CET 09:44:35 - 01/04/2009

مقالات مختارة

بقلم / خالد منتصر

كم نحن قساة، كم نحن جلادون، كلمات وتساؤلات داهمتنى بعد حوارى مع د.هشام عيسى، طبيب عبد الحليم الخاص وصديقه الحميم، كيف اتهم البعض حليم بأنه كان يتاجر بمرضه لكسب المزيد من التعاطف وجذب المعجبات والمعجبين؟!!.
حكى لى د.هشام قصة أول نزيف بعد فيلم بنات اليوم، وإدراكه لأول مرة أنه مطلوب للرحيل فى أى لحظة، وبأنه قد يموت فى أى هجمة نزيف مباغت من دوالى المرىء، عندما يندفع خرطوم الدم فى أشهر كلمة مصرية..... أووووع، مشهد القىء الدراكولى البشع الذى كان يقف أمامه د. هشام عاجزاً لا يملك إلا نقل زجاجات الدم وأحياناً لايملك إلا البكاء، بروفة موت على مسرح الحياة كانت تؤدى طقوسها أمام عينيه بلا سابق إنذار.

دمعت عينا د.هشام وهو يحكى قصة النزيف الذى حدث فى المغرب، نافورة دم فى الرابعة صباحاً بعد حفلة غنائية رقص فيها المغاربة، وللأسف كانت رقصة على جسد مذبوح، غنت الحنجرة ونزف وبكى الكبد المقروح المجروح، نزف حليم دمه كله مرتين تقريباً.
 وكلما حاول د.هشام التعويض بزجاجات الدم، تبخرت فى النزيف المستمر، خمس عشرة زجاجة دم أى سبعة لترات ونصف اللتر حقن بها عبدالحليم الذى كان قد زاره فيروس «بى» ضيفاً ثقيلاً على كبد نهشته البلهارسيا، ولكن كيف انتقل إليه الفيروس؟

كان حليم فى الإسكندرية مع د.هشام عيسى فى ٢٨ سبتمبر ١٩٧٠، استمع إلى نبأ وفاة عبدالناصر، رحل أبوه الروحى، ومن جسد حلمه غناء، طلبت القوات المسلحة هشام عيسى للطوارئ، فسافر، وفى ظل اكتئاب وحزن حليم انتقل إلى مستشفى المواساة، ونقل إليه زجاجة دم ملوثة بالفيروس، وبدأت رحلة افتراس باقى الكبد المحتضر، وبدأت السموم التى لم يصفها الكبد تصعد إلى المخ، مما أثر على درجة تركيزه، فتاهت منه بعض كلمات الأغنيات، ووقتها اتهمه البعض بأنه ينسى أغانيه لأنه مهمل ومغرور!!

هنا كانت الكارثة فيروس يدمر خلايا الكبد ومعها عوامل التجلط فلا يتمكن الجسد النحيل من وقف النزيف، وبلهارسيا تضغط على وريد الكبد فيتحول المسار إلى المرىء ويبدأ النزف، لم يفلح المستشفى المتنقل الذى كان هشام عيسى يحمله فى رحلاته مع عبدالحليم، لم يفلح المتطوعون الذين كان يبحث عنهم د. هشام مع كل بركان دم يتفجر من مرىء العندليب، لم يفلح لقب الأول الذى كان يتمتع به عبدالحليم فى إنقاذه، الأول فى الغناء، أول من أجرى عملية تانر فى العالم العربى، وأول من حقن الدوالى أيضاً، كان جدار جهازه الهضمى رقيقاً كمشاعره، دخلت الأنبوبة فى لندن لتوقف النزيف فخدشته وتسببت فى مزيد من النزف، لم يستطع جسده مقاومة الإنهاك والانتهاك، فودعنا الموعود بالعذاب، والموعود بالقسوة أيضاً.
نقلا عن المصري اليوم

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع
شارك بآرائك وتعليقاتك ومناقشاتك في جروبنا على الفيس بوك أنقر هنا
أعرف مزيد من الأخبار فور حدوثها واشترك معانا في تويتر أنقر هنا
  قيم الموضوع:          
 

تقييم الموضوع: الأصوات المشاركة فى التقييم: ١ صوت عدد التعليقات: ٢ تعليق

خيارات

فهرس القسم
اطبع الصفحة
ارسل لصديق
اضف للمفضلة

جديد الموقع