ÇáÃÞÈÇØ ãÊÍÏæä
طباعة الصفحة

لقد مات "مينا" و"مصطفى"

| 2011-10-19 00:00:00
بقلم: تريزة سمير 
 
ليلة دامية وظلام دامس لم أره مطلقًا.. صرخات بشرية في كل الشوارع.. صوت طلقات النيران تعود مرة أخرى في شوارع "القاهرة".. الحزن والقلق يخيِّم على وجوه الجميع، في ذلك التاريخ الذي يُعد تاريخًا فاصلًا في حياة "مصر" والمصريين.. تاريخ شاهد على كم الإجرام ضد البشر.. حادثة "ماسبيرو" التي راح على إثرها العشرات من الشهداء. في نفس تلك الليلة لم يسعدني الحظ بالمشاركة من بداية المسيرة السلمية، ولكنني كنت أنتظرهم في "ماسبيرو"، وللأسف لم يصلوا. وبعد أن عرفت بالأمر عبر الهاتف، ذهبت مسرعة إلى مستشفى القبطي، ذهبت للتبرُّع بدمائي للمصابين.. لم أكن في وقتها أعرف أي شيء عن الشهداء، لم أعرف أنه راح من بين أحبابي "مينا دانيال" و"مايكل مسعد".. مات "مينا" ومعه "مصطفى". فمجرد أن وصلت بصعوبة بالغة إلى مستشفى القبطي، تقابلت مع الزميل "رامي"، الذي بمجرد أن وجدني قال "مينا دانيال ومايكل مسعد ماتوا"، أخذتني قوة الصدمة رميًا على الأرض، وكانت صرخات "مصطفى" تتسلَّل في جسدي قبل أذني، "مصطفى" صديق "مينا" كان بجواري، فكان يصرخ وبشدة: "هاجيب حقك يا مينا"..
 
"مينا دانيال".. ذلك الشاب الصغير ذو الملامح الملائكية، "مينا" الذي يعرفه الكثيرون بابتسامته وحبه لسائر البشر. كان "مينا" عضوًا بحركة "كلنا أقباط"، أصدقاؤه من المسلمين أكثر بكثير من المسيحيين، فلم يعرف "مينا" تلك الفروق والفواصل. كان مشاركًا في الثورة منذ بدايتها، بل قبل ذلك بكثير، فقد كان يقف مدافعًا عن حق الفقراء في الحياة وفي توفير حياة كسائر البشر. لم أنس حوارًا دار بيننا عندما دعاني للمشاركة في صفحة على موقع التواصل الاجتماعي لحقوق الفقراء، وعندما سألته عن مؤسس تلك الحملة، قال: "الفقراء يا تريزة.. اللي احنا منهم".. هذه كانت رسالته. "مينا" الذي استشهد في مذبحة الأقباط بـ"ماسبيرو" كان قمة في المواطنة والإخلاص؛ ففي تلك الليلة المأساوية تواجد العشرات من أصدقاء "مينا" أغلبهم من إخوتنا المسلمين، وقفوا ليطالبوا بحق "مينا" عندما حضر وكيل النيابة والطبيب الشرعي، وقفوا ينصحون أهالي الشهداء بعدم التوقيع على أي تقرير بدون حضور محام للتأكد من رصد وتوثيق حقيقة الواقعة.. ووقف الجميع، المسلم قبل المسيحي، يدافع عن حق "مينا" والشهداء، واستمر "مصطفى" في العويل والنواح، فهل سيستمر النظام الحالي في محاولات تقسيم الوطن وإشعال نيران التعصب من خلال الإعلام كما حدث في تلك الليلة التي أكَّدت مدى التراجع، ليس فقط عن الثورة المصرية ولكن عن الشراكة الإنسانية؟؟.. أرى أنه مات "مينا" ومعه مات "مصطفى"، ماتت أحلامهما في وطن يجمعهما، فالذي قصد أن يقتل "مينا" بطريقته الوحشية، قتل "مصطفى" أيضًا ممزقًا.. مات الأمل.. مات الوطن!!.
 
 
 
 
 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة للأقباط متحدون © 2004 - 2011 www.copts-united.com