جينالوجيا الحمض النووي تشرح الالتباس في فهم نظرية التطور

كتبت – أماني موسى
ألتقى الإعلامي خالد الرشد، مع البروفسور بجامعة هارفرد أناتولي كليوسوف، ببرنامجه "رحلة في الذاكرة" المقدم عبر شاشة RT، للحديث عن الاكتشافات الجديدة لعلم جينالوجيا الحمض النووي، وكيف تتوافق هذه الاكتشافات مع ما كان متعارفًا عليه سابقًا في أوساط المتخصصين في علم الأنساب الجيني، وهل تحدث داروين حقًا في مؤلفاته عن أن الإنسان أصله قرد؟ ثم لماذا نجد طفرات مشتركة بين ممثلي العرق الأبيض والشمبانزي من جهة وممثلي العرق الأسود والشمبانزي من جهة أخرى، بينما لا نجد طفرات مشتركة بين ممثلي العرق الأبيض والأسود؟

متى ظهر السلف الأول للإنسان؟
وتوجه الراشد بسؤال إلى البروفسور يقول فيه: ماذا يقول علم الأنساب الجيني اليوم عن أصل الإنسان وظهور السلف الأول للإنسان العاقل؟ هل هناك من تطور علمي صار على نظرية التطور "النشوء والارتقاء الحديثة"؟


95% التشابه في طفرات الحمض النووي بين الإنسان والشمبانزي
قال البروفسور كليوسوف، أنه عندما صار علم الأنساب الجيني يدرس الحمض النووي عند الإنسان اكتشفنا عددًا كبيرًا من الطفرات التي آلت إلينا من الرئيسيات القديمة، فإذا أخذنا شمبانزي من حديقة الحيوانات وأخضعناه لتحليل جينومي يتبين أن لدى الشمبانزي المعاصر والإنسان طفرات الحمض النووي تتشابه بنسبة 95% تقريبًا.

السلف المشترك بين الإنسان والشمبانزي عاش قبل 5 مليون سنة
وهذا يدل على أنه كان لنا سلف مشترك قبل 5 مليون سنة تقريبًا، حيث عاش السلف المشترك بين الشمبانزي الحالي وبيننا نحن البشر الحاليون.
ومنذ ذلك الحين تفرع خطان تطوريان أساسيان وهكذا أدى أحد الفرعين إلى ظهور الشمبانزي المعاصر، بينما أدى الخط الثاني إلى ظهور الإنسان الحالي.


عدد لا نهائي من الطفرات الموروثة من الغوريلا والشمبانزي والإنسان
وكان هناك خطوط تطور أخرى على الأرجح لكن أفرادها انقرضوا، لذلك نرى الآن حصيلة التطور بين هذين الخطين، قرود الشمبانزي المعاصرة هذه ودراسة سلوكها القريب من البشر، بالإضافة إلى أن الحمض النووي بيننا وبينها يتشابه بنسبة 95%، وإذا درسنا الحمض النووي للغوريلا سنكتشف أن السلف المشترك بين الغوريلا والإنسان عاش قبل 9 مليون سنة، ومن هنا نبني كلامنا بالاستدلال على عدد الطفرات المشتركة بين الإنسان والقردة، والعلم أكد أن لدى الإنسان عدد لا نهائي من الطفرات الموروثة من الغوريلا والشمبانزي ظهر بعضها في وقت سابق وبعضها في وقت لاحق.

طفرات متماثلة بين الإنسان وقرد الماكاك
فإذا درسنا الحمض النووي عند قرد الماكاك الذي عاش قبل 25 مليون سنة يتبين أننا ورثنا طفرات متماثلة مع الماكاك أيضًا.
وهناك مقاطع مصورة في كتابي عن الكروموسوم Y وتشير إلى حلقات متطابقة، ووجدنا أن أكثر من 90% من الطفرات متطابقة عند قرد الماكاك والغوريلا والأورنجوتان والشامبنزي والإنسان العاقل.


لم يصل العلم لأي شكل بالضبط كان السلف الأول للإنسان ولا ينبغي تصوره بالقرود المتواجدة حاليًا
وأشار إلى أن الإنسان انحدر من هذه السلالة لكن العلماء لم يعرفوا بالضبط بأي شكل وحجم كانت هذه الكائنات التي أتى منها السلف الأول قبل ملايين السنين، ومن هنا أؤكد أن الإنسان تحدر من الرئيسيات ولكننا لا نتحدث عن القرود في شكلها الحالي، ومن يقول أن أصل الإنسان قرد أسأله وهل تعرف في أي شكل كان القرد قبل 5 مليون سنة، ولا ينبغي تصوره بالقرود المتواجدة حاليًا في حدائق الحيوان، أنه لم يكن بالشكل الذي نراه فيه الآن، فخلال 10 مليون سنة تغير نوع الجمجمة وشكلها.

العلم أكد صحة انحدار اليهود والمسلمين من سلالة واحدة
وكشف البروفسور كليوسوف خلال حديثه صحة الرواية الدينية التي تقول بأن المسلمين واليهود أولاد عم، ينحدرون من سلالة النبي إبراهيم.

وكشف أيضًا أن الطفرات المتماثلة بين الإنسان والغوريلا والشمبانزي والأورنوجوتان تنطبق على الناس بأوروبا وأيضًا أفريقيا، فالطفرات حدثت للبيض والسود على حد السواء، لكن هناك طفرات وقعت للسود دون البيض.


الفارق بين علن الأنساب الجينومي وعلم الوراثة والخلاف مع نظرية التطور
موضحًا أنه عند دراسة الطفرات بين سكان أفريقيا من ذوي البشرة السمراء، وسكان أوروبا من ذوي البشرة البيضاء، اكتشفنا أن كل الطفرات التي حدثت على اختلافها تنحدر جميعها من الرئيسيات، ولكن إذا حاولنا استبيان الطفرات المشتركة بين ذوي البشرة البيضاء وذوي البشرة السمراء فلن نعثر عليها رغم أن نظرية أصل الإنسان تقول بوجودها "القردة" في أفريقيا تحديدًا، ففي صلب شجرة تطورنا توجد رئيسيات قديمة لا نعرف عنها شيئًا تقريبًا لأنها انقرضت، ربما كانت جرداء بلا شعر عمومًا، لكن على الأغلب أنها كانت تسير على قائمتين اثنتين ولو أنه من قبلها كانت تتحرك على أربع.

وبتتبعنا لطفرات الأسلاف وجدنا أن تلك الطفرات كانت عند الإنسان المنتصب هومو وإنسان النيتدرال، عند هؤلاء البشر البدائيين حدثت أيضًا طفرات مثلما حدثت عند الرئيسيات القديمة.


علم الأنساب الجيني يستند إلى مؤشرات دقيقة جدًا والإنسان الأول لم يجئ من أفريقيا
وأشار البروفسور إلى أن علم الأنساب الجيني يتميز عن علم الوراثة باستناده إلى مؤشرات دقيقة جدًا، نحن ندرس فقط كروموسومات Y الذكرية، والرجل يمكنه الزواج من امرأة أفريقية أو من أي مكان آخر، وهذا الكروموسوم هو الذي ينتقل من الأب إلى الابن ثم من الابن إلى الحفيد وهلم جر، وكشف أن هذا الخلاف مع نظرية التطور التي تقول أن السلف الأول للإنسان جاء من أفريقيا.

داروين لم يقل أن الإنسان أصله قرد بل أشار إلى أصل الأنواع عمومًا ونظرية الانتقاء الطبيعي
وأوضح أن الجميع ينسب إلى داروين مقولة أن الإنسان أصله قرد، وهو لم يقل ذلك، بل أشار إلى أصل الأنواع عمومًا ونظرية الانتقاء الطبيعي، ومع ذلك ينسب إليه الجميع مقولة أن القرد الحالي هو أصل الإنسان، لكن لا شيء عند دراوين من هذا القبيل، ولمن يقولون القرد أصل الإنسان، اسألهم عن أي قرد نتحدث.