حمدي رزق
أخشى من هجمة فيسبوكية غير معلومة المصادر والأهداف تستهدف وجود إخوتنا السوريبن على الأراضى المصرية، دون ذنب جنوه، تقبح وجودهم، وتحذر من خطرهم، وتذهب إلى ما هو أخطر بأنهم يحملون مالا إخوانيًا لاختراق الاقتصاد المصرى، والسيطرة على مقدراته.

الثابت، وبالتجربة، السوريون فى مصر حالة نموذجية من العيش المشترك، لم يصدر عنهم ما يخشى منه، ولم يتورطوا فيما يشينهم، السوريون يعيشون بيننا يعملون فى كل شىء إلا السياسة، نعم باتوا ظاهرة عددية واقتصادية واستثمارية لا تخطئها عين مراقب، وليس هناك ما يمنع فى بلد يتمنى الاستثمار ويسعى إليه حثيثا.

لماذا الرفض الآن، وهم على الرحب والسعة شعبيًا وحكوميًا، بين ظهرانينا منذ سنوات مضت، لهم ما لنا وعليهم ما علينا، لم يعاملوا قط باعتبارهم لاجئين، والكتف ده ميه والكتف ده زاد، ولو ما شالتك الأرض تشيلك كتافى وجوه عيونى، ومصر يلوذ بكرمها كل لائذ، وقبلة كل خائف، وموئل كل طالب، كريمة بلادى على طول الزمان.

أخشى أن وراء الأكمة ما وراءها، ما وراء هذه الحملة جد خطير يستهدف قلقلة أوضاع السوريين المستقرة، وإحداث فتنة بين الإخوة، والقول بسيطرة سوريا على الأعمال التجارية قول خبيث، فلا ضير من دخول السوريين مجال الأعمال، هم تجار شطار، وصادفوا فسحة فنفذوا منها إلى الأسواق، واستثمروا أموالهم، وغنموا رزقًا وفيرًا.. بارك الله فيما رزق.

الحديث عن مال ممسوس إخوانيًا ينقصه الدليل، وأجهزة الأمن المصرية ليست بغافلة، والعيون مفتوحة ومتيقظة، وفى حدود المنشور لم يصل إلى الأسماع ما يخشى منه من قبل هؤلاء، السوريون نعم تجار شطار، ويملكون قدرة على تخليق الفرص المواتية للرزق، لا يرتكنون إلى حائط المبكى، يذرفون الدمع الهتون على أطلال وطن داسته سنابك خيل الاحتلال متعدد الجنسيات.

ومتشبثين بالحياة، لا ترى سورياً مغتما، تسبقه البشرى دوما، خلقوا من المحنة نعمة، وتماهوا مع أحب الشعوب وأقربهم إلى قلوبهم، سكنوا قلوبهم قبل بيوتهم، وبادلوهم حبًا بحب، وطعموا عيش المصريين، وتفننوا فى إضافة لمسة سورية خاصة ومهضومة مصريًا. وفتح لهم المصريون القلوب، وفتحت لهم الحكومة المصرية المدارس والمستشفيات كمواطنين، ولم تبخل عليهم، أكرمتهم إكرام الكريم، ولم تقبل عليهم وضع اللاجئين، ولم تقامر بهم فى سوق النخاسة العالمى، ولم تحصهم لتقبض مساعدات بعدد الرؤوس، وتقاسموا اللقمة والهدمة مع الطيبين، وتزوجوا فيما بينهم استكمالا للرابط المقدس، الذى جمع الشعبين إبان الوحدة العربية، يوم امتزجت دماء الإقليم الشمالى بالجنوبى، أيام عز وفخار.

عجيب وغريب حكى خطر السوريبن، رائحة نفاذة تعبئ الأجواء الفيسبوكية، الحكاية فيها إن وأخواتها، والحماس لهذه الدعوة الخبيثة من قبل بعض المتوجسين وطنيًا يستوجب ترشيدها حتى لا نضرب بالغيب فنصيب «سورياً» بجهالة فنصبح نادمين.
نقلا عن المصرى اليوم