ÇáÃÞÈÇØ ãÊÍÏæä
طباعة الصفحة

التحرش و حق الرد: العقاب الذي يجب المعاقبة عليه

بقلم: إيناس فارس | 2013-02-28 09:13:35
قضية التحرش قضية متعددة الأطراف ذات تشعبات متداخلة لا تنحصر في بلد ما أو فئة معينة او ملة دينية ، التحرش في مجتمعاتنا العربية هو سلوك مجتمعي نابع من رغبة عارمة في تحجيم وتقزيم دور المرأة في المجتمع وحصره في مجالات معينة داخل جدران منزل بين أواني الطبخ وصراخ الأطفال وتلبية رغبات الزوج. التحرش نوع من أنواع العقاب الذي فُرض على المرأة قسرا لإيذائها نفسيا وتحطيمها معنويا لتصل الى مرحلة التقوقع على الذات وتوجيه أصابع الإتهام لنفسها ، وبالتالي ستؤدي هذه العملية المتكرره والطويلة الأمد الى حالة من الخذلان العام الذي يصيب المرأة .
 
ومن نتائجه الخطيرة توقف رغبتها في انجاز مهمتها في الحياة، ستبدأ المرأة تخاف على نفسها من الخروج ،من المشي في الشارع، من الجلوس في حديقة أو مقهى؛ خوفا على نفسها وجسدها من الأذى المحتمل في أي شارع أو سيارة أجرة أو من المارة في الطريق. من الأمور التي أذهلتني بصورتها النمطية هي كلمة التحرش وحتى نكون أكثر دقة مصطلح " التحرش الجنسي" في معناه المعجمي هو: إِثَارَةُ الْمَرْأَةِ وَإِغْرَاؤُها لِلإِيقَاعِ بِهَا جِنْسِيّاً، والوجه الآخر لتلك الكلمة لوحدها " تحرش" تعني التعرض لشخص ما وعلى ما يبدو يقصد به الذكر على وجه الخصوص ليستفزه و يهيجه.وانا اعتبر هذا النوع من التوثيق والإسقاط اللغوي نوع من انواع العنف والظلم للمرأة، فالتحرش الجنسي لا يقتصر على النساء فقط وانما يشمل كافة فئات المجتمع على اختلاف نوعهم وعمرهم.
 
لا انكر اننا في هذه الأيام نحن النساء نتعرض لوقائع تحرش جنسي بشكل يومي ومخيف، هدفه القضاء على حرية المرأة وحقها في التعبير عن رأيها في الشارع كما يحدث لأخواتنا المناضلات في دول الربيع العربي.
 
وفي عملية البحث عن الأسباب الكامنة وراء هذه الظاهرة نجد أن كثيرا من فئات المجتمع تبرر هذه الأفعال المشينة التي يقوم بها الرجال وتسقطها على لباس المرأة وعدم التزامها بحدود الله وشرعه، والكبت الجنسي الذي يعاني منه الشباب العربي كان ولا زال أحد أهم أسباب تبرير هذه الظاهرة ، برأيي الشخصي اعتبره آخر مسوغ يمكن قبوله في قائمة الإتهام الموجهه للرجل المتحرش، فالرجل والمرأة لهم نفس الرغبات الجنسية ويتعرضون للكبت الجنسي في مجتمعاتنا العربية على حدٍ سواء.
 
ولنعترف لانفسنا بأننا في ظل المجتمع العربي الذي يقيد المرأة بغشاء بكارتها والذي يمنعها من ممارسة الجنس خارج إطار الزواج، نجد أن المرأة تتعرض للكبت الجنسي أضعاف ما يعترض له الرجل ، ولكننا في المقابل لا نجدها تمشي في الشارع هائجة لمجرد رؤية أي رجل أمامها، او تحاول التحرش بأيٍ كان لإشباع رغباتها الجنسية، وفي المحصلة لا أرى قضية الكبت الجنسي هي مسبب رئيسي للتحرش. وحتى وان كان الموضوع يتعلق بلباس المرأة الذي يثير في نفس الرجل المكبوت رغبات توصله الى مرحلة السعار اللفظي أو الحركي. وانا اعني كلمة السعار لانه الذي يثار من لباس امرأة في الشارع لا يختلف كثيرا عن المخلوقات التي لا تملك عقلا تفكر به.
 
وبالنسبة لنصوص القوانين التي نطالب بها في مجتمعاتنا للحماية من التحرش فهي قوانين غير مجدية؛ فكيف يكون القانون مفعل وساري اذا لم يكن هنالك جاني وضحية،فغالبية النساء يرفضن التصدي للإيذاء الذي تعرضن له وان تصدوا وابلغوا الشرطة تقفل القضية بالتراضي بعد اقناع الضحية بضرورة التنازل عن حقها من أجل الحفاظ على سمعتها. لذلك يجب على كل امراة أن تبدأ بنفسها وتتحلى بالشجاعة للتصدي لعملية التحرش، وتكون على ثقة كاملة بأنها ضحية لها الحق في الرد الفوري أو إبلاغ الشرطة ورفع قضية على المتحرش. ولا بد ان تعلم كل امرأة بأن الرجل المتحرش بطبعه جبان وحتى وان كان كالطاووس يتبختر أمامك لكن في الحقيقة جبان.
 
فقط حاولي أن تنظري اليه طويلا سترينه يتقلص أمامك... لا تخافي أرجوك، ان حاول الإقتراب منك لا تتواني لحظة عن أخذ حقك بالرد سواء بالصفع أو برد الكلام بكلام قاسٍ، للأسف في هذه الحالة لن تستطيعي طلب الشرطة لانه بمجرد تلقيه الرد المناسب سيهرب نعم سيهرب ، ولكنه سيتذكر في المرة القادمة عندما يتحرش بإمرأة اخرى نظرتك الغاضبة أو صفعتك التي نقشت في ذاكرته أو حتى كلامك سيبقى محفور في دواخل نفسه المريضة، ولكن ان حاولت الإمساك به عظيم جداً لا تترددي لحظة في تحويله لاقرب مركز شرطة ولا تفكري بأنك تفضحين نفسك وعائلتك بمثل هذا التصرف.
 
فأنت بالنهاية إنسانة لك حقوق وكرامة وكيان وهذا الشخص المريض تعدى على حقوقك وكرامتك كإمرأة، وان حاول الجميع منعك من تقديم شكوى ارجوك لا تفعلي، ليس فقط من أجلك ولكن ايضا من أجل شعوب من النساء تنتظر صرختك لتصرخ هي ايضا.
 
نقلا عن الحوار المتمدن
 

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع

جميع الحقوق محفوظة للأقباط متحدون © 2004 - 2011 www.copts-united.com