د / بولا وجيه
كثيرًا ما كنت أبحث عن معانٍ للسعادة في الحب، ولكن معها وجدتُ السعادة، ووجدتُ الحبَّ أيضًا، كأنَّ الحب من البداية لا يُوضع إلا في القلوب التي تشبهها، ربما لأنها بقلب ملاك، أو لأنها لم تلوثْها تصرفاتُ البشر.

فليس من السهل أنْ تجد قلبًا يحتويك بداخله، ويعاملك، وكأنك انتصاره الأكبر، كأنك كنزٌ ظلَّ ينبشُ عنه أيامًا وسنينَ حتى وجده، وحينما وجده صار عليه كالدبِّ الكامنِ، الذي يخبئُ كنزه بعيدًا عن رؤية الناس.

في قربها صرت أعرف معنى الخوف، سواءً كان خوفها ذلك على قلبي وراحتي، أو كان ذلك الخوفُ مني عليها، لأنني صرت واثقًا بأنها ليست مثل العصفور، عليَّ أن أطلق سراحَها، وإن كانت لي ستعود، ولكنها مثل اللؤلؤة باهظة الأثمان، عليَّ أن أحفظها بعيدًا عن أيدي الغير.

صارت بحروف اسمها الذي اخترته لها، درسًا لي في الحب والحفاظ على الكنوز، صارت درسًا لي كأب قبل أن أملك أطفالًا، صارت هي طفلتي ومحبوبتي، وجنة من المولى لي قبل أن أُحسبَ ضمنَ الأبرار، أو الذين ينعم عليهم بالجنة أو النعيم، لأنها صارت نعيمًا وجنة لقلبي في الدنيا.

أصبح "الراء" بداية لكلمة "راحة" لتصف كل المشاعر التي يشعرها أي طفل عندما يكون في كنف أمه، فهي تعرف كيف تكون أمًا، وكيف تكون صديقةً، وكيف تكون أختًا، وكيف تكون حبيبة، كأنها قررت أن تجعلني أستغني عن كل البشر بها، ولا أحتاج لغيرها في قربها أو أفكر فيمن بقيَ أو رحل سواها!

قررت أن تكون هي "واو" الـ "ود"، و"ورد" صارت هي مصدر الرائحة الزكية التي تفوح من الحب، ونعم الله في حياتي، وصارت هي الودّ الذي لا ينقطع وصاله، لا بحزنٍ ولا بخصامٍ، حتى لو استمر الخصام أكثر من خمس دقائق، فهي تجعل الخصامَ لا يدومُ طويلًا، كي يزيد الودُّ، ويفوح منه رائحةُ الورد.

تلك التي صارت أول حروف "النافذة" التي فُتحت لي على عوالم جديدة لم تخطُّها رجلي من قبل، صرت أرى من خلالها أشياء لم أكن أعلم عنها شيئًا، ولكن معها صرتُ أحياها، وصرتُ أعرفها، وكأني أحياها من قديم الأزل، صارت هي النافذة المفتوحة على الحب، والمفتوحة على الأمل.

وهي "ياء" الـ "يد" التي صارت ممدودة لي دائمًا بالخير وبالحب، فمعها عرفت أن الحب الذي لا تشعر فيه بالود والارتياح، وأن تكون تلك العلاقة هي النافذة المفتوحة على الأمل، عليك أن تجتنبها سريعًا، أو ابحث عن "مارينا" في القلوب قبل أن تحبَّ.
نقلا عن فيتو