كتبت – أماني موسى
يترقب المصريون اليوم رفع أسعار الوقود والمحروقات، بين مؤيد ومعارض، البعض يرى أنه تؤثر سلبًا على الطبقة المتوسطة ومحدودي الدخل وتزيد أعباءهم الاقتصادية، بينما يؤكد خبراء الاقتصاد أن هذه الزيادة المرتقبة لن تكون كما يصورها الشارع بأنها أضعاف، كما أنها تعمل لصالح الطبقة المتوسطة ومن دونها، حيث أن من يملك سيارة فارهة ويستخدم بنزين مدعم من قبل الدولة يكلف خزينتها سنويًا المليارات، لا تصل هذه الأموال لمستحقيها بل لفئة أخرى.. نورد بالسطور المقبلة أبرز ما يحمله هذا الأمر بين طياته.

د. إيهاب سمرة: لولا إعادة توجيه الدعم ما استطاعت الدولة تطوير خدمات المنظومة الصحية
من جانبه أوضح د. إيهاب سمره، الخبير الاقتصادي، أنه لولا إعادة توجيه الدعم في مكانه الصحيح ما كنا استطعنا كدولة عمل التأمين الصحي الشامل وغيره من المشروعات التي تخدم المواطن.

الدعم مرتبط بالعقد الاجتماعي بين الحكومة والمواطن
وأوضح أن الدعم مرتبط بالعقد الاجتماعي بين الحكومة والمواطنين، وهناك دول تقدم الدعم كنوع من تمويل الاستقرار الاجتماعي، وهناك دولاً أخرى كفرنسا تقدم دعم صحي إذ تعد أفضل نظام صحي في العالم، حيث يكون بشكل مجاني شامل إجراء العمليات الكبرى، لكن الطعام والبنزين يكون بالسعر العالمي وبالتكلفة الخاصة به دون أي دعم من قبل الدولة.

التجربة الصينية وانتشال الدولة لتصبح ثان أقوى اقتصاد بالعالم
ولفت إلى أن الصين سابقًا كانت تقدم دعمًا شاملاً لمواطنيها "أكل، تعليم، علاج، بنزين، شرب، سكن"، لكن في المقابل ممنوع أن تنجب الأسرة أكثر من طفل، ويتم كشف دوري للسيدات شهريًا، وإذا حملت الأم بطفل ثان أحيانًا كانت الحكومة تصادر الطفل، واستمروا على ذلك النحو لمدة تقرب من 40 عامًا، وكان الجميع لدى الحكومة أي أنه كان دعم مطلق وتسخير موارد مطلق أيضًا، وبعد أن وصلوا إلى هذا التطرف تمكنوا من تحقيق فائض إنتاجي، واليوم تم تغيير منظومة الدعم بالصين.

كان لابد من رفع الدعم منذ انتفاضة الخبز والشعب تعود على المجانية
ولفت د. سمرة أن المصري اعتاد على منظومة الدعم التي استمرت لسنوات منذ الستينات، حيث كان يتم دعم الأغذية والخبز والسجائر ببعض الأحيان، وحين ثار الناس بعد إعلان رفع الدعم في عهد الرئيس الراحل السادات فيما عرف باسم انتفاضة الخبز، تم التراجع عن القرار، وكان لابد آنذاك من تحرير الموازنة المصرية من هذا العبء، بالإضافة إلى أنه تم اتخاذ القرار دون تمهيد وبشكل فجائي، بلا إعداد، ونتج عنها أننا تعودنا على المجانية.

تم توسيع منظومة الدعم بالتعيينات الحكومية التي تحولت إلى بطالة مقنعة
مشيرًا إلى أنه آنذاك كان التعداد السكاني أقل ومن ثم يمكن تدبير الجزء الخاص بالدعم في الميزانية، ثم تم توسيع منظومة الدعم لتمويل الاستقرار الاجتماعي، فتم فتح باب التعيينات بالقطاع العام والتي تحولت فيما بعد إلى بطالة مقنعة، حيث تحصل على الراتب مقابل اللا عمل، وتحولنا من دولة فائض إلى دولة ندرة، وكأن الحكومة تمثل أنها تدفع للمواطن، والمواطن يمثل أنه بيشتغل، حتى أصبح الحال أن الحكومات المتعاقبة تنفق على الدعم لكن دون تحقيق عدالة أو تحقيق تنمية.

دعم المحروقات كان يصل للأغنياء بما يتخطى 400 جنيه شهريًا
واستطرد، مع الانفتاح الاقتصادي حدثت فجوة رهيبة، وأصبح الدعم غير فاعل، واتسعت الفجوة فازداد الفقير فقرًا، وازداد الغني غنى.

لافتًا إلى أن دعم المحروقات كان يصل للأغنياء، فالفقير لا يملك عربية 8 سيلندر، فمن يملكها ولتر البنزين يبلغ 2 جنيه يأخذ من الحكومة دعم شهري يتخطى الـ 400 جنيه، وأنا كفقير لا خذ منهم مليم.

الدعم المطلق يردي بالتبعية إلى سوء خدمة
وشدد على القاعدة الاقتصادية التي تؤكد بأن الدعم المطلق يؤدي بالتبعية لسوء الخدمة، فمجانية التعليم والصحة وغيرها أدت إلى سوء خدمة، فسوء توزيع منظمة الدعم أدى إلى حصول من لا يحتاج للدعم على أموال كثيرة، بينما من يحتاج حقًا للدعم يحصل على أموال أقل.

هكذا فعلت الدولة إصلاحًا اقتصاديًا ووفرت سكن آمن وآدمي لقاطني العشوائيات
وأشاد بتحركات الدولة للإصلاح الاقتصادي، وضرب مثال دخول الدولة في إنشاء عقارات فاخرة للقادرين بالعاصمة الإدارية الجديدة والعلمين الجديدة بما حقق لها إيرادات كبيرة، أخذتها للعمل بمشاريع كالأسمرات وغيرها للارتقاء بمعيشة غير القادرين، وأن الدولة يحسب لها تقريب الفجوة الاقتصادية الكبيرة بين الفقراء والأغنياء، فعملت على تسكين من يعيشون بمناطق خطرة بمناطق آمنة آدمية.

الدعم المنفلت أحد أسباب الانفجار السكاني
وأشار إلى أن تغيير العقد الاجتماعي يأخذ سنوات ولا يتم بين ليلة وضحاها، وأن أحد أسباب الانفجار السكاني هي الدعم المنفلت الذي أدى إلى إنجاب أكثر من ستة أبناء للأسرة الواحدة لأن الأب لا يتحمل نفقاتهم التعليمية أو الصحية أو غيره، وأن الصين أصبحت ثاني أقوى اقتصاد بالعالم بعد قانون الطفل الواحد، فهل نحن كمجتمع مؤهلين لقانون مثل هذا؟

العزوف عن شراء السلعة يؤدي بالتبعية لانخفاض سعرها
لافتًا إلى أن التغيير لا بد أن يأتي بالتدريج ليلقى قبولاً مجتمعيًا، وبالفعل الدولة قد بدأت بقرار الدعم لطفلين على البطاقة التموينية.
وأرجع د. سمرة الأزمة التي يستشعرها المواطن عقب أي زيادة بالمواد البترولية إلى التجار والرغبة في المبالغة بالأرباح، وأن توقف الناس عن الشراء يجعل سعر السلعة أقل وهذا قانون السوق، فعند انطلاق حملات خليها تصدي أو الامتناع عن شراء الليمون أدى بالتبعية إلى انخفاض الأسعار.


الحكومة تقدم دعم ومزايا اجتماعية تقدر بـ1,3 تريليون جنيه
جدير بالذكر أن الحكومة تقدم إجمالي دعم ومزايا اجتماعية بلغت قيمته 1,3 تريليون جنيه، بمختلف القطاعات على رأسها الصحة والتعليم والسلع التموينية.

زيادة الدعم المقدم بالتعليم والصحة وقطاعات أخرى
إذ بلغ حجم الإنفاق على دعم السلع التموينية 296,3 مليار جنيه، كما بلغ إجمالي دعم المواد البترولية 449,8 مليار جنيه، في حين بلغ دعم الكهرباء 124,3 مليار جنيه، وبلغ إجمالي المساهمة في صناديق المعاشات 243,9 مليار جنيه، وكذلك بلغ إجمالي العلاج على نفقة الدولة 16,1 مليار جنيه.

31 مليار جنيه لتكافل وكرامه منذ انطلاقه في 2015
كما زاد الدعم الموجه لتكافل وكرامة منذ انطلاقه في مارس 2015 نحو 31 مليار جنيه، في حين بلغ إجمالي الدعم الموجه للمنح والمساعدات الاجتماعية 37,4 مليار جنيه، وبلغ كذلك إجمالي الدعم الموجة للأنشطة الاقتصادية 41,4 مليار جنيه، كما بلغ إجمالي دعم القطاعات الأخرى (المزارعين- الأدوية وألبان الأطفال- .... إلخ) نحو 93,8 مليار جنيه.

يذكر أن الدولة بدأت إجراءات الإصلاح الاقتصادي الذي تأخر لعقود حتى بات عبئًا ضاغطًا وخطيرًا على الدولة، لزم معه التحرك السريع، في عام 2014 وفي عام 2019 يصل إلى محطته الأخيرة بعد تمكن المصريين من الصمود والمشاركة في برنامج الإصلاح الاقتصادي متجهًا نحو التنمية الشاملة والمستدامة.

500 مليار تذهب للقادرين ولا تصل إلى المستحقين
وتنتهي مصر الآن من خطة ترشيد دعم المنتجات البترولية والكهرباء والمواد التموينية، بصياغة منظومة جديدة أكثر إحكامًا، تقلل الإهدار وتمنع وصول هذه الأموال إلى المقتدرين وتوصل الدعم إلى مستحقيه، إذ كان يوجه أكثر من 500 مليار سنويًا إلى جيوب القادرين بدلاً من توجيهه إلى المستحقين وحصولهم على تعليم جيد وصحة جيدة وسكن آمن آدمي.

مبادرات وقوافل طبية وإنشاء مستشفيات للارتقاء بالمنظومة الصحية
وهو ما حدث بالفعل في بدء منظومة التأمين الصحي الشامل والتي انطلقت من محافظة بورسعيد، بالإضافة إلى إنشاء العديد من المستشفيات بعد أعوام في عهد مبارك توقف فيها إنشاء المستشفيات الحكومية، وتنظيم قوافل طبية ومبادرات طبية للقضاء على فيروس سي، وأخيرًا مبادرة الكشف المبكر عن سرطان الثدي للنساء.