خالد منتصر
ما أشبه الليلة بالبارحة، اليوم معركة حول إفطارك وإفساد صيامك من خلال الشطاف، وأمس كانت المعركة حول إفطارك على بصاق زوجتك أو صديقك والتهامك ساندوتش الطين الأرمنى!!

سأُنعش ذاكرتك قارئى العزيز بمعركة دارت فى منتصف الثمانينات عندما سأل محرر «الأهرام» المفتى عن مفسدات الصوم، وكان هذا هو رد مفتى مصر الشيخ عبداللطيف حمزة فى «الأهرام»، ٢ رمضان ١٩٨٥، عن تلك المفسدات لصيامك، فقد قال:

يفسد الصوم بالجماع فى أحد السبيلين، على الفاعل والمفعول به، والأكل والشرب، سواء فيه ما يتغذّى به أو يتداوى به، وابتلاع مطر داخل فمه، وأكل اللحم النيئ، إلا إذا دود، وأكل الشحم وقديد اللحم بالاتفاق، وأكل الحنطة وقضمها، إلا أن يمضغ قمحة فتلاشت، وابتلاع سمسمة أو نحوها من خارج فمه فى المختار، وأكل الطين الأرمنى مطلقاً، والطين غير الأرمنى، كالطفل إن اعتاد أكله، وقيل الملح فى المختار، وابتلاع بزاق زوجته أو صديقه لا غيرهما، إذا فعل الصائم شيئاً من ذلك متعمداً غير مضطر لزمه القضاء والكفارة، وكذا أكل الصائم عمداً بعد غيبة أو حجامة، أو ممن قبّله بشهوة، أو بعد مضاجعة من غير إنزال، أو دهن شاربه ثم أكل متعمداً، أو طاوعت مكرهاً على وطئها، لأن سبب الكفارة جناية إفساد الصوم لا نفس الوقاع، وقد تحققت من جانبها بالتمكن من الفعل، كما لو علمت بطلوع الفجر فمكنت زوجها وهو غير عالم به. ومن مفسدات الصوم أيضاً: «إذا أكل الصائم أرزاً نيئاً أو عجيناً أو دقيقاً بدون سكر، أو ملحاً كثيراً دفعه، أو طيناً غير أرمنى لم يعتد أكله، أو نواة أو قطناً أو سفرجلاً لم يطبخ، أو ابتلع حصاة أو حديداً أو تراباً».

انتهى كلام الشيخ حمزة، وهذا جزء من رد الصحفى الكبير أحمد بهاء الدين على المفتى آنذاك، وفى الجريدة نفسها:

لن أهين القراء بما ذكره المفتى بين «مفسدات الصوم» من صور غريبة للعلاقة الجنسية الشاذة التى لم ترد فى «ألف ليلة وليلة» المصادَرة بحكم قضائى، والتى ذكر أنها تفسد الصوم.. وكان فضيلته يرى أنها فى غير أيام الصوم أمور مقبولة، ولكننى أضرب مثلاً من عجائب أخرى.. فأكل اللحم النيئ يفسد الصوم، إلا إذا ضرب فيه الدود، و«أكل الطين الأرمنى مطلقاً، أو أكل الطين غير الأرمنى» كالطفل المعتاد أكله.

ومن مبطلات الصوم «ابتلاع بزاق» -أى بصاق أو لعاب- الزوجة، أو الصديق!! وقد فهمت حالة ابتلاع «بزاق» الزوجة، ولم أفهم حالة ابتلاع «بزاق» الصديق.

ومما يفطـر الصوم أكل الأرز نيئاً أو عجيناً أو دقيقاً بدون سـكر أو نـواة أو قطناً أو سفرجلاً!! أو ابتلع حصاة أو حديداً أو تراباً!! أو دهن شاربه ثم أكل منه متعمداً»!!، وأى مجتمع مسلم اليوم يأكل اللحم النيئ وقد ضرب فيه الدود ويأكل الطين الأرمنى أو غير الأرمنى.. ومعتاد على ذلك؟!، هل بلغ الجمود فى النقل، وتعطيل العقل، حد عدم تمييز الزمن الذى نعيش فيه، وحد عدم الانتقاء حتى فى النقل.

انتهى مقال الراحل العظيم أحمد بهاء الدين، ولكن هل انتهى الجمود الفقهى والتحنط الدينى الذى نعيشه؟!.
نقلا عن الوطن