سمير عطا الله
أيام زمان كان الجمهور المصرى يضحك في الأفلام ومسلسلات الكاريكاتور لما يرد من مضحكات تحت عنوان «أنا وحماتى». أي تلك العلاقة المستحيلة بين الزوج وحماته وما تؤدى إليه من تناقضات. وهكذا هي علاقتى بالحساب. إنه حماتى، حتى في وجود الإنترنت وسائر سحرة الأرقام السريعة والسهلة. فعندما أستخدم «الآيباد» مثلاً، في تحويل الدولار إلى جنيهات، تأتى النتيجة الدقيقة مجموعة أرقام وفواصل، ولا أعود أعرف إن كان المجموع هو ثمن وجبة غداء أم عدد سكان الصين. لا يمكن إقناع «الآيباد» بترك الفواصل لديوان المحاسبة.

أعددت نفسى للرحلة إلى القاهرة كما يفعل الشطار المفترضون: حسبت أن أصل يوم الجمعة، وأبدأ صباح السبت الاتصال بالأصدقاء والدور التي أحب زيارتها. واكتشفت بعد أول اتصالين أن المكاتب لا تجيب، فسألت أهل الفندق فقالوا باشّين: النهارده عطلة سبت النور عند الأقباط. نقلت مواعيد الاتصال إلى اليوم التالى. رنين بلا جواب. سألت الكونسييرج فقال: ما هوه حضرتك النهارده عيد الفصح عند الأقباط. إذن، إلى غد وهو قريب لناظره وغيره أيضاً. وضعت أمامى لائحة الأسماء والأرقام، وبدأت المحاولة من جديد. والبدالات مضربة وخارج السمع. وعدت إلى الكونسييرج بيّومى أسأل يائساً عن السبب، فقال الصديق بيّومى مستهولاً، بل مستفظعاً السؤال: هوه سيادتك مش واخد بالك إن النهارده شم النسيم.

يسمى الفرنسيون ربط أيام العطل المتقاربة، الجسر. وفيما أنا في بهو الفندق أراجع حساباتى ومهارتى في التنظيم، دخل الصديق العزيز أحمد السعيد، فأخبرته بما حصل، فهل يعتقد من خبرته في مصر أن الفرج قريب؟ وكما يأخذ كل الأمور في جدية تامة، أبلغنى بأن مصر كلها في الساحل الشمالى. طوِّل بالك!.

وكنت أعتقد حتى اللحظة، أن الساحل الشمالى منطقة إجازات حديثة، صارت بديلاً لما كانت عليه «العجمى» في الماضى، حيث كان يمكن أن تلقى في الشاليه الذي إلى جانبك وجيهاً من وجهاء مصر، أو حتى رئيس دولة من ضيوفها. فمن لم يمضِ جانباً من الصيف في «العجمى» وعاد ليحدث عمن رأى ومن كان جاره، فإنه لم «يصيِّف». تماماً كما قالت السيدتان تحية كاريوكا وصباح بعد زواج كل منهما من نحو 12 رجلاً بينهم رشدى أباظة: «اللى ما تجوزيتش رشدى، ما تجوزيتش».

لأول مرة في حياة أمضيتها في السفر، أحاول أن أكون منظماً. وضعت لنفسى برنامجاً دقيقاً، وحسبت حساب كل شىء في القاهرة، حتى الازدحام. وفوجئت بالقاهرة مدينة شبه خالية نسبياً. وأنا مع حساباتى. والجميع في الساحل الشمالى. عليك بالانتظار.

إلى اللقاء..
نقلا عن الشرق الأوسط