بقلم د. مينا ملاك عازر 
لابد أن نسجل للسياسة الخارجية المصرية تحية وتقدير على نجاحاتها التي تحققها، والتعاون والانفتاح شرقاً لدول مثل الصين والهند وروسيا بالإضافة إلى دول إفريقيا جنوبا، وهذا يدفعنا للتأمل أكثر وقراءة المشهد الإقليمي والدولي الذى يشعرنا أن منطقتنا العربية مقبلة على احتمالية مواجهات عسكرية وبالذات في منطقة الخليج العربي مما يستنزف مواردها وأيضا تغيير طابعها الجغرافي ناهيك عن ضحايا شعوبها.
 
 التصعيد الذى تقوم به أمريكا وخلفها إسرائيل ويتضامن معهما بعض دول الخليج ضد إيران أصبح يمثل خطورة، وسندفع ثمنه نحن العرب جميعاً وسيدفعنا إلى الهاوية، لذلك فإنني أقترح على الرئيس السيسي المبادرة بتكليف وإعداد نائباً عنه وليكن الفريق  محمود حجازي أو اللواء محمد عرفان، وهما أصحاب كفاءة وخبرة متميزة للقيام بدور الوساطة وتهيئة الأجواء بداية من زيارة إيران التي تحمل لمصر تقدير كبير بحكم التاريخ والحضارة والثقافة رغم تحفظاتنا على سياساتها ونهجها، ثم الدعوة لقمة تجمع ملوك وحكام الخليج في مصر بحضور إيران لنزع فتيل الأزمات المتصاعدة، وتفويت الفرصة على بعض دول الغرب و الشرق التي لا تريد استقرار وإصلاح في منطقتنا بل تدفعنا إلى مواجهات سندفع ثمنها جميعاً.
 
 هل تلقى الفكرة والطرح القبول والتفكير والدراسة؟ بالتأكيد هناك تفاصيل وحسابات كثيرة معقدة تجعل الأمر ليس بالهين، ولكنها محاولة مطلوبة وتستدعى سرعة التحرك لأن الوقت ينفذ وطبول الحرب تدق وهذا هو قدر مصر وريادتها ومكانتها في المنطقة.
 
السطور السابقة كانت للسيد محمد أنور السادات رئيس حزب الإصلاح والتنمية والذي أكن له ولرجاله كل تقدير، لكنني أتحفظ بداية على أن تدفع المسألة لأيدي رجال الجيش سواء الفريق حجازي أو اللواء عرفان وهما لهما مني كل تقدير وعرفان بجميلهم في كل المجالات لإنهاض مصر، بيد أن أخذ ملف ساخن كهذا من أيدي الدبلوماسية المصرية أمر مزعج لي، فربما التدخل الدبلوماسي يحتاج لدبلوماسيين وليس عسكريين، ربما يكون التعاون العسكري مع الرجال المناط لهم هذا العمل، لمن الأمر الجيد، ويعيد لنا ولأذهاننا ذلك التعاون بين السيد اللواء عمر سليمان -رحمه الله- والسيد عمرو موسى وزير خارجيتنا الأسبق، بيد أن ذلك لا يعني أبداً أن نجعل خارجيتنا النشيطة والعميقة والقوية في كل المجالات والتي هي صاحبة أول تقارب مصري إيراني بعيدة عن ملف التقارب الإيراني العربي، فمسألة الدبلوماسية مهمة جداً، واستبعادها من الحسابات وتركها في يد رجال القوات المسلحة أمر يزعجني ويجعلني أشعر برائحة الحرب تزكم الأنوف أكثر وأكثر، وقد يفهم هذا تصعيد من قبل مصر خاصة وأن العلاقات المصرية الإيرانية رغم ما يستند له المحترم محمد أنور السادات من بعد حضاري لكنها تعاني من أزمات شرحناها في مقالات سابقة، وأشر هنا لخطورتها من ألقاء ظلالاها في مفاوضات ذات طابع عسكري.
تقديري للجميع، أرجو أن يتدخل الرئيس السيسي بتشكيل وفد دبلوماسي عسكري للسفر لدولة إيران ولأمريكا لتخفيف من حدة الصدام، بل وللسعودية لتتعقل لأن هناك دول بأكملها ستبتلع، وقد تمحى من الخريطة إذا وقعت الواقعة -لا قدر الله- وأتمنى أن إذا وقعت تلك الواقعة أن نكون في منأى عنها. 
المختصر المفيد الأفكار كثيرة والمقترحات أكثر، والمهم من يصغي ومن يستفيد ويتحرك قبل فوات الأوان.