1- يحاول البعض- هذه الأيام- تجديد فكرة الإلحاد، الذى ينكر وجود الله أو يرفض وجود الله.

2- فهناك من أنكر وجود الله مثل سارتر، ومن رفض وجود الله مثل ألبير كامى. ومعروف أن الإيمان بالله إيمان فطرى منذ الطفولة، فى داخل قلوبنا، إذ يقول سليمان الحكيم منذ القديم: «جَعَلَ (الله) الأَبَدِيَّةَ فى قَلْبِهِمِ، الَّتى بِدونهَا لاَ يُدْرِكُ الإِنْسَانُ الْعَمَلَ الَّذِى يَعْمَلُهُ اللَّهُ، مِنَ الْبِدَايَةِ إِلَى النِّهَايَةِ» (جا11:3). أى أن الإيمان بالأبدية والخلود، موجود فى قلب الإنسان منذ ولادته، كبذرة إلهية من الخالق، والإنسان ينميها أو يدمرها!

وهذه فكرة بسيطة عن بعض الشواهد على وجود إلهنا العظيم، الذى خلقنا من العدم!

أولاً: عقيدتنا فى وجود الله
نحن نؤمن بوجود الخالق العظيم، الذى يشهد له: العقل، والطبيعة، والضمير، والوجدان، والروح الإنسانية، والتاريخ.. لذلك

فحين ندرس تاريخ الجنس البشرى، نلمس وجود الله! ليس هذا فحسب، بل أدعوك عزيزى القارئ، لتعرف المزيد عن هذا الموضوع، فى الكلمات التالية، التى نذكر فيها 7 شواهد على وجود إلهنا العظيم، بحسب معطيات علمية وعقلية، وليست فقط إيمانية!

ثانيًا: عقيدة الشعوب فى وجود الله
الاعتقاد بوجود الله موجود عند جميع الشعوب، حتى عند الوثنيين فهم يؤمنون بالألوهية، ولكنهم يخطئون فى فهمهم: من هو الله...؟ بل وصل بهم الأمر إلى الإيمان بوجود آلهة كثيرين! وبعضهم آمن بوجود إله لكل صفة يعرفها من صفات الألوهية! وعرفوا أيضًا الصلاة التى يقدمونها لله، وما يقدمونه من ذبائح وقرابين.. لكن تعدد الآلهة يثبت أنها ليست آلهة، لأنها ستكون محدودة- وضعيفة وزائلة! فكل «إله» ينفى الآخر!.

ثالثًا: الإيمان بوجود الله إيمان فطرى
فالإيمان بالله مغروس حتى فى نفوس الأطفال. فإن حدثت الطفل عن الله، لا يقول لك: من هو؟ وإن قلت له: «لا تفعل هذا الأمر، أو افعل ذلك ليفرح بك الله» لا يجادلك فى هذا. إنه بفطرته يؤمن بوجود الله، ولا يهتز هذا الإيمان فى قلبه أو فى فكره، إلا بشكوك تأتى إليه من الخارج: إما كمحاربات من الشيطان، أو من أفكار الناس. وذلك حينما يكبر ويدخل فى سن الجدال والتمرد!

رابعًا: أسباب الإلحاد
للإلحاد أسباب كثيرة:

1- أسباب دينية: وذلك بسبب:

أ- الهجوم الشرس من الملحدين ضد الكتب المقدسة: ولذلك فمن لا يعرف إيمانه بعمق، قد يتأثر بهذه الأفكار.

ب- الأصدقاء وتأثيرهم: إذا كانوا ملحدين أو منحرفين، فالمنحرف لا يريد الله الذى يدين انحرافه لكى يستمر فى سلوكياته المنحرفة، التى ستؤذية، وتؤذى آخرين!

ج- الأحوال الاقتصادية: فالفقر الشديد يجعل الإنسان يتساءل: أين الله؟ والغنى والترف، يجعلان الإنسان يكتفى بالمادة والماديات!

د- نوع من «الموضة» والبحث عن كل ما هو غريب ومثير وملفت للنظر.

2- أسباب سياسية: ففى البلاد الشيوعية، كان سبب الإلحاد هو التربية السياسية الخاطئة، مع الضغط من جانب الحكومة، والخوف من جانب الشعب. فلما زال عامل الخوف، بزوال الضغط السياسى، دخل فى الإيمان عشرات الملايين فى روسيا ورومانيا وبولندا وغيرها. وأعلنوا إيمانهم الذى لم يكونوا يصرحون به، خوفًا من بطش حكوماتهم الملحدة.

خامسًا: أنواع الإلحاد
شاع فى العصر الحديث نوعان من الإلحاد هما:

1- الإلحاد الماركسى: وقد وصفه بعض الكتاب بأنه كان رفضًا لله، وليس إنكارًا لوجود الله. وذلك نتيجة لمشاكل اقتصادية، وبسبب الفقر الذى كان يرزح تحته كثيرون، بينما كان الأغنياء يعيشون فى حياة الرفاهية والبذخ،

لذلك أعتقد هؤلاء الملحدون أن الله يعيش فى برج عالٍ، لا يهتم بآلام الفقراء من الطبقة الكادحة! فنادوا بأن الدين هو أفيون للشعوب، يخدرهم حتى لا يشعروا بتعاسة حياتهم، وبضرورة تغييرها، وقد ثبت خطأ ذلك، حينما انتعش المؤمنون، ورفضوا الإلحاد، وأسقطوا الشيوعية.

2- إلحاد الوجوديين: الذين يريدون أن يتمتعوا بشهواتهم الخاطئة التى يمنعهم عنها التدين. حتى إن بعضهم قال:

«من الخير أن يكون الله غير موجود، لكى نوجد نحن»! أى لكى نشعر بوجودنا فى تحقيق شهواتنا!.

وهكذا سخروا من الصلاة الربانية بقولهم: «يا أبانا الذى فى السموات.. ابق فيها»!. وذلك ليبقى هو فى السماء، ويترك لهم الأرض! إذن ليس هذا اعتقادًا مبنيًا على أسس سليمة، إنما هو سعى وراء شهوات يريدون تحقيقها، ولا يوجد أدنى شك فى أنها شهوات تضر الإنسان، لخصها القديس يوحنا بقوله: كل ما فى العالم: 1- شهوة الجسد.. 2- شهوة العيون.. 3- تعظم المعيشة.

سادسًا: كيف نستوعب وجود الله؟ هناك حقائق أساسية...
1- نحن لا نستطيع أن ندرس أمرًا إلا بما يناسبه من وسائل، فالفكرة تحتاج إلى عقل يستوعبها، والمادة تحتاج إلى حواس تدرسها، لكن إلهنا العظيم هو روح خالد، لذلك لن نستطيع أن نستوعبه إلا بالروح. يلزمنا قلب مفتوح للخبرة الروحية، ونفس متضعة متعطشة للحق والقداسة، لندرك الله.

والسؤال هنا:

- هل يعقل أن ندرس الجغرافيا بحقائق علم الكيمياء؟! وهل يعقل أن نفحص الرياضيات بالميكرسكوب؟! والميكروبات بعلم الميكانيكا؟! إننا نخطئ كثيرًا إذ نتصور إمكانيه استيعاب أمور الخالق بالعقل والحواس، ليس الله فكرة لنستوعبه بالعقل، ولا مادة لنستوعبه بالحواس، بل هو روح نستوعبه بالروح.

2- غير أنه ليس هناك أدنى تعارض بين العقل والإيمان، ولكن بالإيمان يستنير العقل، فكلنا يعرف كلمة «أغسطينوس» الشهيرة: «أنا أؤمن لكى أتعقل» وبالأحرى تعبير القديس بولس الرسول: «بِالإِيمَانِ نَفْهَمُ أَنَّ الْعَالَمِينَ أُتْقِنَتْ بِكَلِمَةِ اللهِ» (عب 11: 2). أى أن الإيمان يجعلنا «نفهم» حقائق هامة مثل: وجود الخالق، وعمله فى الكون، وحفظه للخليقة والبشر..

- كل ما فى الأمر أن الإيمان هو المجهر، الذى تستخدمه عين العقل، لإدراك ما يفوق حدودها، وهو التليسكوب الذى يقرب للعين المجردة، ما لا تراه مع إنه موجود.

- ليس الإيمان كبتًا للعقل، ولا تحايلاً عليه، ولكن العقل المستنير بعمل الله، يستريح تمامًا لحقائق الإيمان،

كما تستريح العين المحدودة لحقائق علم البكتريولوجى، بعد أن تتعرف وتستعين بالميكروسكوب.

لذلك، فهل من شواهد علمية وعقلية تشهد لوجود إلهنا الخالق العظيم؟!! نعم..
نقلا عن المصري اليوم