CET 16:21:25 - 30/09/2010

مساحة رأي

بقلم: جرجس بشرى
 تعجبت أشد العجب من تصريحات الدكتور "مفيد شهاب" وزير الدولة للشئون القانونية والمجالس النيابية، والتي أطلقها مؤخرًا في اللقاء الذي نظمته "ساقية الصاوي" تحت عنوان: "الانتخابات التشريعية المقبلة"، والتي حذر فيها من خطورة  خلط  الدين بالسياسة والتوترات الدينية التي تحدث بين المصريين.

 حيث قال سيادته بالحرف الواحد -وفقـًا لما جاء بالخبر الصحفي المنشور بصحيفة "روزاليوسف" أمس الأربعاء، والذي جاء بعنوان: "شهاب: لن نسمح باشتعال حروب دينية في مصر"- قال إن ما حدث أمر خطير لم تشهده بلادنا من قبل، ويكفي وضع المواطنة في صدر الدستور لتكون جديرة بالتطبيق، ولن نسمح بحرب دينية يشعلها المتعصبون من الطرفين، وما حدث كارثة محزنة ومؤلمة، ويجب ألا يتسبب المتعصبون من الجانبين في احتقان طائفي، واحترام العقائد ضرورة، لأننا لن نتحول لدولة دينية تُفرق بين المسلم والمسيحي، وقوانيننا مدنية ولا نحتكم للشريعة إلا في الأحوال الشخصية، كما نرفض مخالفة القوانين لها، كما هاجم "شهاب" فكرة خلط الدين بالسياسة.

 أخيرًاً اعترف الدكتور "شهاب" بخطورة الدولة الدينية التي تفرق بين المسلم والمسيحي، ومن المثير للدهشة هو تأكيده على مدنية الدولة المصرية بقوله: "قوانيننا مدنية ولا نحتكم للشريعة إلا في الأحوال الشخصية"!!

 والسؤال الذي أريد طرحه على الدكتور "شهاب" -رئيس مجلس الشعب المُرتقب- هو: "إذا كانت الدولة الدينية تفرق بين المسلم والمسيحي، فبماذا تُسمى الدولة المصرية التي تمارس سياسات تمييزية ممنهجة ومفرطة تميز بين المسلمين والمسيحيين المصريين في المناصب السيادية والحساسة بالدولة؟؟

 فإن كانت الدولة الدينية تميز بين المسلمين والمسيحيين، فماذا يعني أنه لا يوجد بـ"مصر" رئيس جامعة مسيحي؟ وماذا يعني سوى وجود ثلاثة مسيحيين "أقباط" بمجلس الشعب من بين 454 عضوًا؟؟ من بينهم إثنتان معينتان بقرار من الرئيس؟! وماذا يعني حظر دخول كليات الشرطة على الأقباط إلا في حدود ضيقة جدًا؟! وماذا يعني احتكام الدولة نفسها إلى أحكام الشريعة الإسلامية في القرارات والقوانين التي تقوم بإصدارها؟

 ومن المفارقات أيضـًا أن الدكتور "مفيد شهاب" رغم تأكيده على مدنية الدولة، وقوله بـ"أننا لا نحتكم للشريعة الإسلامية إلا في الأحوال الشخصية"، إلا أنه قد تناسى أنه أكد في البرلمان على إسلامية الدولة المصرية، حيث قال عند مناقشة قانون الطفل في جلسة البرلمان المنعقدة في أول يونيو 2008م: "نحن بصدد إعداد قانون؛ وليست هناك أية حساسية إطلاقـًا أن نتحدث عن الشريعة الإسلامية، بل العكس هو الصحيح، أنه من المناسب أن نتحدث دائمـًا عنها، ومن الضروري ألا نقر أي نص فيه أي خروج على أحكام الشريعة الإسلامية، "إحنا عندنا حكم دستوري أسمى من أي قانون -مشيرًا للمادة الثانية من الدستور- والتي تنص على أن مبادئ الشريعة الإسلامية هي المصدر الرئيسي للتشريع".

 وأضاف أنه من الطبيعي ونحن نناقش إذا تبين أن هناك أي نص فيه خروج على أحكام الشريعة الإسلامية؛ فيجب ألا نوافق عليه بأي حالٍ من الأحوال!! ويبدو أيضـًا أن الدكتور "شهاب" قد تناسى تصريحات الرئيس "مبارك" نفسه -على هامش المؤتمر الدولي الثالث للسكان والتنمية عام 1994م- حينما صرح لصحيفة "مايو" عقب انتهاء المؤتمر قائلاً: من المستحيل أن توقع "مصر" أو توافق على شيئ مخالف للشريعة الإسلامية، وهي بلد "الأزهر الشريف"، وقد نقلت هذا التصريح الذي أدلى به الرئيس مجلة "الأزهر" في عددها الصادر في أكتوبر 1994م.

 وإن كنا في دولة مدنية -كما يدعي الدكتور "شهاب"- فأين حقوق البهائيين المصريين؟ والمتحولين من الإسلام إلى المسيحية؟ والذين تقاومهم الدولة بلا هوادة؟؟

 كنت أتمنى من الدكتور "مفيد شهاب" ألا تتضارب أراؤه؛ والتي اعتاد مسؤولون كبار في الحكومة على أن يقعوا فيها؛ فالحلول الصحيحة تأتي أولاً بالتوصيف الصحيح للداء والاعتراف بوجوده، ووضع الحلول الممكنة لعلاجه علاجـًا سليمـًا.

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع
شارك بآرائك وتعليقاتك ومناقشاتك في جروبنا على الفيس بوك أنقر هنا
أعرف مزيد من الأخبار فور حدوثها واشترك معانا في تويتر أنقر هنا
  قيم الموضوع:          
 

تقييم الموضوع: الأصوات المشاركة فى التقييم: ٧ صوت عدد التعليقات: ٣ تعليق