بقلم : سليمان شفيق
يلتقي اليوم الأربعاء الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون المشير خليفة حفتر في باريس وفق ما أكده الإليزيه، مشيرا إلى أن الاجتماع يهدف لبحث الوضع في ليبيا وشروط استئناف الحوار السياسي، بعد زيارة سابقة لرئيس الوزراء الليبي فايز السراج إلى باريس في الثامن من الشهر الجاري. وأكدت الرئاسة الفرنسية عقد اجتماع مغلق بعيدا عن الصحافيين بين حفتر و ماكرون بعد أكثر من شهر على بدء هجوم قوات المشير على طرابلس.
 
ويذكر ان البيت الأبيض افاد ن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بحث الإثنين الماضي مع المشير خليفة حفتر جهود "مكافحة الإرهاب" و"رؤية مشتركة لانتقال ليبيا إلى نظام سياسي مستقر وديمقراطي". وكانت واشنطن قد عارضت الخميس، إلى جانب موسكو، مسعى بريطانيا في مجلس الأمن الدولي للمطالبة بوقف إطلاق النار في ليبيا، وأضاف البيان أن ترامب "اعترف بدور المشير حفتر المهم في مكافحة الإرهاب وضمان أمن موارد ليبيا النفطية، وخلال المكالمة الهاتفية، "ناقش الاثنان رؤية مشتركة لانتقال ليبيا إلى نظام سياسي مستقر وديمقراطي". ولم يوضح البيت الأبيض سبب تأخره في نشر خبر الاتصال الهاتفي.
 
وقال دبلوماسي الجمعة إن المحادثة الهاتفية بين ترامب وحفتر "توضح الأمور" حول الموقف الأمريكي، في إشارة ضمنية إلى الدعم الذي يبدو أن الولايات المتحدة تقدمه للمشير حفتر
 
وقد عارضت واشنطن الخميس الماضي، إلى جانب موسكو، مسعى بريطانيا في مجلس الأمن الدولي للمطالبة بوقف إطلاق النار في ليبيا. فإذا كانت معارضة روسيا أمرا متوقعا، إلا أن معارضة واشنطن تثير اهتمام الدبلوماسيين. فهل حدث ذلك بتأثير مصر والسعودية والإمارات التي تدعم حفتر؟ أم أنها "تخوض مفاوضات مع الجانبين"؟ كما تساءل أحد الدبلوماسيين، يذكر أن قوات المشير حفتر هجوما منذ الرابع من أبريل للسيطرة على طرابلس في خطوة تهدد بإغراق البلد في اضطرابات أوسع
 
الأمور تتسارع في ليبيا منذ أن طالت المعارك الضواحي الجنوبية للعاصمة الليبية طرابلس بين قوات الجيش الوطني التابعة للمشير خليفة حفتر وقوات حكومة الوفاق، إجماع لدى كل المحللين أن التصعيد العسكري يشكل ضربة للعملية السياسية التي كان يفترض أن تفرز الملتقى الجامع المقرر منتصف هذا الشهر في غدامس. بعثة الـمم المتحدة مصرة على تنظيمه رغم المعارك على الأرض. فرنسا نفت ان تكون لها خطة خفية لدعم حفتر فيما الاتحاد الأوروبي دعاه لوقف هجومه تجنبا لحرب أهلية. هل ما يجري الآن يعود بليبيا خمس سنوات إلى الوراء عندما تحولت طرابلس إلى ساحة معركة بين "الكرامة" و"فجر ليبيا"؟ من يلعب بالنار حاليا في ليبيا؟ من هي الدول الراعية القادرة على إقناع حفتر والسراج بضبط النفس؟ ما موقف الجماعات المسلحة الحاضرة على الأرض؟
 
ولازالت المعارك تتواصل المعارك في محيط العاصمة الليبية طرابلس مخلفة نحو 56 قتيلا، وفق ما أعلنت منظمة الصحة العالمية، وتحولت المعارك بين قوات المشير خليفة حفتر وقوات حكومة الوفاق الوطني برئاسة فائز السراج إلى عمليات كر وفر عند أبواب العاصمة، من جانبها دعت الأمم المتحدة الأطراف المتنازعة إلى وقف إطلاق النار
 
وأوضحت منظمة الصحة العالمية في بيان أنه "خلال الأيام الستة الأخيرة، أسفرت عمليات قصف عنيف وإطلاق نار" قرب العاصمة الليبية عن "266 جريحا و56 قتيلا، بينهم سائق سيارة إسعاف وطبيبان". مضيفة أن "آلاف الأشخاص فروا من منازلهم، فيما يجد آخرون أنفسهم عالقين في مناطق النزاع. وتستقبل المستشفيات داخل وخارج المدينة (طرابلس) يوميا ضحايا"، وأشارت المنظمة إلى أنها تزيد مخزونها من المعدات الطبية في المناطق التي تدور فيها معارك، وتستمر المعارك محتدمة حتي اليوم في جنوب طرابلس التي تتعرض منذ الرابع من أبريل لهجوم قوات المشير خليفة حفتر الرجل القوي في شرق ليبيا، الساعي للسيطرة على العاصمة الليبية مقر حكومة الوفاق الوطني برئاسة فائز السراج المعترف بها دوليا، ويأمل حفتر المدعوم من سلطة موازية مقرها شرق البلاد لكن غير معترف بها دوليا، مع "الجيش الوطني الليبي" توسيع سلطاته لتشمل الغرب الليبي بعد سيطرته على شرقها وجنوبها، وفي مواجهته تؤكد قوات مؤيدة لحكومة الوفاق تصميمها على شن هجوم معاكس شامل
 
وتحاول قوات حفتر التقدم باتجاه العاصمة خصوصا على محورين من الجنوب والجنوب الشرقي حيث سجلت معارك الأربعاء بين الجانبين، وقال مركز تحليل الأزمات الدولية "يبدو أن الطرفين متعادلان عسكريا" معتبرا أن "انتشارا أكبر للمقاتلين" أو "تدخلا عسكريا" من شأنهما التسبب في "كارثة إنسانية"
 
وتخشى المنظمات الدولية أن يدفع المدنيون مجددا ثمن المعارك. وقالت الأمم المتحدة إن 4500 شخص نزحوا حتى الآن بسبب المعارك
وينشر سكان على مواقع التواصل الاجتماعي أرقام هاتف فرق الإنقاذ أو الفرق المكلفة إخلاء المدنيين المعرضين للخطر.
وتقوض هذه المعارك التسوية السياسية، فيما بدا الثلاثاء أن إرجاء المؤتمر الوطني الليبي الذي كان مقررا بين 14 و16 أبريل في غدامس أمر لا مفر منه
 
وكان مفترضا أن يسمح هذا المؤتمر، الذي تحضر له الأمم المتحدة منذ أشهر، بوضع "خريطة طريق" لإخراج البلاد من الفوضى. واتهم المتحدث باسم "الجيش الوطني الليبي" أحمد المسماري حكومة الوفاق الوطني بـ"التحالف مع مجموعات مسلحة إسلامية
 
في تلك الظروف أخلى الاتحاد الأوروبي الأربعاء أفراد بعثته للمساعدة التي تضم عشرين شخصا من طرابلس إلى تونس حيث مقرها وذلك "مؤقتا" بسبب المعارك. من جانبها قالت وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي فيديريكا موغيريني إن الاتحاد يعبر عن "انشغاله للتطورات المقلقة جدا في ليبيا"، وجددت دعوتها لأطراف النزاع من أجل وقف فوري لإطلاق النار وتسهيل وصول المساعدة الإنسانية
 
دعا الاتحاد الأوروبي الاثنين الماضي المشير حفتر إلى وقف حملته على طرابلس والعودة إلى طاولة المفاوضات لتفادي حرب أهلية
 
وقالت موغيريني حينها بعد اجتماع مع وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي "دعوت بحزم شديد كافة القيادات الليبية وخصوصا حفتر، إلى وقف كافة العمليات العسكرية والعودة إلى طاولة المفاوضات بإشراف الأمم المتحدة"، وتباحثت موغيريني مباشرة مع المشير خليفة حفتر ورئيس حكومة الوفاق الوطني المعترف بها دوليا فائز السراج، 
 
وتمت إحالة مشروع بيان مشترك الأربعاء إلى دول الاتحاد الأوروبي الـ28. وعبر العديد من هذه الدول عن تحفظات على مشروع البيان، وسيتم تعميم مسودة جديدة للبيان عليهم الخميس، بحسب مصدر أوروبي
 
وفي ألمانيا تباحثت المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل هاتفيا مع السراج و"نددت بتقدم قوات المشير حفتر باتجاه طرابلس"، بحسب بيان للحكومة الألمانية. وأكد البيان "القناعة بأنه لا يوجد حل عسكري ممكن في ليبيا" معتبرا أنه "يتعين أن تستأنف العملية السياسية التي ترعاها الأمم المتحدة".
 
ولازلنا في انتظار نتائج تجمع كل تلك العوامل في نتائج لقاء ماكرون حفتر ؟