ÇáÃÞÈÇØ ãÊÍÏæä
طباعة الصفحة

الكاريزما السياسية

اليوم السابع بقلم : علا عمر | 2013-03-02 08:06:13

من المعروف جيدا والمتفق عليه بين الأطباء وعلماء النفس أنه لو نجا الإنسان من حادث مريع كمحاولة اغتيال أو اعتقال لفترة طويلة، وتم تعذيبه أو سقط من مكان مرتفع، فمن المستحيل أن يخرج كما كان تماماً قبل تعرضه للحادث، يقول المثل الإنجليزى القديم (لا يمكن لأحد أن يدخل إلى المطحنة قبل أن يعلق بثيابه بعض الغبار)، هكذا لا بد أن يحمل من تعرض للتعذيب أو للاعتقال أو محاولة اغتيال أو أى حادث مريع يحمل آثاره طويلاً مهما حاول تناسيه، ومن المؤكد أنه يحتاج لمساعدة نفسية ولمدة طويلة لكى يتمكن من تخطى الهواجس واستعادة التوازن وإعطاء معنى لتصرفاته، مقدمة ليست بعيدة كل البعد عما أتحدث فيه بل لها علاقة قوية بما نمر به من آن لآخر.

التخبطات وكما التساؤلات والقلق الذى يزداد مع مرور الأيام تحديدا للأسف فى الشارع السياسى الذى لم يعد جزءا فقط من اهتمامات المواطن المصرى، وعناوين رئيسية تتصدر الصحف بل أصبح يتدخل فى قلب المجتمع المصرى وعيشته وحياته وأكله وشربه، للأسف الشارع السياسى أصبح يحتاج إلى سياسى أصبح يحتاج إلى من يملك كاريزما سياسية ويتمتع بروح قيادة حقيقية، كاريزما سياسية مفتاح لغز لأسئلة جديدة تبدأ بلماذا؟ لماذا كل هذا الكم من التخبطات؟ لماذا كل هذا الكم من الفشل؟ لماذا كل هذا الكم من التلكؤ فى اتخاذا قرار؟ لماذا أصبحت الحقوق تغتصب والدماء تسيل بكثرة؟ لماذا نعيش الآن بقانون الغاب؟ كل شخص يحصل على  حقه بيده لأنه لا يوجد من يأتيك به! لماذا تنامى الفساد والعنف والانتهاكات كالخلايا السرطانية الخبيثة فى جسد شاب، الجواب لأنه لا يوجد من يعترف بالمشكلة، وبالتالى أين المشكلة؟ هل نمتلك من يملك الجرأة على الاعتراف بالخطأ والاعتراف بأن هناك خللا؟

للأسف نفتقد إلى الكاريزما فى الشارع السياسى، لفت انتباهى هذه الكلمة تحديداً التى اهتم بها علماء النفس أكثر من الباحثين السياسين لأنها اجتمعت فى كل من حكموا العالم تبقت سيرتهم سواء بعبقرية شريرة أمثال (أدولف هتلر، وموسولينى، وجوزيف ستالين) أو عبقرية من نوع آخر أمثال (وينستون تشرشل، فرانكلين دى روزفلت، رونالد ريجان)، جمعتهم جميعاً  (ليست جاذبية أو سحر غامض يجذب الناس إليك ويجعلهم يرغبون فى خدمتك لمجرد أنك تتبوأ منصبا ما أو تتمسك بسلطة ما منحتك إياها الصناديق أو موظفى المصلحة التى تعمل بها)، بل حالة شاملة حالة توحد مع الناس ناتجة عن صدق داخلى تجاههم، حالة يشعر بها الجميع عندما تكون معهم وتخاطبهم تشعرهم بالإلهام والإثارة والثراء والرضا.. الكاريزما السياسية تحديدا ربما يكون الله قد منحها لشخص، ولكن يجب أن يصوت عليها العامة، فللأسف امتلاك السلطة لا يضمن امتلاك الكاريزما، وامتلاك القوة لا يضمن امتلاك الكاريزما، وقيس على ذلك امتلاك النفوذ، المال، الوسامة، لا يعطيك حق امتلاك (الكاريزما) كلمة تائهة فى وسط زخم الأحداث، وتزاحم الحكايات والحوارات والجنازات والاعتصامات والإضرابات ولكنها مهمة تتجلى فقط فى من يمارس ديمقراطية حقيقية ديمقراطية على الفطرة فى من يستمع إلى الصديق والخصم، والمؤيد والمعارض، ويفتح قلبه وعقله للنقد والمراجعة، تتجلى فقط فى من يؤسس وطنا يتربى فيه المواطن على الكرامة، وحرية الرأى، لا على النفاق والموالاة والمعتقلات والسجون استحضرت (الكاريزما السياسية) صورة سيدنا عمر بن الخطاب الذى ما زال يصيح متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحراراً، وما زالت صيحته تدوى حتى الآن.

 

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع

جميع الحقوق محفوظة للأقباط متحدون © 2004 - 2011 www.copts-united.com