CET 00:00:00 - 18/03/2009

المصري افندي

بقلم- جرجس بشرى
من الطبيعي جداًَ أن الله خلق للإنسان عقلاً ليستخدمه، لا أن يركنه أو يلغيه ويُجمده ويجعله رهناً وطوعاً للآخرين يعبثون به ويلقون فيه ما يريدون.
انني أعتقد إعتقاداً يقينياً لا يساوره شبه شك ان تغيير الفكر يساوي تغيير حياة  أو بمعنى أدق وأوضح شمولاً تغيير مصير! وأؤمن كذلك أن حالة الجمود والتخلف والبلادة الفكرية التي تنتاب قطاعاً عريضاً من الشعب المصري ما هي إلا نتيجة طبيعية وعادية ــ عادية جداً ــ لإستسلام  قطاعات عريضة من شعوبنا العربية والشرق أوسطية لمجموعة من الموروثات والعادات والأفكار القديمة التي تؤخرنا على طول الخط  بل أن الكارثة الكُبرى بجد هي أن هناك من يؤمنون بالخرافات والموروثات والأمثال الشعبية القديمة إيماناً يصل إلى درجة اليقين، ولكن أكون مُبالغاً إذا قلت إيماناً قد يتفوق على الإيمان بالعقيدة الدينية نفسها!!
فكثيرين من الناس ما زالوا مُعتقدين بالمثل القائل "إصرف ما في الجيب يأتيك ما في الغيب"!  يؤمنون بذلك والخبراء الإقتصاديين  على مستوى العالم كله يُحذر من تداعيات أزمة إقتصادية تجتاح عالمنا مُطالبين بترشيد الإنفاق، وهناك أيضاً  نفر من الناس ليس بقليل ما زالوا يؤمنون بالمثل القائل "إجري جري الوحوش غير رزقك ما تحوش" وكأن الرزق والعمل  والوظيفة يُعطيها الله للكسالى النائمين وغير المجتهدين!! والأغرب أن هناك أن هناك ما زالوا عبيداً للمثل القائل "اُخطب لبنتك ولا تُخطُبش لإبنك"!! وكأنه عار على الرجل أن يخطب لإبنه وعليه فقط أن يخضع للمثل لئلا يذهب إلى الجحيم!!
والأخطر من ذلك أن هناك من يستخدمون الأيات الكتابية سواء الإسلامية أو المسيحية ويؤمنون إيماناً يقينياً بأنه لا يجب أبداً الذهاب للطبيب، لأن الله وحده هو الشافي، كما علمتنا الأديان، فهناك آية في الكتاب المقدس تقول "أنا الرب شافيك" وأية آخرى في القرآن تقول "وإذا مرضت فهو يشفيني" فلا يذهبون إلى الطبيب طالبين العلاج بحجة أن الدين يُعلمهم ذلك، مع أنهم لو دققوا في الدين سيجدون أن الأديان جميعها تحض على الذهاب إلى الطبيب عند المرض.
والكارثة أن هؤلاء الذين كانوا يؤمنون بعدم الذهاب للطبيب ويتركون أنفسهم فريسة للمرض، عندما يشتد بهم المرض ويتقدم تجدهم هم أنفسهم الذين يسارعون بالذهاب للطبيب!!
وقس على ذلك أيضاًَ بالموروثات والعادات القديمة التي تمكنت من مصرنا  وأصبحت تقود الناس مثل عادة الأخذ بالثأر وختان الإناث ودخول القابلة "الداية" مع العروسين ليلة الدُخلة وما يُصاحب ذلك من إهانة غير مقبولة لنفسية العروسة!
وكذلك عدم القبول بالمخترعات والإنجازات الجديدة بحجة أنها ضد الدين، وكأنه مكتوب على الناس أن لا يخترعوا أو يتقدموا مع أن الدين نفسه أيضاً مع العقل ومع تقدُم البشرية والإنسانية وليس ضدها، والسؤال هنا: إلى متى يظل شعبنا تحت عبودية هذه الموروثات والتقاليد والعادات التي بلغت من مصرنا مبلغاًَ لا يمكن السكوت عنه؟
إن العالم اليوم يتكلم عن الفضاء ويريد أن يجد له فيه موطئاً لقدم ونحن ما زلنا نعاني من افكار متخلفة  تقودنا ــ وهي كذلك الآن ــ إلى عصور الجهل والظلام.
ان االدور الآن يقع على كاهل الإعلام الحر  لكي يغير من عقلية شعبنا ويُخلصه من عبودية وأسر هذه العادات والموروثات البالية حتى يمكن أن نلحق بركب العالم ــ إذا كان ذلك ما زال ممكناً ــ لأن تغيير الفكر في النهاية ما هو إلا تغيير حياة.. أقصد تغيير مصير

 

شارك بآرائك وتعليقاتك ومناقشاتك في جروبنا على الفيس بوك أنقر هنا
أعرف مزيد من الأخبار فور حدوثها واشترك معانا في تويتر أنقر هنا
  قيم الموضوع:          
 

تقييم الموضوع: الأصوات المشاركة فى التقييم: ٤ صوت عدد التعليقات: ٤ تعليق