CET 00:00:00 - 07/01/2010

مساحة رأي

بقلم: جرجس بشرى
عندما بدأت في كتابة هذا المقال ترددت كثيرًا جدًا في اختيار عنوان معين له، خاصة وأنني أتحدث هنا عن شخصية عظيمة تحمل بداخلها كافة الفضائل الإنسانية النبيلة، وهي شخصية المهندس عدلي أبادير يوسف.
وفي الحقيقة لم أجد عنوانًا مُناسبًا لهذا المقال من بين العناوين الكثيرة التي ترددت على ذهني سوى أن يحمل المقال نفسه اسم عدلي أبادير (رحمه الله)، فمن يريد أن يكتب عن عدلي أبادير يحتاج لمُجلدات تسرد تاريخه وأعماله وفضائله ونضاله، إلا أنني هنا سأكتفي فقط بالحديث عن عدلي أبادير الثائر في مواجهة الظلم والفساد وقوى الإستبداد.
لقد حبا الله هذا الإنسان بروح ثائرة ضد الإضطهاد والظلم، ولقد كان الإضطهاد الذي تعرض له في وطنه دافعًا قويًا له بأن يفتح فمه ليُدافع بكل ما أوتي من قوة عن إخوته المسيحيين المُضطهدين لأجل مسيحيتهم ومصريتهم على حد سواء، ويبدو أنه وضع أمامه دائمًا قول الكتاب المقدس "اذكروا المُقيدين كأنكم مُقيدين معهم" متمثلاً بقول سيده الرب المسيح الذي قال عنه الكتاب المقدس أيضًا "لأنه فيما هو قد تألم مُجربًا فهو قادر أن يُعين المُجربين"..

إن عظمة وقوة عدلي أبادير تكمُن في قوته في مواجهة الإضطهاد الواقع ضد المسيحيين ( الأقباط ) والأقليات الدينية الأخرى في مصر..
لقد تكلم عدلي أبادير واحتج في توقيت حرج وظرف كانت تقمع فيه الحكومة المطالبين بالتغيير والثائرين على الظلم بأساليب قذرة ولا إنسانية بالمرة! في هذا التوقيت والظرف الحرج رفع أبادير صوته عاليًا مُحتجًا على المُمارسات اللا إنسانية التي تمارسها الحكومة المصرية مدعومة بالمؤسسة الرئاسية ضد المسيحيين المصريين العزل في وقت كان مجرد الكلام عن إضطهاد الأقباط أو الأقليات يعتبر من الموبقات والمُحرمات!
ولقد كان المؤتمر الدولي الحقوقي الذي عقده أبادير بزيورخ عام 2004 بمثابة بداية خروج القضية القبطية من نفقها المظلم إلى العالمية، حيث كان المؤتمرالذي ندد بمظاهر وأشكال التمييز والإضطهاد الواقع على الأقباط بمثابة صدمة بل وفضيحة للحكومة المصرية العنصرية أمام المجتمع الدولي.. لدرجة أن النظام نفسه لم يكن يصدق نفسه عندما رأى مناضلاً حقيقيًا مسيحيًا يدافع عن الأقباط المُهدرة حقوقهم في وطنهم بمثل هذه الجرأة والشجاعة التي لم يعهدها من قبل على مرأى ومسمع من العالم كله، وهو ما دفع بالنظام المصري بالمُضي قدمًا في تشويه سُمعة عدلي أبادير والتشكيك في وطنيته، مستخدمًا في ذلك بعض الصحف المباحثية الرسمية منها والمستقلة..

إن عظمة عدلي أبادير تكمن في نجاحه غير المسبوق في تاريخ العمل القبطي في إقناع المجتمع الدولي بقضية الأقباط في مصر، ولن أكون مُبالغًا إذا قلت أن عدلي أبادير أستطاع أن يخرج بالقضية القبطية إلى العالمية مرة واحدة، واستطاع أن يقنع العالم بشرعية مطالب الأقباط في وطنهم! لدرجة أن أصبح عدلي أبادير رمزًا للقضية القبطية..
فعندما يُذكر اسم عدلي أبادير تتبادر دائمًا إلى الذهن فورًا "القضية القبطية "!، ولقد برهنت الأيام والسنوات على أن أبادير في انتقاداته الكثيرة واللاذعة للنظام كان على حق، لدرجة أن جعل من كانوا يقاومونه حتى على المستوى الرسمي يعيدون التفكير جيدًا ويقرون بعدالة مطالبه، خاصة وأن مسئولاً بارزًا بالبرلمان المصري وهو د. مصطفى الفقي "رئيس لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشعب" أكد مؤخرًا -وقبل انتقال الرجل إلى السماء بأيام معدودة- على أن لعدلي أبادير مطالب مشروعة!

إن المهندس عدلي أبادير برغم إيمانه بقضيته ودفاعه عنها بكل ما أوتي من قوة لم ينس في المُقابل رعاية المُحتاجين والمتألمين والفقراء، حيث عندما سافر خارج وطنه بسبب الإضطهاد، حمل مصر في داخله، فظلت مصر حية فيه حتى يوم إنتقاله إلى السماء، فلقد كان يؤمن أن حل القضية القبطية سيصب في النهاية في مصلحة أمن مصر وسلامها ورخاؤها.
إنني من على هذا المنبر الحقوقي الحر الذي أسسه المناضل عدلي أبادير أعزّي أسرته الكريمة وأعزّي كل من تتلمذوا على يد هذا العملاق الذي قليلاً ما يجود به الزمان، وأناشد بتكرار مطلبي الذي كنت قد طالبت به من حوالي تسعة شهور وهو تخصيص جائزة حقوقية بإسم "عدلي أبادير"، كما أطالب بسرعة عمل فيلم تسجيلي يسرد قصة كفاحه ونضاله ويسرد المؤتمرات التي أقامها وكيف تناولها الإعلام المصري ووسائل الإعلام الغربية، ويعرض مطالب عدلي أبادير بحقوق عادلة للأقباط فحسب وكافة الأقليات الدينية في مصر.

وإنني هنا أتذكر عبارة كان قد رددها الراحل الحبيب عدلي أباديرأثناء محاولات التشكيك والهجوم الضاري عليه عندما قال فيما معناه "لو استطاعوا أن يقضوا على عدلي أبادير سيخرج لهم مليون عدلي أبادير والأعمار بيد الله.. وإن الأعمال بالنيات".
كما أطالب المنظمات القبطية في المهجر والداخل أن تتمثل بالإنسان المناضل عدلي أبادير، وأطالب الحكومة المصرية أن تكفر عن ذنوبها التي ارتكبتها في حق هذا الرجل الذي لم ولن يموت لأن ذكرى الصديق ستظل إلى الأبد وللبركة.

شارك بآرائك وتعليقاتك ومناقشاتك في جروبنا على الفيس بوك أنقر هنا
أعرف مزيد من الأخبار فور حدوثها واشترك معانا في تويتر أنقر هنا
  قيم الموضوع:          
 

تقييم الموضوع: الأصوات المشاركة فى التقييم: ٣ صوت عدد التعليقات: ١ تعليق