د. مينا ملاك عازر
في الثمانينات مرت البرازيل بأزمة اقتصادية طاحنة، فذهبت للاقتراض من صندوق النقد الدولي معتقدة أنه الحل لأزمتها الاقتصادية، وطبعاً طبقت حزمة الشروط المجحفة، مما أدى الى تسريح ملايين العمال وخفض أجور باقي العاملين والغاء الدعم، فانهار الاقتصاد البرازيلي، ووصل الأمر إلى تدخل دول أخرى في السياسات الداخلية للبرازيل، وفرض البنك الدولي على الدولة أن تضيف إلى دستورها مجموعة من المواد تسببت في اشتعال الأوضاع السياسية الداخلية.
 
ورغم استجابة البرازيل لكل الشروط تفاقمت الأزمة أكثر وأكثر، وأصبح 1في المئة فقط من البرازيليين يحصلون على نصف الدخل القومي، وهبط ملايين المواطنين تحت خط الفقر، الأمر الذي دفع قادة البرازيل إلى الاقتراض من الصندوق مرة أخرى، بواقع 5 مليارات دولار، معتقدين أنه الطريق للخروج من الأزمة فتدهورت الأمور أكثر، وأصبحت البرازيل الدولة الأكثر فساداً وطرداً للمهاجرين، والأكبر في معدل الجريمة وتعاطي المخدرات والديون في العالم، الدين العام تضاعف 9 مرات في 12 سنة، حتى هدد صندوق النقد بإعلان إفلاس البرازيل لو لم تسدد فوائد القروض، ورفض اقراضها أي مبلغ في نهاية 2002، وانهارت العملة والدولار وصل الى 11 الف كروز و الدولة كانت تحتضر بمعنى الكلمة.
 
حتى جاء عام 2003 وانتخب البرازيليون رئيسهم لولا دي سيلفا، ولد فقير وعانى بنفسه من الجوع وظلم الاعتقال، كان يعمل ماسح أحذية، أول ما مسك الحكم الكل خاف منه، رجال الأعمال قالوا هذا سوف يأخذ أموالنا ويأممنا، والفقراء قالوا هذا سوف يسرق كي يعوض الحرمان، لكنه لم يفعل لا هذا ولا ذاك، وإنما قال كلمته الشهيرة التقشف ليس أن افقر الجميع بل هو إن الدولة تستغنى عن كثير من الرفاهيات لدعم الفقراء، وقال كلمته الشهيرة لم ينجح أبداً صندوق النقد إلا في تدمير البلدان، واعتمد على أهل بلده ووضع بند في الموازنة العامة للدولة اسمه الإعانات الاجتماعية المباشرة وقيمته 0.5% من الناتج القومي للدولة، يصرف بصورة رواتب مالية مباشرة للأسر الفقيرة، يعني بدل الدعم العيني بدعم نقدي، وهذا الدعم كان يدفع ل 11 مليون أسرة تشمل 64 مليون برازيلي، هذا الدعم كان 735 دولاراً حوالي 13 الف جنية لكل أسرة شهرياً، طبعا السؤال من أين والبرازيل مفلسة ؟!
 
لإجابة هذا السؤال والمزيد حول التجربة البرازيلية وأشياء أخرى نلتقي المقال القادم بإذن الله.
 
المختصر المفيد قروض صندوق النقد الدولي تدمر البلدان.