CET 00:00:00 - 07/06/2009

مساحة رأي

بقلم: مادونا شاكر
كانت للكتيبة الطيبية السبق في مقابلة نادرة مع "رامي عاطف" المتهم بقتل المسلم "أحمد صلاح" بالأميرية، وفي هذا اللقاء تكشّفت أمور كثيرة لم يتم إزاحة الستار عنها من قبل بل أتضح أن الأمن عمل جاهدًا لتظل طي الكتمان.. لكي ما يُحكَم على رامي بالإعدام إرضاءً للرأي العام والذي يرى في مقتل مسلم على يد مسيحي جريمة شنعاء إنما العكس صحيح.. دون محاكمة عادلة تناقش حيثيات القضية وملابساتها ودوافع القاتل النفسية والجو المحيط به وقت ارتكاب الجريمة.
حقيقةً أحزنني الظلم الذي يحيق برامي وعدم حصوله على أبسط حقوقه الإنسانية وهي حرية الدفاع عن نفسه.. وحركني إحساسي بمن في وضعه كي أكتب عنه وأصرخ معه وأنادي بالعدل لأنه كان ممنوعًا من الكلام على حد قوله ولكن ها هو يتكلم بعد صمت طويل في لقاءه بمراسلي الكتيبة الطيبية.

ويدلي بما يعتمل في قلبه ومشاعره المكتومة قائلاً: (عاوز أقول لكل الدنيا إنني مظلوم طلبت أكثر من مرة أن أقابل أختي (زوجة القتيل) وألتمست من المركز القومي لحقوق الإنسان مقابلتها غير أن التماسي قوبل بالرفض التام وكان رد الفعل هو استدعاء أفراد أسرتي من قِبل مباحث أمن الدولة وضربهم بسبب هذا الطلب).. وأضاف قائلاً عن مريم أخته: (بعد أن أشهرت إسلامها أقيمت الأفراح على شرفها إمعانًا في إذلال أسرتي... إنني غير نادم على شيء سوى أني لم أستطع أن أخلص أختي... أريد الخروج فقط من أجل أمي).
أدلىَ رامي بتفاصيل كثيرة ومهمة عن الحادث فقال: أن القتيل وهو مدمن وتاجر للمخدرات غرر بأخته مريم فحملت منه سفاحًا.. فما كان منه إلا أن جعلها تشهر إسلامها حتى يتزوجها وبعد ستة أشهر فقط من زواجهم وضعت طفلتها نور، وبعد الزواج انقلبت حياتها إلى جحيم فكانت دائمة الشكوى لأمها.. فانقلبت بدورها حياة الأسرة المكلومة في أبنتها حيث أصيبت الأم بحالة نفسية من بُعد أبنتها عنها وضياعها وسكنها قبالتها ومشاهدتها لها بشكل يومي لكنها لا تستطيع فعل شيء لها.

ضاع مستقبل رامي بعد أن قدم استقالته كرئيس لمركز النظم والمعلومات برئاسة الجمهورية ليعمل بتجارة الفاكهة والخضروات ليكسب قوت يومه حيث أنه العائل الوحيد لأسرته، ولكن في يوم من الأيام وبعد مرور سنتان على زواج أخته قرر رامي أن يُخلصها من هذا الجحيم ومن هذا الوضع الشاذ وينتقم لشرفه، فصعد إلى منزل القتيل وعلى سلالم المنزل ألتقى بأحمد فقامت بينهم مشاجرة عنيفة شهدتها أخته مريم والتي كانت تحمل طفلتها، فأطلق رامي عدة طلقات عشوائية أودت بحياة أحمد وأصابت أخته التي بترت ذراعها فيما بعد وأصيبت الطفلة نور ببعض الشظايا المتناثرة.
هرب رامي بعدها ليومين فقط ولكنه سرعان ما عاد لرشده وسلّم نفسه يوم 8 / 10 / 2008 حتى تأخذ العدالة مجراها كإنسان مسيحي لديه ضمير يتوسم العدل في القضاء المصري، هذا ما أعتقده وما ظنه لحظتها! لكن تم القبض على عمه أيضًا معه وتم اتهامه بمشاركة رامي تنفيذ جريمته رغم أنه لم يكن موجود معه أثناء الحادث وأن رامي هو مَن نفذ فعلته بمفرده، لكن ما عاشه رامي بعد القبض عليه من معاملة غير آدمية داخل السجن وفرضهم عليه الحظر حتى بعدم الكلام وتزوريهم في تقرير القبض عليه وتقرير الطب الشرعي للقتيل والذي نفى وجود أي مواد مخدرة بدمائه على الرغم من أنه كان مدمن للمخدرات ويتاجر بها هو وعائلته.

أُثبت لرامي أن النية كانت مبيتة حقًا لإعدامه وأنه في طريقه إلى حبل المشنقة بالإضافة إلى رفض أهل القتيل الصلح والدية من أهل رامي والتصميم على الأخذ بثأر ابنهم أو إعدام رامي طبعًا على عكس ما يحدث معنا دائماً من تنازلنا عن حقوقنا بقبول صلح المصاطب الذي يعطي الفرصة أكثر لعدالة المحروسة بالاستهانة بحقوقنا القانونية ومن ثم إهدارها بل وضياعها بالكامل.
لا أخفي عليكم بأنه لم يستوعب عقلي هذه المرة أيضًا وكالعادة ما يحدث معنا، وقارنت ما يحدث لرامي القبطي المتهم بقتل الشاب المسلم وما حدث لـ "خميس عيد" قاتل الشاب ميلاد بقرية دفش محافظة المنيا والذي تربص بالقتيل وانهال عليه طعنًا بالسكين هو وآخرين بحجة أن القتيل كان يراقب حريم بيته وعندما حوكم لم يُسجَن يومًا واحدًا وإنما أخذ براءة (علمًا بأن القتيل كان إنسانًا وليس معزة أو خروف مثلاً). وكذلك الشاب "يشوع" بقرية الطيبة الذي قُتل ولم يُسجَن القاتل يومًا واحدًا حتى بعد أن تنازل والد القتيل

عن حقه المدني وقبل أكفان أهل القاتل من خلال قعدة العرب المصطبية التي أضاعت جميع حقوقه مقابل لا شيء.. تصوروا لا شيء!!
في نهاية حديثي أهيب بالسيد وزير العدل بالمحروسة إذا كان مازال هناك بصيص من أمل.. ويوجد من يريد إقامة عدل ومساواة بين المواطنين جميعًا بضمير حي أن يأمر بمحاكمة رامي بناءً على حيثيات القضية والظروف المحيطة به وقتها ودوافعه للقتل والتي كانت دفاعًا عن الشرف.. وليس من منظور طائفي متعصب لأنه قبطي قتل مسلم.
فهناك مئات من الأقباط الذين قُتلوا وحُكم على قاتليهم بالبراءة وضاعت دماء هؤلاء الأقباط هدر.. فهل تستقيم عدالتنا هذه المرة وتحكم بعدل الله على رامي أم ستحكم بعدل الشيطان؟!
رامي الرب معك لن يتركك تشدد وتشجع ونحن معك بقلوبنا نصلي من أجلك.. وبأقلامنا نكتب ما تمليه علينا ضمائرنا لكي يسود العدل بين الجميع... وأرجو من الشباب القبطي أن يتبنى قضية رامي وقضية أبونا متاؤوس من خلال مدوناته وكتاباته على الإنترنت ولا يصمتوا إلى أن يستقيم العدل.. شكرًا لكم. 

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع
شارك بآرائك وتعليقاتك ومناقشاتك في جروبنا على الفيس بوك أنقر هنا
أعرف مزيد من الأخبار فور حدوثها واشترك معانا في تويتر أنقر هنا
  قيم الموضوع:          
 

تقييم الموضوع: الأصوات المشاركة فى التقييم: ١١ صوت عدد التعليقات: ٣٥ تعليق