يقول علماء مركز البحوث الفيزيائية الأوروبي إن عملية التطوير التي يخضع لها مصادم هادرون الكبير ستمكنهم من معرفة المزيد عن المادة المظلمة التي يتكون منها الكون.

 
إيلاف: يخضع مصادم هادرون الكبير اليوم للتطوير، لكن عندما يعود إلى العمل وإلى صدم الجسيمات في عام 2021، فربما يدل العلماء في مركز البحوث الفيزيائية الأوروبي (سيرن)، التابع للمنظمة الأوروبية للبحوث النووية، إلى المادة المظلمة التي بقي  العلماء أعوامًا كثيرًا يسعون إلى رصدها، وهي المادة الخفية التي تشكل أغلب الكون، من دون جدوى.
 
هدف جديد
اليوم، وضع علماء "سيرن" نصب أعينهم هدفًا جديدًا: جسيم ثقيل طويل العمر نسبيًا، ربما يولد من رحم تصادمات عالية الطاقة في مصادم هادرون الكبير، يفترضون أنه قد يتفاعل مع المادة المظلمة فيكون سبيلهم إلى رصدها.
 
والمادة المظلمة هي مادة يمكن الاستدلال على وجودها من آثار جاذبيتها، لكنها لا تبعث الضوء ولا تمتصه. وافترض العلماء وجودها حين أرادوا تبرير وجود كتلة المادة الكبيرة في الكون، خصوصًا حين وجد الفلكيون أن كتلة الأجسام الفلكية الكبيرة المعروفه من آثار جاذبيتها أكبر كثيرًا من كتلة المادة المضيئة التي تؤلفها النجوم والغاز والغبار. وكان الفلكي الهولندي ياكوبوس كابتين أول من اقترح وجود المادة المظلمة باستخدام سرعات النجوم، وذلك في عام 1922.
 
كانت دورية "فيزيكال ريفيو ليترز" العلمية نشرت أخيرًا بحثًا شرح فيه مؤلفوه كيف تستطيع الأنظمة التي أضيفت أخيرًا إلى مصادم هادرون الكبير أن تقدّره على كشف جسيمات هي أبطأ حركة وأطول عمرًا من جسيمات أخرى ينتجها المصادم نفسه.
 
أما الفارق بين سرعة هذه الجسيمات وسرعة جسيمات أخرى فيُقاس بالثواني النانوية، فيكشفه المصادم. وسيكون أشد قدرة على التدقيق في هذا الفارق بفضل التطوير الذي يخضع له.
 
عملية التطوير
كان "سيرن" بدأ عملية تطوير مصادم هادرون الكبير بعد ست سنوات من تأكيده وجود "جسيم بوزون هيغز"، المعضلة التي حيّرت العلماء. فهذا الجسيم ذو أهمية كبرى لفهم تفاصيل متعلقة بالكون، فمهمته منح الجزيئات التي تشكل الذرات كتلتها. 
 
من دون هذه الكتلة، تنزلق الجزيئات بسرعة الضوء فلا يرتبط بعضها ببعض، وبالتالي لا تشكل الذرات التي تكوّن الكون بكل ما فيه، من الكواكب إلى المخلوقات كلها.
 
بحسب تقارير صحفية، تزيد عملية تطوير المصادم درجة سطوع الضوء في تجارب تحطيم البروتونات في داخل دائرته التي يبلغ طول محيطها 27 كيلومترًا، تحت الحدود السويسرية -  الفرنسية، ما يرفع عدد حالات تصادم الجسيمات عشرة اضعاف، وبذلك تتضح الصورة في عالم الجسيمات دون الذرية، ويستطيع العلماء اكتشاف جسيمات أخرى، والحصول على إجابات عن المادة المظلمة ونظرية الانفجار الكبير في بداية الكون.
 
تنتهي عملية تطوير المصادم في عام 2021، أي بعد استمرارها عشرة أعوام، وتبلغ ميزانيتها 950 مليون دولار.