سحر الجعارة
فى إقليم البنجاب الباكستانى، ذهبت الطفلة «زينب أنصارى»، ذات السبع سنوات، لتتلقى دروساً فى القرآن فى منزل مجاور لبيتها، بينما كان والداها يؤديان العمرة فى السعودية.. ثم اختفت! وبعد عدة أيام تم العثور على جثة «زينب» فى صندوق قمامة، بعدما تعرضت للاغتصاب من وحش بشرى، التهم طفولتها ولم تشفع لها براءتها، فانتهك «العذرية» كلها ممثلة فى جسدها الحريرى الذى مزّقه بشهوته المسعورة!

وهناك، فى يناير من عام 2018، وفى باكستان -وهى دولة إسلامية- خرجت المظاهرات فى كل مكان تطالب بالقصاص للطفلة «زينب».. وطالب رجل الدين «طاهر القادرى» فى جنازة «أنصارى» بحل الحكومة المحلية، قائلاً إنه «لم يعد لديهم الحق فى البقاء فى السلطة بعد مقتل زينب الأنصارى».

أما نحن فى بلد «الأزهر»، وحماة الدين والشرف والفضيلة من وكلاء الله على الأرض، فقد اعتدنا الصمت، وهذا «تواطؤ أخرس مع الجريمة»، فتكرار اغتصاب الأطفال، «من جانا إلى ريتاج وما بينهما» قتل فينا إنسانيتنا.. بل طعن إيماننا نفسه فى الإسلام الذى نعرفه!

أصبح لدينا «دين جديد»، دين غريب، يحلل تفخيذ الطفلة فى الثالثة من عمرها: (راجع فتاوى ياسر برهامى وأبوإسحق الحوينى)، ويحرض الشباب على هتك أعراض الأطفال، ويبرر للمهووسين جنسياً ممارسة البيدوفيليا (pedophilia)، أى التمتع الجنسى بالأطفال. نحن ننفرد بفتاوى تقديم الإناث قرباناً لشيطان الرغبة.. فلدينا عصابة من «فقهاء الجنس» تكسب قوتها من دمنا ولحم أطفالنا النيئ!

«ريتاج» طفلة تخطت عامها الثالث بعدة أشهر، تذهب إلى حضانة «أبناء الأزهر» بالمرج، يشرف عليها رجل يدّعى أنه شيخ(!!).. عادت فى اليوم الثانى لأمها من الحضانة تصرخ: «ماما، الشيخ عمل لى واوا هنا»، وأشارت إلى خانة بكارتها.. ملابس «ريتاج» ملوثة بدماء شرفها المراق باليد الآثمة التى اقتحمت موطن عفتها.. ومن المستشفى، الذى أكد فيه الأطباء للأم أن الطفلة تعرضت للاعتداء الجنسى، إلى قسم المرج، أصبحت «ريتاج» مجرد اسم فى بلاغ يحمل رقم «3459 جنايات المرج»!

لا تعرف «ريتاج» أن «الواوا» فى قاموس الجريمة تتراوح ما بين التحرش والاغتصاب، وأن الشيخ «بكر. أ»، الذى تعرفت عليه خلال عرضه فى النيابة، يعرف معنى «الشرف» الذى حاول أن يهدره بحثاً عن لذة مرضية وأوهام جنسية تسكن عقله المشوش.

لا تدرك «ريتاج» أنها «التفاحة المحرمة»، وأن بين فخذيها الجنة المشتهاة، وأن «الشيخ» (الذى أخلت النيابة سبيله على ذمة القضية لأنه صاحب سمعة حسنة) هو الذى يقف على المنبر مدافعاً عن «الأعراض» ويطنطن بأننا مجتمع «متدين بالفطرة»، وهو نفسه «الذئب» الذى تدفعه ميوله «السادية» إلى العبث بجهاز تناسلى لم ينضج بعد ليصبح محل إغراء أو مغناطيساً جاذباً للرغبة!

نعم يا ابنتى، كان لا بد أن يتهتك غشاء البكارة تماماً لنحاسبه قانوناً، أن يذبحك حتى نصرخ أو نبكى أو نتألم.. فنحن -يا صغيرتى- عاجزون، نركع لتراث عفن يجعلنا «فريسة» للذكور من بطون أمهاتنا حتى مماتنا.. نسمع فتاوى مفاخذة الصغيرة ومضاجعة المتوفاة والاتجار بالرقيق ونبتلع ألسنتنا خشية المشانق المعلقة على أسوار المدينة.. وظلمة الزنازين الضيقة!

كلنا مذنبون.. نبارك الخطيئة باسم «الستر»، ونقبل بغشاء بكارة مزيف!

كلنا منافقون.. نسجل أعلى نسبة فى جرائم الدفاع عن «الشرف»، ونفرّط فيه بفتوى.. كلنا جاهزون بكفن طاهر يغلف الجريمة ويزف «البكارة» إلى قبر مجهول، فى جنازة مهيبة تليق بمجتمع يختبئ خلف «ذقن أو نقاب» ليدارى ذنوبه حتى فى حق الإسلام.
نقلا عن الوطن