CET 00:00:00 - 05/07/2010

حوارات وتحقيقات

تحقيق: مادلين نادر- خاص الأقباط متحدون
تحدثنا من قبل عن مشكلات الأطفال ذوي الإعاقة في مجتمعنا، أو كما يصفهم البعض بـ "ذوي الإحتياجات الخاصة"، واليوم نتطرق إلى معاناة شباب وفتيات المعاقين.

حيث أنه –وللأسف الشديد- لا تجد مشكلات ذوي الإعاقة طريقها للحل في مرحلة الشباب؛ بل تصبح أكثر تعقيدًا، خاصة وأن مرحلة الشباب دائمًا ما تكون مليئه بالآمال والطموحات التي قد تجد طريقها لتتحقق على أرض الواقع، أو تنتهي بمجرد أن يحمل الشاب لقب "من ذوي الإعاقة"!!

بداية تحدثنا إلى بعض الفتيات والشباب من ذوي الإعاقات المختلفة؛ لنتعرف عن قرب على معاناتهم ومشكلاتهم الحياتية في هذه المرحلة العمرية.

"مريم" -طالبة بجامعة حلوان، وتستخدم كرسيًا متحركًا- تقول: "معاناتي بدأت منذ التقدم للالتحاق بالجامعة، حيث تقدمت في البداية للالتحاق بقسم "علم النفس" بكلية الآداب بجامعة القاهرة، ولكن طلبي هذا تم رفضه من قِبل إدارة الكلية، حيث قالوا لي أن هذا القسم يُعتبر من الأقسام العملية، وممنوع فيه قبول الأشخاص ذوي الإعاقة؛ على اعتبار أنه يحتاج للتدريب العملي بشكل مستمر طوال العام، ولا أعرف ما هي المشكلة في هذا.

لكني لم أجد حلاً أمامي سوى أن أحاول أن ألتحق بجامعة أخرى، حيث تم قبولي بجامعة حلوان في إحدى الكليات النظرية، وبالرغم من أنني من سكان "شبرا الخيمة"، إلا أنني تقدمت للالتحاق بالمدينة الجامعية بسبب صعوبة استخدامي المواصلات العامة كل يوم، خاصة وأن المدينة الجامعية بجامعة حلوان تقع داخل الحرم الجامعي نفسه، كما يوجد مبنى بالمدن الجامعية مُجهز وبه ممرات لاستخدام الكراسي المتحركة فيه بسهوله.

أما "أيمن" -شاب من الصم وضعاف السمع- تحدث إلينا من خلال شقيقه، فيقول:  الصم والبكم في مصر مشاكلهم كثيرة جدًا، ولا يستطيعون الحصول على حقوقهم –ولو البسيطة- كباقي ذوي الإعاقات المختلفة، فحتى وقتنا الحالي لا يوجد للصم مكانًا في التعليم الجامعي؛ فهو غير متاح لهم على عكس ذوي الإعاقات الأخرى، فالمعاقون حركيًا أو بصريًا لهم مكان داخل الجامعات، أما نحن فلا يُسمح لنا بذلك؛ بالإضافة إلى أن مدارس الصم في مجتمعنا يكون مستواها التعليمي سيىء للغاية.

فعادة ما يتخرج فيها الطلاب وقد لا يستطيعون القراءة والكتابة بشكل جيد!! وبالتالي لا توجد لدينا فرص عمل مناسبة بسبب المستوى التعليمي الذي نحصل عليه قهرًا وليس برغبتنا، و بالتالي.. إذا وُجدت فرصة عمل؛ فستكون غالبًا في أعمال النظافة أو ما شابه فقط.

وهذا الأمر أيضًا ينعكس على تنمية ورعاية مواهبنا الفنية، فلا يوجد من يهتم برعايتنا، فالمعاقون حركيًا أو ذهنيًا يجدون مَنْ يساعدهم على تنمية مواهبهم وإقامة المعارض الفنية لهم، ومساعدتهم على الاشتراك في المسابقات المحلية والعالمية، أما نحن فلا مكان لنا في هذه المجالات.

"داليا" -طالبة جامعية لديها إعاقة بصرية- تقول: المعاقون في مجتمعنا يواجهون مشاكل وصعوبات كثيرة، وخاصة إذا كن من الفتيات، فبالرغم من أنني اجتهدت للالتحاق بالجامعة، إلا أنني بين الحين والأخر أسمع همهمات وتعليقات من حولي حينما يجدونني أعاني في طريقي للجامعة والمواصلات بشكل كبير، فيقولون: "إيه اللي تاعبها ومبهدلها كده؟؟ يعني في الآخر هتعمل إيه بكل ده؟؟ ما هي مش هتقدر تشتغل وهتقعد في البيت، هي دي آخرتها"، وكلام شبيه بذلك كثيرًا، ولكنني لا أجعل مثل هذا الكلام يعرقلني عن تحقيق أهدافي.

وأضافت أن هناك مشكلة أخرى كبيرة تعترضني في دراستي بالجامعة، حيث لا تتم مراعاة ظروفنا الخاصة فيما يتعلق بالكتب الجامعية، حيث يتم إصدارها وحصولنا عليها قبل الامتحانات بأيام قليلة، وذلك الأمر يسبب لي مشكلة، حيث أننى أحتاج وقتًا أكبر حتى يقوم أحد بمساعدتي وقراءتها لي، ومن ثَم أقوم أنا بكتابه بعض الملخصات بطريقة "برايل"، لأستطيع مراجعتها فيما بعد وأذاكرها، ولكن حينما تصدر الكتب قبل الامتحانات بأيام قليلة؛ لا تُتاح لي الفرصة لعمل ذلك، و لكنني لا أستسلم أيضًا وأحاول الاستذكار بمساعدة الأخرين، والتركيز في المحاضرات وكتابة الملاحظات بطريقة "برايل".

"عادل" -شاب حاصل على دبلوم تجارة منذ 2002م، ولديه إعاقة حركية- يقول:   لدي إعاقة حركية "شلل بالقدم اليسرى"، ولا يؤثر ذلك على قدراتي في العمل، ولكنني بالرغم من ذلك، إلا أنني منذ ان حصلت على الدبلوم منذ 8 سنوات؛ أواجه مشكلة في الحصول على العمل.

فبالنسبة للعمل في القطاع الحكومي، فقد تقدمت للحصول على فرصة عمل ضمن نسبة الـ 5% التي يقرها قانون تأهيل المعوقين رقم 39 لسنة 1975، والمعدل بالقانون رقم 42 لسنة 1982؛ بتشغيل ذوي الإعاقة بهذه النسبة، إلا أن مكتب القوى العاملة حتى الآن لم يقم بتوجيهي إلى أية جهة للعمل، وبالرغم من ذلك؛ فإنني أحاول دائمًا البحث عن أية فرصة عمل، ولكن إذا حصلت عليها؛ فبعد أن أعمل بها أجد صاحب العمل حينما يأتي إليه أي شخص أخر للعمل معه؛ فإنه يفضله عليّ، لا لشيىء سوى أنه لا توجد لديه إعاقة مثلي.

وبسبب ذلك.. فإنني عملت في أكثر من مكان ولم أستقر بعد في أي منهم؛ بسبب نظرة أصحاب العمل للمعوقين، وتخوفهم الدائم من أن الإعاقة من الممكن أن تؤثر على أداء العمل فيما بعد؛ فيخشون أن يقوموا بتدريبي على العمل معهم وبعد ذلك لا أستطيع أن أستكمل العمل معهم.

حول حقوق المعاقين تقول الدكتورة "هبه هجرس" -استشارية دولية في مجال الإعاقة، وعضو بالمنظمة العربية للأشخاص المعاقين- أن الأشخاص ذوي الإعاقة -وخاصة مَنْ هم في مرحلة الشباب- لديهم الكثير من الآمال والطموحات التي يريدون تحقيقها، وكذلك الكثير من الحقوق التي يطالبون بالحصول عليها، سواء على المستوى الاجتماعي أو الصحي أو حتى على المستوى النفسي فيما يتعلق بتقبل المجتمع لهم.

ولكن –وللأسف- يصطدمون بواقع مغاير لطموحاتهم وآمالهم، خاصة في محافظات صعيد مصر، حيث لا يوجد مجال كبير لإلحاقهم بالتعليم كما هو الحال في القاهرة ومحافظات الوجه البحري.

كذلك هناك مشكلات أكثر فيما يتعلق بحصولهم على فرص العمل ..الخ، ولكن مع ذلك.. فهناك بعض المبادرات في الفترة الأخيرة تحاول تأهيل الأشخاص المعاقين للحصول على فرص عمل مناسبة، و كذلك الاهتمام بهم في المراحل التعليمية المختلفة، وأعتقد أن مثل هذه المبادرات التي تقوم بها بعض الجهات الأهلية بدأت تسهم في علاج بعض المشكلات وتحقيق -ولو جزء من طموحات هؤلاء الشباب- ولكننا لا نستطيع أن ننكر أن هذه المبادرات مجرد بدايات تحتاج للمزيد لحصول ذوي الإعاقة على حقوقهم، وتفعيل القوانيين والتشريعات المتعلقة بذلك في مجتمعنا.

شارك بآرائك وتعليقاتك ومناقشاتك في جروبنا على الفيس بوك أنقر هنا
أعرف مزيد من الأخبار فور حدوثها واشترك معانا في تويتر أنقر هنا
  قيم الموضوع:          
 

تقييم الموضوع: الأصوات المشاركة فى التقييم: ٧ صوت عدد التعليقات: ١ تعليق