ÇáÃÞÈÇØ ãÊÍÏæä
طباعة الصفحة

تجديد الخطاب "الاكليروسي" ضرورة

مدحت بشاي | 2016-07-17 00:00:00
كتب : مدحت بشاي
medhatbeshay9@gmail.com
 
لاشك أن الكنيسة ليست مجرد موقع مكاني لتجمع بشري ، فهي جسد المسيح ومسكِنُ الرُّوح القُدُس. فيها نحنُ في كنف الإله العظيم راعينا ، فيشملنا الرُّوح القُدُس ، فنقبع تحت رعاية  يسوع المسيح الآب ، لقد قال يوحنا ذهبي الفم : الرُّوح القُدُس الساكن في رأس الكنيسة أَي يسوع المسيح، ومنهُ ينسابُ الى كلِّ الأَعضاء، أَي الى كلِّ المؤمنين.
 
الكنيسةُ هي قلبُ النعم والفضائل والقيم الإِلهيَّة . فيها القداسة والإِتِّحادُ بالله. فيها وسائلُ الخلاص بالرُّوح القُدُس. هي الأَمينةُ على الكتاب المقدَّس والتعليم الصحيح وفيها المجامع المسكونيَّة المقدَّسة حامية الإِيمان .. هي الحافظة الأمينة على تراث الرُسُل القدِّيسين بالرُّوح القدُس الساكن فيهم . الكنيسةُ هي السماءُ على الأَرض، والأَرضُ في السماء. القدِّيسون فيها ينيروننا بألق وضياء الرُّوح القُدس كثُريات  إِلهيَّة عبقرية التوهج ، وفيها يكون شكلُنا كما يريدنا الإله .
 
ولا ينبغى تصور أن تقديرنا و فهمنا لرسالة الكنيسة ودورها الروحي والإنساني والرعوى لابد يقابله من باب الاحترام والتقديس والولاء والاعتزاز أن نشيد كنائس خمس أو سبعة  نجوم .. جدران رخامية وتكييفات مركزية وثريات هائلة الحجم وبديعة البهاء والإعجاز البللوري ، أو نتخيل عصمة مانعة لدى "إكليروس" زماننا من ارتكاب الخطايا واعتبارهم ملائكة في سماء الكنيسة طول الوقت !!
 
إنما الأمر ياسادة يمكن إيجازه في طلب الراعي القدوة والنموذج الطيب الحنون القارئ الجيد لمتغيرات الواقع وتأثيراتها السلبية والإيجابية على أبناء الكنيسة بشكل خاص ومواطنيه في عموم المحروسة بشكل عام ..
 
و دون أن نعرض للحالات السلبية التي يتم إعلانها عبر وسائط الميديا ، والتي وصل انتقال أخبارها من صفحات الشأن الديني والمجتمع والتحقيقات إلى صفحات الحوادث للأسف والتعرف عليها عبر مطالعة أخبار المحاكم ، فقد أسعدني عزيزي القارئ مقال للمهندس ثروت صموئيل بجريدتة " الطريق والحق " استعراض جوانب من سمات وأفعال نموذج إيجابي للراعي الصالح عبر مقاله الافتتاحي الشهري " كثر الله من أمثالك قداسة البابا فرنسيس ".. أعرض منها مقتطف بسيط من مجمل سيرته العطرة ..
 
 " في عام 2001، عندما عينه البابا يوحنا بولس الثاني مطرانًا وأراد مجموعة من المقربين إليه السفر معه إلى روما، طلب منهم البقاء في "بوينوس آيرس "  وتقديم الأموال التي كانوا يريدون تخصيصها للسفر إلى الفقراء، وهذا الأمر تكرر بعد انتخابه بابا، حيث دعا المؤمنين للقيام بالأمر عينه وعدم السفر من الأرجنتين إلى الفاتيكان . 
 
    وعندما كان أسقفًا في بلده الأرجنتين، رفض تخصيص سيارة بسائق له وكان يصر على استخدام وسائل النقل العامة أو القطار، وكان يعيش في شقة متواضعة في مبنى الأبرشية في بوينس ايرس. وفي سبتمبر الماضي عندما احتاج تغيير نظارته، اكتفي فقط بتغيير العدسات دون تغيير الإطار القديم (شنبر النظارة) من أجل توفير النفقات وتسلل ليلاً في زيارة مفاجئة إلى متجر للنظارات الطبية في روما لاستلام نظارته الجديدة . ورغم أن البابا فرنسيس يبدو أصلاحيًا وليبراليًا في القضايا التي تتعلق بالعدالة الاجتماعية ويناصر حقوق الإنسان، لكنه محافظ في نفس الوقت فيما يخص مبادئ الكنيسة والجنس والأسر ة والإجهاض . أما القصص عن تسامحه وانفتاحه على الآخر فهي كثيرة، فقد احتفل الخميس 28 مارس2013بعيد القيامة، بطريقة غير معهودة، في أحد سجون روما، عندما أقدم على غسل وتقبيل أقدام شباب معتقلين، بينهما فتاتان تتراوح أعمارهما بين 14 و21 عامًا،  أحداهما مسلمة من صربيا. وخاطب السجناء الفتيان والفتيات قائلاً:"المسيح أتى إليكم ليخدمكم، فكروا في ذلك مليًا، هل نحن حقا مستعدون لنخدم الآخرين؟". وفي العام السابق قام البابا بغسل وتقبيل أرجل 12 شخصًا متنوعي الأديان والجنسيات، من ذوي الاحتياجات الخاصة، أعمارهم بين 16 و86 سنة، منهم 3 أفارقة، بينهم حامد الليبي.... " ..
 
 ما رأيكم دام فضلكم ، بذمتكم لو كان قداسته بما يقدم من أمثلة رائعة للراعي الصالح هو النموذج الأكثر انتشاراً في كل بقاع  العالم ، ألا ترون معي أننا سنكون أمام كنائس أكثر تواصلاً مع الناس برسائل المحبة والاتضاع والإيمان الحقيقي " بيتي بيت الصلاة يدعى" كما أوصانا السيد المسيح وأطلق عليها .. بيوت بساطة واتضاع و زهد وتواصل مع تعاليم الكتاب المقدس وتوصياته لبني البشر ..
 
يسوع في رؤيا يوحنا هو ملكُ الملوك وربُّ الأَرباب. ونحنُ مملكتُهُ ونحن رعاياه. في رسالةِ أَفسس، نحنُ مواطنونَ سماويُّون. نحنُ رعايا في الله، ويسوع اقتنى هذه الرعاية بدمِهِ الكريم. اشترانا بدمِهِ الكريم،  ولذلك كما قال بولس: نحن لم نعُد لأَنفسِنا بل للَّذي اشترانا بدمِهِ الكريم. ماتَ عنَّا، فمُتنا فيهِ وقُمنا فيهِ كما يُعلِّم بولس في كورنثوس الثانية في الفصل الخامس وسواها.
 
في نهايةِ الرسالة الى العبرانيِّين سمَّاه بولس “راعي الرُعاة”. الرُعاة هم تابعونَ لهُ وهو رئيسهُم. صورةُ هذا الراعي في الكتاب المقدَّس، هي صورةُ الغَيور على رعيَّتِه والَّذي يحبُّها حبًّا خارقاً فيبذل دمَهُ في سبيلها. وليس هذا فقط، بل يقودُها بدمِهِ وجسدِهِ. ففي المعموديَّة نولدُ في المسيح، ونلبسُ المسيح.
المسيح هو بالنسبةِ إِلينا الكلُّ في الكلِّ. هو الراعي، والطعام، والشراب، والِّلباس، والأَب، والأُم، والأَخ، والأُخت، والخادمُ الأَمين، والفادي الأَمين، والصديق الحميم. هو الكلُّ في الكلِّ.
 
لا يمكن لنا ــ نحن جميعاً أبناء المحروسة ــ أن نحلم بتحقيق إصلاح كافة مؤسساتنا بداية من المؤسسات الرياضية والاجتماعية والعلمية والتعليمية والإعلامية والتربوية ووصولاً إلى المؤسسات الاقتصادية والسياسية والتشريعية والدينية ، دون وأرى أن نالبها بتطوير إنتاجها الفكري والديني والإنساني والدفع بها للمعترك النبيل لدمج الإنسان المصري بكل فئاته وطبقاته وأطيافه الفكرية والدينية لمشاركة مجتمعية نحو مشروع إصلاحي تنموي شامل مكتمل البنيان لأجيالنا القادمة هي الأولى بالمواجهة للإصلاح  ..
 
وفي مسيرة الإصلاح وعبر كل الحقب يظهر بيننا من يكشف لنا خطأ الفهم المعمول به ، أو يفضح رتابة الإيقاع، أو يعلن فقدان البوصلة وتسجيل حالة توهان .. ولعل الكاهن إبراهيم عبد السيد ورسالته الإصلاحية البديعة أحد هؤلاء الذين جاهدوا بنبل لتغيير واقع الإدارة الكنسية ومعالجاتها وخطابها الإنساني عبر مجموعة رائعة من المقالات في جريدة الأخبار ، التي كان ينتظرها المواطن المسيحي بشغف في تعاطف حميم لواقعية خطابها وضرورة تبادل الرأي حول أطروحاته ، وبالإضافة لمجموعة إصداراته الفكرية الهامة ..
 
وإذا كان هذا الكاهن قد رفضت  الكنيسة توجهاته واطروحاته  إلى حد الامتناع عن الصلاة على جثمانه ، فقد صلى له شعب كنيسته وجموع المستنيرين من الأقباط ، وشيعته إلى مثواه الأخير دعوات كل المستنيرين من أبناء الكنيسة المصرية العتيدة ، وأرى ويرى معي الكثيرون أن ما أودعه في القلوب ، وما أفاض به من فكر مسيحي أثرى المكتبة القبطية والمصرية يُعد قرباناً روحياً وإنسانياً عبقرياً مشفوعاً برضا الرعية مرفوعاً إلى الله العلي القدير القادر أن يغسل ذنوبه وذنوبنا إذا كانت النيات خالصة للتوبة والإصلاح ..
 

جميع الحقوق محفوظة للأقباط متحدون © 2004 - 2011 www.copts-united.com