لا أخفى سعادتى جداً بخصوص ما نشرته جريدة «المصرى اليوم» على صفحتها الأخيرة يوم الإثنين 27 مايو الماضى تحت عنوان «من أجل محاربة التنمر.. شركة ملابس تدعو لدمج ذوى الإعاقة ومرضى البهاق في المجتمع: هم الموديلز لمنتجاتنا». وهى حملة إعلانية لشركة للملابس الرجالى تضمنت العديد من العبارات القيمة على غرار: «إنت مش محتاج تغير في شكلك أو تلبس ماركة جديدة، أو تقلد أي حد عشان تزود قيمتك، قيمتك الحقيقية في نفسك...».

قامت هذه الشركة بعرض منتجاتها عن طريق «موديلز» من ذوى الإعاقة ومرضى البهاق لنشر رسالة مبادئ تؤكد حقهم في الحياة بشكل طبيعى دون تنمر عليهم في ممارساتهم الحياتية اليومية.. سواء بالابتعاد عنهم أو إقصائهم بسبب تصورات خاطئة وغير إنسانية بعدم قدرتهم على الاختلاط والانسجام والتواصل.

في تقديرى، هذه الحملة هي ترجمة حقيقية لتحقيق منظومة المواطنة المصرية على أرض الواقع.. لأنها لم تذكر ضمن مفرداتها مفهوم «المواطنة» بشكل واضح وصريح، وبدلا من هذا وضعتها في حيز التنفيذ الفعلى من خلال إشراك مواطنين من مرضى البهاق ومن الأشخاص ذوى الإعاقة في مجال.. نتصور للوهلة الأولى صعوبة نجاحهم فيه.

ترتكز فلسفة المواطنة الحقيقية على العدل والمساواة في كل مناحى الحياة لكل المواطنين بغض النظر عن النوع الاجتماعى (ذكرا أم أنثى)، والهوية الدينية (مسيحيا أو مسلما أو لا دينيا)، ولون البشرة (بيضاء أم سمراء)، والانتماء الجغرافى سواء كان من الحضر أم الريف أو من أبناء البدو والنوبة، والانتماء الطبقى (مقتدرا أم غير مقتدر)، والحالة الجسدية (أشخاصا من ذوى الإعاقة أم غير ذلك- طويلا أم قصير القامة).. فالمواطن في منظومة المواطنة يتمتع بجميع الحقوق ويخضع لجميع الالتزامات دون استبعاد أو إقصاء أو تهميش أو منع.

أعتقد أنه من المفيد إعادة النظر في شكل الإعلانات، وألا نتعامل معها باعتبارها أحد أشكال مصادر الدخل للوسائل الإعلامية فقط، حيث إنها من خلال ضوابط ومعايير مهنية تستطيع هذه الإعلانات ترسيخ قيم ومبادئ من الصعب انتشارها وتأثيرها في المجتمع سوى من خلال الإعلانات أو الأغانى أو الدراما والأفلام.

في العديد من الحالات يمكن الترويج لبعض القيم والمبادئ الإنسانية من خلال الإعلانات والأغانى.. لقوتها في الانتشار والتأثير في قطاعات عريضة من المواطنين. وعلى سبيل المثال أغنية «شخبط شخابيط» لنانسى عجرم التي شجعت الأطفال على الرسم على لوحات ورقية، وليس على جدران المسكن، وشاركها في العمل الغنائى أولاد وبنات، منهم من أصحاب البشرة البيضاء والسمراء، ومنهم أشخاص من ذوى الإعاقة.

نقطة ومن أول السطر..

أنا هو أنت..

كن أنت فقط..

قيمتك في نفسك.. وليست في غيرك.
نقلا عن المصري اليوم