حمدي رزق
بينى والإمام الأكبر، الدكتور الطيب أحمد الطيب، محبة خالصة لله فى الله، وحزنت من حجم التسخيف والتلويم، الذى أصاب عمامته برذاذ نفر من المتحذلقين على وسائل التواصل الاجتماعى فى قضية «ضرب الزوجة الناشز»، واحترمت الناقدين المحترمين لمقولات فضيلته، الحوار المحترم بين المحترمين يُحترم.

وعليه دعا الإمام الأكبر، فى نهاية الحلقة الأخيرة من برنامج «حديث شيخ الأزهر»، المجامع العلمية والبرلمانات ومجالس الشيوخ إلى التفكير فى منع ضرب الأزواج والأطفال، ومنع الضرب عمومًا، لأن الضرب بالرغم من أنه مباح بشروطه، «التى تحصره فى الضرب الرمزى»، لكن لولى الأمر أن يقيد هذا المباح إذا رأى ضررًا يتحقق من تطبيقه، ولا مانع فى الأزهر من فتح النقاش فى هذا الأمر بين العلماء.

أن تأتى متأخرًا خير من ألا تأتى أبدًا، أغبط فضيلتكم على دعوة الحوار، النقاش بداية معتبرة ستنتهى بفتح باب الاجتهاد الذى أُغلق طويلًا، النقاش يفتح كوة فى الحائط المصمت، هواء نقى ينفذ إلى الأروقة الأزهرية، معلوم كلما ازداد إغلاق النوافذ بإحكام ازدادت أهمية عملية التهوية بشكل منتظم، أقصد الحوارات.

ضرورى فتح النقاش حول هذه القضية التى تضعنا فى القائمة السوداء للشعوب، التى تهين نساءها ضربًا، فتح النقاش وفى الأزهر الشريف، هذا جد خبر معتبر، هرمنا حتى نبصر هذه اللحظة التى نتحاور، ونناقش، ونراجع، وننفتح على بعض، تجديد الخطاب الدينى رهن بالحوار إذا شئنا التوصيف الأمين لهذه القضية التى تُراوِح مكانها.

النقاش شكل من أشكال التواصل والتفاعل وفق قاعدة مستقرة، «نتعاون فيما اتفقنا عليه، ويعذر بعضنا بعضًا فيما اختلفنا فيه»، ومادامت صدرت دعوة النقاش من قِبَل العمامة الكبرى، فهذا يشى بروح جديدة، باستعداد للنقاش فعلًا، ولكن هل الأزهر الشريف كمؤسسة مهيأة للنقاش، وهل هناك قناعات حقيقية بأهمية النقاش العام أم أن الدعوة صدى للهجمة الشرسة، التى صاحبت مقولات الإمام الأكبر فى قضية «ضرب الناشز»؟

النقاش إذا حدث- وأرجو أن يحدث عاجلًا، خير البر عاجله- يؤهل لفتح حوارات أوسع، ونقاشات أرحب حول قضايا أُغلقت دونها أبواب الحوار، ليس متخيلًا أن يفتح الأزهر أبوابه أمام هذه القضية المُلِحّة، ويغلق أبوابه بعدها فى وجه قضايا أخرى أكثر إلحاحًا، الباب سينفتح واسعًا لتدخل كل القضايا ليُنْضِجها الحوار العلمى بين العلماء.

أخشى انتقائية بدت من ظاهر هذه الدعوة، ففى حين تم رفض دعوة «توثيق الطلاق الشفهى» من أول لحظة، وإغلاق الباب فى وجه القائل بها وتلويمه وتحبيطه فى بيان، ودُفنت الدعوة الطيبة فى مقابر الدراسة، يتم فتح الباب واسعًا أمام قضية ضرب الناشز، نُحْسِن الظن بالإمام الأكبر، وهذا من حسن الفطن.
نقلا عن المصرى اليوم