اليونسكو، بيان صحفي رقم 2019-44
باريس، 12 حزيران/يونيو - أكدت وثيقة جديدة بعنوان "مواجهة الحقائق" أنّ التربية الجنسية الشاملة تعد عنصراً أساسياً لضمان جودة النظام التعليمي، وذلك نظراً لدورها في تحسين الصحة الإنجابية والإسهام في تحقيق المساواة بين الجنسين. إنّ "مواجهة الحقائق" هي وثيقة سياسة جديدة أعدها فريق التقرير العالمي لرصد التعليم التابع لليونسكو، وتهدف إلى تبديد المعارضة التي تواجهها برامج التربية الجنسية على الصعيدين الاجتماعي والسياسي في العديد من البلدان.
 
يشهد العالم سنوياً زواج 15 مليون فتاة دون سن الثامنة عشر، وتعيش قرابة 16 مليون فتاة تتراوح أعمارهن بين 15 و 19 عاماً تجربة الولادة، من بينهنّ مليون فتاة دون سن 15 عاماً. ويمثل الشباب فضلاً عن ذلك ثلث عدد الحالات الجديدة التي تشخص بفيروس نقص المناعة البشرية بين البالغين في 37 بلداً من البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل، إلا إن الدراية الشاملة بكيفية الوقاية من فيروس نقص المناعة البشرية وانتقاله تقتصر فقط على ثلث عدد الأشخاص الذين تتراوح أعمارهم بين 15 و 24 عاماً.
 
وقد قال رئيس فريق التقرير العالمي لرصد التعليم، مانوس أنطونينيس، إنّه "حان الوقت لمواجهة الحقائق"، وأضاف قائلاً: إن "الفتيات اللاتي تتراوح أعمارهن بين 15 و 19 عاماً يمثلن أكثر من حالة من بين كل عشرة حالات ولادة. وإن هذا الوضع لا يؤدي فقط إلى حرمانهم من التعليم، بل يؤدي أيضاً إلى الوفاة في كثير من الأحيان، فإن الحمل والولادة يمثلان السبب الرئيسي للوفاة في هذه الفئة العمرية".
 
ومن هذا المنطلق، تتناول وثيقة السياسة الجديدة بالأدلة والبراهين الفوائد التي تعود بها التربية الجنسية الشاملة المراعية للفئات العمرية. وحتى الأطفال في سن الخامسة يحتاجون إلى فهم بعض الحقائق الأساسية عن أجسادهم والتفكير في العلاقات الأسرية والاجتماعية والتعرف على السلوكيات غير المناسبة وإدراك أي سلوكيات مسيئة قد يتعرضون لها. وإن لم يحدث ذلك، فسوف ينشأ الكثيرون على معتقدات غير دقيقة، وذلك على غرار ما يقرب من نصف الفتيات في جمهورية إيران الإسلامية، إذ تعتقد الفتيات هناك أن الحيض مرض، و 51 ٪ من الفتيات في أفغانستان، و 82 ٪ في ملاوي، حيث لا يكون للفتيات أي دراية بالحيض قبل أن يختبرنه بأنفسهم.
 
يجب أن يحصل الأطفال والشباب على تربية جنسية شاملة قبل البلوغ، الأمر الذي سوف يساعدهم على تحصين أنفسهم ضد الحمل غير المرغوب فيه، وكذلك من فيروس نقص المناعة البشرية وغيرها من الأمراض المنقولة جنسياً. وتسهم التربية الجنسية أيضاً في تعزيز قيم التسامح والاحترام المتبادل واللاعنف في العلاقات.
 
ومع ذلك، فإن معارضة بعض الجماعات للتربية الجنسية الشاملة في عدد من البلدان آخذة في التفاقم. ففي أوغندا على سبيل المثال، أدى رد الفعل العام إلى قيام وزارة التربية والتعليم بسحب المنهاج الوطني للتربية الجنسية، وإخضاعه لاحقاً للتنقيح. وفي إنجلترا، قوبل القرار الذي اتخذ في عام 2018 والذي يقضي بجعل التربية الجنسية أمراً إلزامياً بالمعارضة وجرى تنظيم التماس على الإنترنت بمشاركة أكثر من 100000 شخص معارض للقرار.

 
وقد أضاف السيد أنطونينيس قائلاً إن "التربية الجنسية الشاملة جزء لا يتجزأ من التعليم الجيد، وتعد كذلك ضرورية لتحقيق نتائج صحية جيدة، والإسراع في تحقيق المساواة بين الجنسين. ومع ذلك، لا تزال مناطق كثيرة في العالم تعارض التربية الجنسية الشاملة، الأمر الذي ثبط التقدم في مجالات الصحة والحقوق الجنسية والإنجابية، بل وقد تفاقمت الأمور أكثر مما كانت عليه. "

لا يعد إدخال التربية الجنسية الشاملة في المناهج الدراسية كافياً دون توفير تدريب كافٍ للمعلمين لتزويدهم بالدعم والتحفيز اللازمين، وتعزيز ثقتهم بقدرتهم على معالجة المجموعة الكاملة من الموضوعات المطلوبة. ولقد قامت ناميبيا وشيلي في هذا السياق بوضع خطط دراسية نصية للمدرسين، في حين أن تنزانيا وبعض دول أمريكا اللاتينية قد أنشأت موارد على الإنترنت يمكن للمدرسين اللجوء إليها عندما ينتابهم الشك إزاء بعض الأمور.

وتخلص وثيقة السياسة إلى ست توصيات رئيسية، هي:
 
1.    الاستثمار في إعداد المعلمين وتقديم الدعم اللازم لهم
2.    إعداد مناهج مناسبة والاستناد فيها إلى الأدلة والبراهين
3.    إعداد آليات رصد وتقييم لبرامج التربية وضمان تنفيذها
4.    العمل بالتعاون مع القطاعات الأخرى لتحقيق تغيير ملموس لا سيما مع قطاع الصحة٫ وذلك من أجل الربط بين المدارس والمرافق الصحية وحشد الأموال اللازمة
5.    إشراك المجتمعات المحلية ومنظمات الآباء بغية التغلب على المعارضة المبنية على جهل كامل بالموضوع