فريدة الشوباشي

تابع العالم ،بأسره تقريبا، دورة الامم الافريقية لكرة القدم، التي افتتحت في مصر يوم الجمعة الماضي وتوقفت كبريات الصحف العالمية امام صورة مصر الحقيقية ،كما اكدها الواقع وتحت سمع وبصر الجميع ،العدو والصديق..احيانا يكون الكلام ،حتي وهو صادق، غير مقنع ،او لنقل الحقيقة، يخضع للتشويه والتشكيك وفق المخطط المعادي للمحروسة..فقد ذكرت وسائل إعلام معروفة بعدائها لمصر ،ولقيادتها وشعبها،ان مصر غير آمنة ،وأن الشعب المصري "في حالة حداد لوفاة الرئيس المعزول محمد مرسي"واحتمال وقوع حوادث ارهابية انتقاما لوفاة الرجل وكأنه لم يكن مثل بقية عباد الله الذين يأتيهم الأجل لا محالة وان البشرية لم تشهد منذ آدم ،شخصا لم تنته حياته بالموت..وباختصار كان هناك اكثر من سبب لمتابعة الحدث الهام والذي اكد ان مصر مختلفة تماما عن تلك التي "تمناها البعض" ويروٓج لادعاءاته واوهامه وكما يقول المثل الدارج ،الميٓه ،لا تكدب الغطاس. نظريا فحسب ، وانما هي كذبته بالفعل !..كان مشهد الافتتاح مبهرا وعلي ارقي مستوي ،ماثلا امام الكاميرات والاقمار الصناعية ،وكل وسائل المتابعة..وقد كان التنظيم الراقي والدقيق،هو الرد الذي لا رد بعده علي كل مشكك في قدرة المصريين ،وكيف يمكن ان يشكك احد عاقل في بناة الاهرام والسد العالي ؟ وفي اليوم الاول حقق الفريق المصري فوزا علي فريق زمبابوي ،بهدف سجله اللاعب محمد حسن الشهير بتريزيجيه فغمرت الفرحة القلوب بصورة تستوجب التسجيل ،لانها جاءت في ظروف شديدة الصعوبة ،عانينا خلالها ،ولكن ارادتنا لم تنكسر ،كما تمني أعداء الداخل والخارج ووسط متابعة عالمية تكاد تحصي انفاس المصريين..وتتوالي الاسئلة،ممن لا يعرفون مصر ولا شعبها،كيف تمكن المصريون من إعداد ملاعب المباريات بهذا الجمال وبهذه الدقة الحرفية الرفيعة في مدة لا تتجاوز خمسة أشهر؟ لدي يقين بحكم تجربتي الحياتية الطويلة ،اننا قادرون علي صناعة المعجزات اذا كنا تحت قيادة وطنية تؤمن بأن وطننا فوق كل شئ..ولن انسي ما حييت كلمة السر التي فتحت القلوب وكذلك العقول للرجل الذي قال:إن الإرادة المصرية لن تعلو عليها ارادة أخري..ولا بد من التوقف هنا لمحاسبة المسؤولين ،خاصة في المحليات،لقد قرأنا وسمعنا عن دفع المليارات لشركات نظافة اجنبية ولم تتم نظافة شارع واحد ،بل تفاقمت كارثة القمامة الي حد يفوق أي تصور ،وسط شبه تجاهل من جانب هؤلاء..ان النظافة من الايمان كما نعرف جميعا،ولن نعود للتذكير باهمية تدوير القمامة وفوائدهاعلي اكثر من صعيد ،ولكن من حقنا ان نعيش في مصر التي شاهدناها في افتتاح دورة كأس الأمم الإفريقية ،حيث عادت مصر الي مكانها ومكانتها ،واثبتت للعالم بأسره انها جديرة بتولي المسؤوليات التي تعهد إليها،كما انها قادرة علي صنع المعجزات عندما يكون الجسر بين شعبها وقيادته،خاليا من اية عوائق..نحن نطالب بأن يكون افتتاح واقامة مباريات كأس الأمم الافريقية في المحروسة ،ايذانا بعهد جديد ،تعود فيه القاهرة الي واحدة ،من اجمل مدن العالم ..الفرحة بهذه الدورة يفتح باب الأمل والثقة بأن مصر تستطيع ،وتستطيع تماما بارادة شعبها وقيادته ،ويبدو ان شهر يونيو سيكون دائما بشرة خير،حيث يحل بعد ايام الثلاثين منه وهو يوم اعظم ثورة في تاريخ البشرية والتي شارك فيها ما بين خمسة وثلاثين واربعين مليون مواطن مصري ،رفض مخطط تدمير مصر أو علي احسن تقدير،تقزيمها..مصر عملاقة علي مر التاريح ،وكبواتها عابرة..