات فى حق الجماعة، وكذلك نشر كتاب «الخلافة «تأليف شكرى مصطفى على حلقات بالصفحة الأولى فى الصحف اليومية، وتسليم الطفلة سمية ابنة رجب عمر أحد أعضاء الجماعة المنشقين عليها لأمها التى تمسكت بعضويتها فى الجماعة ورفضت الذهاب مع زوجها، فاعتبرت الجماعة الزوج المنشق غير أهل للأبوة ويجب حرمانه من طفلته».
 
هددت «الجماعة» بأنها فى حال عدم تنفيذ شروطها سيتم قتل الشيخ، وأعطت مهلة حتى الساعة الخامسة، وتؤكد البيسى، أن المحامى شوكى التونى توسط ليمد من عمر إنذار القتل، أما مسألة الإفراج عن المحكوم عليهم، فأصدرت الداخلية بيانها بأنهم فى حوزة القضاء وليس لها حكم عليهم، ووافق المهندس عثمان أحمد عثمان صديق الشيخ الذهبى على دفع الفدية، لكن ممدوح سالم رئيس الوزراء قال للجميع: «دول شوية عيال وكل شىء سينتهى على ما يرام بعد ساعة أو اثنين بالكتير».
 
يكشف «علام» خطته للكشف عن لغز القضية مؤكدا: «قمت باستدعاء طلال الأنصارى الذى كان محبوسا فى سجن طرة لتنفيذ حكم صدر ضده فى قضية الفنية العسكرية، ولأنه كان من قيادات جماعة التكفير والهجرة فى فترة سابقة، ويعلم الكثير عن أعضائها ومقار أوكارهم، أدلى لنا بمعلومات مهمة»، ويضيف: «علمنا بأن شقيق صفوت الزينى الصغير الذى لم يكن عمره يتعدى العشر سنوات فى هذا الوقت، هو حلقة الاتصال بين شكرى مصطفى وباقى أعضاء الجماعة فوضعت خطة لمراقبته بشدة، وأسفرت المراقبة عن تردده على بعض المواقع أحدهما كان بشارع الملك بجوار المسجد الذى كان يخطب فيه الشيخ عبدالحميد كشك، وعند مداهمته وجدنا آثارا تدل على وجود شكرى فيه فى اليوم السابق على اقتحامه، حيث عثرنا على جريدة الأهرام بهذا التاريخ، وخطاب أعده شكرى ليرسله إلى بعض عناصر التنظيم بتعليمات تخص تحركهم المطلوب الإعداد له».
 
يؤكد «علام» أن عنصر التنظيم الذى تم ضبطه ومعه الورقة التى تم ضبطها قبل أن يبتلعها وضح منها «احتمال أن يكون قد تم قتل الشيخ الذهبى فعلا، وأنهم بصدد التخلص من جثمانه، وأن المدعو أبو مصعب لا بد وأن يعرف مكان الشيخ الذهبى»، وبالفعل تم التعرف على حقيقته، وكان محمد عبدالمقصود السيد غازى، عضو الجماعة المقبوض عليه منذ أربع وعشرين ساعة، ويكشف: «ذهبت إلى سجن القلعة لاستجوابه، وبعد أربع ساعات اعترف بأن الشيخ الذهبى موجود فى شقة بشارع جانبى من شارع الهرم خلف صيدلية الجهاد المطلة على شارع الهرم نفسه، وفى نفس الوقت كانت الحملات التفتيشية التى تقوم بالبحث فى الشقق المفروشة قد توصلت إلى معلومات تثير الاتشباه فى شقة بنفس المواصفات، وقمنا بمداهمة الشقة يوم «7 يوليو مثل هذا اليوم 1977»، حيث عثرنا على جثة الشيخ الذهبى ملقاة على أحد الأسرة، مصابا بطلق نارى فى عينه اليسرى أصابت المخ، وتسبب فى الوفاة».!!