سامح جميل

غليان فى الاتحاد الاشتراكى ومنظمة الشباب.. والسادات: «خلصت من الأصفراوى»..
 
استمع الرئيس السادات إلى شرح عبدالمحسن أبوالنور، الأمين العام للاتحاد الاشتراكى «التنظيم السياسى الوحيد فى مصر» حول سلبيات قرار الرئيس بإقالة نائبه على صبرى «راجع ذات يوم 2 مايو»، ثم رد: «أنت اللى خليتنى أعين على صبرى الأصفراوى، وجه الوقت اللى لازم أخلص فيه منه» ثم فوجئ أبوالنور حسب روايته فى مذكراته «الحقيقة عن ثورة 23 يوليو» عن «الهيئة المصرية العامة للكتاب - القاهرة»، بأن السادات يعرض عليه تعيينه نائباً لرئيس الجمهورية بدلاً من «صبرى» مع بقائه كأمين عام للاتحاد الاشتراكى، لكن «أبوالنور» رفض هذا العرض.
 
كان لقاء السادات بـ«أبوالنور» يوم 3 مايو «مثل هذا اليوم» 1971، وهو نفس اليوم الذى نشرت فيه الصحف اليومية الصادرة فى الصباح خبر إقالة «صبرى» فتوالت ردود الأفعال، التى أكدت أن الصراع بين السادات وخصومه ممن عملوا بجوار جمال عبدالناصر يدخل مرحلة تكسير العظام، وحسبما يذكر أبوالنور: «كان لنشر هذا القرار بهذه الصورة وقع شديد بين أعضاء الاتحاد الاشتراكى لسببين، أولهما: أن كثيرا من الأعضاء كانوا على علاقة طيبة بعلى صبرى الذى شغل أمانة الاتحاد الاشتراكى سنين عديدة، وثانيا: أن غالبية الأعضاء كانوا ضد اتفاقية الوحدة «اتحاد الجمهوريات العربية بين مصر وسوريا وليبيا»، وكانوا ضد اختيار السادات نفسه رئيساً للجمهورية لولا ضغطنا عليهم محتجين بظروف المعركة ضد إسرائيل، والحرص على عدم وجود تصدع داخل القيادة فى هذه الفترة الدقيقة».
 
يؤكد «أبوالنور» أنه على الفور جاءه أعضاء كثيرون من الاتحاد الاشتراكى يقولون: لقد أجبرتمونا على القبول بالسادات رئيسا للجمهورية، وأجبرتمونا على قبول قراراته المنفردة والخاطئة بحجة عدم فتح مجال للخلاف فى تلك الظروف، كما أن إقالة على صبرى بهذه الصورة وقبل مقابلة وزير الخارجية الأمريكية «وليام روجرز» ليس له معنى إلا أنه يقدم على «صبرى» عربونا للولاء لأمريكا، حيث إن أمريكا تعتبر على صبرى رجل الاتحاد السوفيتى فى مصر»، ويذكر «أبوالنور» أن أعضاء الاتحاد الاشتراكى الذين تحدثوا إليه علموا أن السادات اجتمع مع كمال أدهم رئيس المخابرات السعودية ورجل المخابرات الأمريكية فى المنطقة، وربطوا بين كل ذلك وخرجوا بنتيجة أن السادات يريد أن يضع مصير المنطقة فى يد أمريكا».
 
كان لمنظمة الشباب موقفها الغاضب أيضا مما حدث، ووفقاً لما يذكره شعراوى جمعة وزير الداخلية وقتئذ فى مذكراته «شهادة للتاريخ» إعداد محمد حماد «مركز الأهرام للنشر - القاهرة»: «كان يوم 3 مايو يوماً عصيباً فى منظمة الشباب الاشتراكى، وكانت إقالة على صبرى نشرت فى الجرائد، وكان على علاقة جيدة بها، وهو المؤسس الأول لها، واجتمعت قيادات المنظمة فى نفس اليوم «3 مايو» لدراسة الموقف، وكانت سخونة الاجتماع قد وصلت إلى ذراها، وظل الاجتماع منعقدا حتى اليوم التالى، وفى اليوم الذى اجتمعوا فيه كان أنور السادات يجتمع مع كمال أدهم، وهدد الشباب بالاعتصام داخل مقر المؤتمر السنوى لهم، وإذا بالدكتور مفيد شهاب يتصل بنا ويقول: الأولاد موجودون بمقر المنظمة ومعتصمون وقرروا أن يستمر اعتصامهم لحين إجراء مقابلة يحضرها أحد القيادات، واقترح عليه «أبوالنور» أن يعمل على تأجيل الاجتماع، وأبلغه «شهاب» أنه لا يستطيع السيطرة على الموقف وسط سخط الشباب العارم، وأصدروا بياناً حدد أهداف الثورة ومظاهر الخروج عليها، وهاجم «السادات» بضراوة.
 
توالت الأحداث الساخنة، وأقدم على صبرى بعد إقالته من منصبة نائباً لرئيس الجمهورية على تقديم استقالة مسببة من عضوية اللجنة التنفيذية للاتحاد الاشتراكى، وتقدم بها إلى عبدالمحسن أبوالنور طالباً منه عقد اجتماع للجنة المركزية التى انتخبته لتنظر فيها، كما طالب بتوزيع الاستقالة على كل الأعضاء، ويذكر «أبوالنور» أنه قال للسادات فى لقائهما يوم 3 مايو وهو نفس اليوم الذى تلقى فيه الاستقالة: «لن أرد على خطاب على صبرى، ولن أدعو اللجنة المركزية للاجتماع حتى لا أوسع الخلاف، وأرجو أن تجتمع مع أعضاء اللجنة التنفيذية العليا مع فنجان شاى ونتصافى، وفعلا جمع أعضاء اللجنة التنفيذية ماعدا على صبرى وضياء الدين داود، وفى هذا الاجتماع هاجم «السادات» على صبرى وضياء، ولكننا حاولنا جميعا تهدئته، وانتهى الاجتماع على تصفية أى خلافات، لكن الجو العام للاتحاد الاشتراكى وقياداته كان مازال مفعما بالغليان»..........!!