CET 09:44:50 - 23/03/2009

مساحة رأي

بقلم- جرجس بشرى
إنني من المؤيدين بقوة للرأي القائل بأن الأشخاص هم الذين يصنعون التاريخ، وليس التاريخ هو الذي يصنع الأشخاص، وذلك لسبب بسيط جداً وهو أن التاريخ نفسه مُرتبط بأشخاص مُعينين وضعوا على عاتقهم تغيير وتحريك مجرى الأحداث.

فالحدث التاريخي أصلاً مُرتبط إرتباطاً شديداً بأشخاص مُعينيّن، ولو نظرنا إلى القضية القبطية المصرية في العصر الحديث، سنجد أنها ترتبط إرتباطاً وثيقاً وحيوياً بشخصية متميزة وفريدة من نوعها، وهي شخصية المهندس المصري عدلي أبادير يوسف، هذا الشخص الذي تم إضطهاده دينياً في مصر.. بلده وموطنه وموطن أجداده الفراعنة! لدرجة أن هاجر إلى خارجها، ولكنه مع ذلك ظل مُرتبطاً بها روحياً إلى هذه اللحظة، سافر عدلي أبادير هارباً بجلده من بلده بسبب الإضطهاد (كما قال ذلك بنفسه)، ورغم ذلك حمل مصر في قلبه ولم ينفصل قط عن همومها وأوجاعها  وأوجاع المسيحيين إخوته في الداخل، الذين ما زالوا يعانون إلى يومنا هذا من صور لا إنسانية من الإضطهاد والإستبعاد على أساس ديني من قبل الحكومات المصرية المتتالية.

ودعونا نقولها صراحة، لولا كفاح ونضال أبادير لرفع الظُلم والقهر عن المسيحيين المصريين ما كانت القضية القبطية المسيحية تبؤات هذا الإنتشار على مستوى المحافل الدولية، فلقد كانت القضية مجهولة ومُتجاهَلَة في مصر، وإستطاع عدلي أبادير أن يُخرجها ببراعة يحسدُه عليها كثيرين من دائرة المجهول إلى الصعيد الدولي دون خوف، لدرجة أن إرتبط إسم عدلي أبادير بالقضية القبطية!

لدرجة أن أصبح أبادير نفسه قدوة عظيمة لأخرين من النُشطاء المسيحيين للإقتداء به وتتبُع خُطاه، فهو بحق مدرسة تعلم منها الكثيرين كيفية الدفاع عن الحق في مواجهة قوى القهر والظُلم والإستعباد بكل شرف ونزاهة وثبات على المبدأ.

لقد هاجمت قوى الشر هذا الرجل وإتهموه بالعمالة والإستقواء بالخارج، خاصة بعد المؤتمر الدولي الأول عن الأقباط الذي إنعقد برئاسته في مدينة زيورخ في ديسمبر عام 2004، والذي إنصَبت قراراته على رفع الإضطهاد والظلم والتهميش عن المسيحيين المصريين، ومع كم الهجوم الشديد لم يخف ولم يهتز عن مبادئه وقناعاته المُتمثلة في أن القضية القبطية هي قضية إنسانية في الأساس، كما أنها قضية حياة أو موت، وهي قضية مصير في النهاية، وقد أعلن أبادير وأفصح كثيراً عن ثباته  وصموده وعدم تراجُعه عن الإستمرار في هذا الطريق الملئ بالأشواك وأنه ماض فيه إلى النهاية، ومهما كلفه هذا الأمر من أعباء حتى ولو كلفه حياته.

ولقد صرح في إحدى المرات قائلاً "لا أخشى من التصفية الجسدية، واُسلم حياتي بين يدي الله، وإن ذهبت سيأتي من بعدي ألف عدلي أبادير"!!

فلقد كان مؤتمر زيورخ 2004 بقيادة أبادير، بداية عهد جديد للقضية القبطية، وإنطلاقا لميلاد مُنظمات حقوقية قبطية جديدة في الخارج، لفضح مُمارسات الحكومة المصرية ضد المسيحيين المصريين على الملأ، بعد أن غضت هذه الحكومات البصر وأغلقت الأذان عن مطالب وتأوهات المسيحيين المصريين المشروعة والعادلة  في بلدهم مصر!

إنني أطالب المنظمات القبطية لحقوق الإنسان في الخارج بتخصيص جائزة تحمل إسم هذا الرجل العظيم، تُعطى لمن لهم مُساهمات وإنجازات تتعلق بالقضية القبطية، فهذه الجائزة تحمل معها ذكرى وكفاح ونضال   عدلى أبادير الطيبة من أجل القضية التي كرّسَ لها كثيراً من وقته وجهده وعرقه وماله، فهذه الجائزة تُعتبر شرفاً كبيراً لكل من سيحظى بها.

وأتمنى أن يتم تشكيل فريق من عدة منظمات حقوقية قبطية لإدارة هذه الجائزة على أن يُقام إحتفالاً بتسليمها لمن يستحقونها في 23 ديسمبر من كل عام، وهو تاريخ بدء إنعقاد مؤتمر زيورخ في سويسرا، فهذا التاريخ المهم يرمز إلى بدء خروج القضية من المجهول إلى العالمية، بقيادة زعيم أقباط المهجر ورائد الحركة القبطية عدلي أبادير.

كما أن إقتران هذه الجائزة بإسمه ستؤكد لكل مسيحي ومصري وطني في المُستقبل أن عدلي إبادير ما زال معهم، إننا نطلب من الله أن يُعطي هذا الرجل وافر الصحة والعافية وأن يُطيل لنا حياته.

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع
شارك بآرائك وتعليقاتك ومناقشاتك في جروبنا على الفيس بوك أنقر هنا
أعرف مزيد من الأخبار فور حدوثها واشترك معانا في تويتر أنقر هنا
  قيم الموضوع:          
 

تقييم الموضوع: الأصوات المشاركة فى التقييم: ١١ صوت عدد التعليقات: ١١ تعليق