CET 00:00:00 - 17/03/2009

مساحة رأي

بقلم: سعاد إبراهيم
في أواسط شهور الربيع, رحلة نظمتها إحدى الهيئات عن طريق شركة سياحية, لقضاء خمسة أيام جولة حول مدن البحر المتوسط كان منهم عيد القيامة ويوم الربيع.
إشتركت في هذه الرحلة بالصدفة عن طريق زميلة لي في العمل, أصبحنا أصدقاء جداًَ  بالرغم أنني كنت حديثة العمل معها, فقد لاحظت الكثير من الأوقات أن الدموع تنهمر من عيوني, أخذتني في حضنها ومرة واحدة أفصحت لها كل شيء عن نفسي, وسألتها أن لا تخبر أحداً لكنها صرحت لي بأنها لازم تشرك زوجها أيضاًَ, فهي لا تستطيع أن تخبيء شيئاًَ عنه وهذا حقها.

وجاء يوم الرحيل من ميناء الإسكندرية, وأخذ مشرف الرحلة يقوم بعمله, وفي اثناء ذلك أقبل علينا شخص ذو لون أسمر وشعر أبيض, يكبرنا في العمر لكنه يقترب من عمر زوج صديقتي.

رحبنا به كثيراًَ, وقدمتني صديقتي له, كان غير منفعل حتى أنه لم ينطق برد التحية لكن لمحت بحس المرأة أنه رحب بي بعينيه, لاحظت أنه ممسك بوردة حمراء, وفي هذه اللحظة سمعت صديقتي تقول له: "هي دي وردة الربيع اللي فات؟" ولأول مرة أسمع منه جملة كاملة: "هو الربيع بيرجع ثاني, أوعي تكوني مصدقة فريد الأطرش؟؟"

ثم ألقى بالوردة على إحدى المقاعد المنتشرة في صالة الإنتظار, الكل ضحك وإبتسم, أما أنا فأخذت صديقتي على جنب بطريقة غير ملفتة للنظر وقلت لها: "أرجوكي أوعي تغلطي كده ولا كده عن أحوالي قدامه, سوف أجعله يؤمن أن الربيع لازم يعود من ثاني ."ردت قائلة بخفة دمها وبصوت خافت "وراء كل ربيع جديد شتاء... على مثال وراء كل رجل عظيم إمرأة".

ونحن على المركب عرّفتني قصته, فقد خطف الموت زوجته منذ خمس سنوات, يعيش بلا هدف معين, وهو في عمله الروتيني وفي القراءة الدائمة.

وجدته جالساًَ على الكرسي مُمدداًَ رجليه على سور المركب, بمجرد ما لمحني وقف وأحضر لي كرسي أمامه, فعلاًَ من هذه اللحظة بدأنا نعيش فصل الربيع من اليوم الأول.

سألني فجأة: إنت مين؟, وفجأة إنهمرت عيوني بالدموع, قال لي: أنا وغلاوتك عندي, مش وكيل نيابة, قلت له: "وغلاوتي عندك؟؟",  قال: أنا آسف يا حبيبتي مقصدتش!! قلت له: وبتقول كمان "يا حبيبتي"!.

كانت لحظات ربيعية جميلة, وقف, وعندما هم بالإبتعاد من الخجل.. لحقته بالكلام: "بعد يوم كامل نحكي مع بعض لسه معرفتش أنا مين؟؟  قال وعيناه مملوئتان عمق غريب من التعبيرات الجياشة بالحنان لم أرى مثلها من قبل, فيكي شيء من الغموض, وكأنه قرأ كل أحوالي في جلستي الأولى معه, سارعت وقلت له: "أنا الربيع" إبتسم وقال لي : قصدك تقول لي أن الربيع عاد من ثاني!!

وصدق فريد الأطرش وفي نفس الوقت لم يصدق ....
سوف أترك بقية قصتي لكل قاريء الحرية في نهايتها, حسب إنفعالاته أو تجربته السابقة أو خيالاته.
فنحن جميعاًَ مازلنا نعيش الربيع مرة واحدة  كفصل من فصول السنة وليس كحب دائم على مر السنين.!!

أخيراًَ قفلت الكتاب والتي أحتفظ من بين صفحاته الوردة الحمراء إياها, فقد أخذتها من مكان ما ألقاها ونحن على رصيف الإسكندرية, ويا ليته الآن يعرف.!!
 وكل ربيع وإنتم بخيـر.

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع
شارك بآرائك وتعليقاتك ومناقشاتك في جروبنا على الفيس بوك أنقر هنا
أعرف مزيد من الأخبار فور حدوثها واشترك معانا في تويتر أنقر هنا
  قيم الموضوع:          
 

تقييم الموضوع: الأصوات المشاركة فى التقييم: ١ صوت عدد التعليقات: ١١ تعليق

الكاتب

سعاد إبراهيم

فهرس مقالات الكاتب
راسل الكاتب

خيارات

فهرس القسم
اطبع الصفحة
ارسل لصديق
اضف للمفضلة

مواضيع أخرى للكاتب

هل حقاًَ يعود الربيع من ثاني؟؟!!

جديد الموقع