هانى لبيب
ألقيت محاضرة بعنوان «أطفالنا الأحداث والعمل، وصغار المنحرفين» بالجامعة الأمريكية بالقاهرة فى عام 1927، وكانت تلك هى المرة الأولى التى تتم فيها مناقشة مثل تلك الموضوعات فى مصر، ورغم مرور ما يقرب من 100 سنة على تلك المحاضرة.. فما زالت قضية أطفال الشوارع أو الأطفال المعرضين لخطر أو الأطفال الذين يتخذون من الشارع مأوى لهم.. هى محط اهتمام وتساؤل ونقاش.. وأود أن أذكر هنا بعض الملاحظات عن تلك المشكلة بناء على الخبرة العملية، وهى:

- إن صدور القوانين والتشريعات.. لم تكن كافية بأى حال من الأحوال لمواجهة ظاهرة أطفال الشوارع.. لأننا فى نهاية المطاف نتجاوز القوانين ونتحايل عليها فى مجتمعنا. وبالتالى، فالأهم هو التطبيق العملى لتلك القوانين ومتابعة تنفيذها بحزم.

- ويترتب على ما سبق.. أهمية توفير التمويل اللازم لتنفيذ القوانين الصادرة مثل قانون التعليم الإلزامى ومجانية التعليم للقضاء فعلياً على ظاهرة التسرب من التعليم، ورفع كفاءة المدرسين بحيث يشعر كل تلميذ فى الفصل بأن له قيمة مضافة فى مدرسته، وهو ما يرتبط بشكل رئيسى بعدم استخدام العنف بكافة أشكاله.

- الاهتمام ببرامج التدريب المهنى التى تستقطب البعض من أجل إعداد متخصصين فنيين على درجة متقدمة من الدقة والإتقان بدلاً مما وصل إليه حال المهنيين فى مصر الآن.

- إن تجريم الوالدين فى حالة عدم إلحاق طفلهما بالتعليم هو أمر يتطابق مع كافة الحقوق الإنسانية بما فيها حقوق الطفل، وهو ما يساعد على تنشئة سليمة من جانب، وعلى رفع قدرات الطفل وأسرته وزيادة درجات وعيهم من جانب آخر.

- أعتقد أننا أصبحنا فى حاجة ماسة لإصدار قانون على أن يطبق ويدخل حيز التنفيذ بعد مرور سنة على إصداره بوقف كافة أشكال الدعم الذى تقدمه الدولة فى الصحة والتعليم والخدمات بدءاً من الطفل الثالث لكل أسرة، وذلك كمواجهة عملية لتلك الزيادة السكانية الرهيبة.

- إعادة النظر فى قوانين الأحوال الشخصية.. التى يتخذ منها البعض أسلوباً للتحايل، كما يتطلب ذلك أيضاً: تبنى المؤسسة الدينية المصرية لخطاب حقيقى وفعلى من القضية السكانية.. خاصة فى مسألة الحد من الإنجاب لمواجهة ظاهرة تلك الزيادة السنوية الضخمة فى تعداد السكان، وهو أمر يحتاج لاجتهاد دينى مستنير.

- تقديم الدعم اللازم لأطفال الشوارع من خلال المؤسسات المتخصصة فى ذلك، وليس بأسلوب منحهم الأموال.. كنوع من المساعدة.. لكى لا نساهم فى زيادة عدد المتسولين فى الشوارع، ولكى لا يتحول الأمر بالنسبة لهم بعد ذلك إلى حالة إجرامية من سرقة وعنف وغير ذلك.

- تبنى المجتمع.. خاصة فى المدارس لأطفال الشوارع، وإعادة دمجهم ضمن أقرانهم فى الفصول، وعدم عزلهم أو المطالبة بفصلهم لما يترتب على ذلك العزل من نتيجة عكسية.

نقطة ومن أول السطر..
مبادرة على غرار مبادرة «حياة كريمة» التى قدمت وجبات ساخنة للأطفال، بالإضافة إلى إنقاذ عدد من الأطفال وإيداعهم بدار رعاية متخصصة.. هى شكل عملى من أشكال مواجهة ظاهرة أطفال الشوارع التى تم التعامل معها بعد أن كانت على وشك التحول إلى مأساة إنسانية حقيقية.