د. مينا ملاك عازر
بينما يحاول محبي المناضل ومعيد الأمن للجزائر، الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة أن يدخلوه الانتخابات الجزائرية المقبلة، يحاول الأطباء إبقائه على قيد الحياة، وهذا هو الفارق بين من يعمل لأجل نفسه ومن يعمل لأجل غيره، فالأطباء يعملون لأجل مريضهم فيسعون لحياته، أما محبي الرجل يعملون لأجل أنفسهم فيسعون لحياتهم التي يؤمنها بقاءه على سدة الحكم.
 
أزمة معظم الديكتاتوريين حين يسلمون رؤوسهم لمنافقيهم فيستبدون ويستحيلوا لديكتاتوريين حتى ولو بدأوا صح، فيكملون خطأ لأنهم حينها لا يعملون لأجل أوطانهم لكن لأجل تخليد أسماء سواء كانت أسماءهم أو أسماء المحيطين بهم الذين يتملقونهم الذين يفسدونهم.
 
الرئيس الجزائري أعاد الأمن للجزائر، فليس من المعقول أن يطوق الجزائريين باقي حياهم بهذا الجميل ويبقونه وهو عضم في قفة على قمة السلطة.
آفة الحكام المستبدين أنهم يعشقون الكراسي حتى ولو كانت متحركة وغير ثابتة، فهم يرتاحون لمن يمجدهم ومن يساندهم ليطغوا ويطغوا، وحتى من يساندهم نفسه يسعد بطغيان هؤلاء المستبدين لا لشيء إلا لأنهم سيبقون من ورائهم يحركون العرائس من خلف الستار، ويدفعون الكرسي المتحرك نحو الهاوية وربما الوطن معه.
 
لا أحد ينكر فضل الرجل مطلقاً لكن في نفس الوقت لا أحد ينكر أن استمراره ليكافح من حوله مرضه، فيبقون فوق صدور الشعب، لا أحد يستطيع أن ينسى لبوتفليقة انقاذ الجزائر وإعادة واستتباب الامن للشارع الجزائري، لكن لن ينسى أحد له لو اختار عدم الترشح لكننا كلنا نعرف أن أمره ليس بيده، ولكن بيد من يدفع الكرسي المتحرك وهو من فوقه.
 
المؤسف حقاً، أن الكراسي المتحركة تحمل عظاماً لا ستر لها سوى رجال يعرفون أن تحولقهم حول هذا العظم يؤمن لهم البقاء في السلطة، وغياب هذا العظم لأي سبب سيعني تقاتلهم على من يجلس على الكرسي ولو كان متحركاً.
 
حب السلطة مفسدة كبيرة، ودعني أقول لك عزيزي القارئ، أن الفساد يبدأ من الرأس ومن يحرك الرأس الذيول خاصة إذا كانت مصابة بجلطة وخرس وشلل فالرأس تبدو تتحرك ولكن الحقيقة غير ذلك، الحقيقة أن الذيول تؤمن بقاءها وتسعى ألا تتقطع وتقص من الجذور مع سقوط الرأس.
 
ربما ينشر هذا المقال ويكون لله رأي آخر في الانتخابات الجزائرية برحيل الرجل، وربما هذا لن يحدث لا أعلم، لكن كل ما أعلمه أن لكل من يظن أن الدساتير يمكن أن تؤمن له البقاء على سدة السلطة مدى الحياة ينسى أنه لا يعرف ما هو مدى تلك الحياة التي يؤمنها له دستوره وقانونه، وأن ما يفعله لنفسه هو ليس له وإنما في الحقيقة لمن وراءه ولمن يدفعونه دفعاً لهذا.
 
المختصر المفيد إن ألف منافق يجلسون في ثنايا تاجك، رغم أنهم يشغلون هذا الحيز الضيق إلا أنهم يفسدون القطر كله.