بقلم : جمال رشدي 
بعد تصريح قداسة البابا عبر لقاء إذاعي امس، بخصوص سؤاله عن علاقة الدين بالسياسة وإجابة قداسته علي السؤال بطريقة مبسطة عبر مثال البيضة والزلطة، تعرض قداسته لهجوم عبر مواقع التواصل الاجتماعي ووصل الامر إلي الهجوم عليه بألفاظ غير مقبولة .
 
ومقالي هنا ليس للدفاع عن قداسة البابا، بل الدفاع عن قيم مجتمع انهارت وأختلط الحابل بالنابل واصبحت القيمة والقامة أمام سطحية التعبيرات وبذاءة الألفاظ، وانكسر ما هو جميل في إناء المجتمع وطفحت بلاعات القاذورات التي نحدف بها رموزنا.
 
وهنا الخطر الحقيقي الذي يهدد المجتمع وتماسكه، تلك الحالة استغرقت سنوات طويلة عبر عقود من الأنظمة الحاكمة السابقة، عبر إهمالها التعليم والثقافة فأصبح جسد الثقافة المصري مخترق وتعرض لعوامل تعرية خارجية وتم تدمير مناعته، هنا التفكك والسيناريو الذي قادته حروب الجيل الرابع عبر تصغير القيمة وتدمير القامة أمام ما يسمي بحرية التعبير والديمقراطية .
 
قداسة البابا تواضروس رأس الكنيسة المصرية وخليفة الكاروز ماري مرقس الرسول وقيمته مستمدة كرمز تاريخي وروحي من كرسي البابوية، والتطاول عليه هو تطاول علي رأس الكنيسة ورمزها .
 
نعم اعتب علي قداسة البابا عتاب محبة كابن محب له، أن كثير من تصريحاته وتعبيراته تخرج بشكل عفوي مبسط من قلب نقي ، لكن علي قداسته أن يلتفت الى الانهيار الثقافي الذي حدث في المجتمع، وان يضع ضوابط لجميع تصريحاته وتعبيراته بحيث تكون متوافقة مع حجم السؤال ونوعيته.
 
واقترح علي قداسته أن يتم الاستعانة بشخص متخصص، ينظم له لقاءاته الإعلامية عن طريق استقبال الأسئلة ودراستها قبل الإجابة عليها، لان قداسة الباب كثيراً ما صرح انه لا يعرف بالسياسةـ وهذا شئ لا خطأ فيه فقداسته راهب تجرد من علوم المادة، والتصق بكلمة الحياة التي هي روح الخدمة، ولكن بعد اعتلاء قداسته بابوية كرسي ماري مرقس عليه أن يلتفت إلي ذلك الاقتراح.
 
الكنيسة هي عمق تاريخي للوطن وامتداد طبيعي لتطورات ذلك التاريخ، وقيمتها تستمد من هوية قبطيتها وقداسة البابا هو رمز لهويتها، والتطاول عليه هو أمر غير مقبول ويرفضه الجميع، فالسيد المسيح نفسه استخدم في كل تعاليمه الامثله لأنه كان يخاطب عموم الشعب ولا يخاطب اراخنه أو مجمع سنهدريم أو حاخامات أو رجال دولة فمهمته هو توصيل روح الكلمة لعموم الشعب بكل طبقاته. 
 
هكذا يفعل قداسة البابا بشكل عفوي مبسط هو يخاطب عموم بسطاء الشعب، ولكن متطلبات العصر الحالي وسيطرة التقنية والتكنولوجية علي كل تحركات وتصرفات وتصريحات المسئولين والشخصيات الهامة، يجعل من الضروري أن يلتفت قداسة البابا إلي عفوية تصريحاته.
 
بجانب ذلك لابد أن يعلم قداسته أن هناك حرب عبر الجيل الرابع لهدم قيم المجتمع، وبما أن الكنيسة تمثل ركيزة أساسية وحجر زاوية في تماسك المجتمع، فهي تواجه حرب شرسة عبر أدوات الجيل الرابع تستهدف رمزها وقيمتها قداسة البابا .
 
وأخير نصلي أن يحافظ الرب علي تماسك كنيسته ونموها وان يعين ويحمي قداسة الباب ليقود سفينة كنيسته إلي بر الأمان.