ÇáÃÞÈÇØ ãÊÍÏæä
طباعة الصفحة

السعودية ومصر .... لقاء اللجوء السياسي

ساندي إدوارد | 2016-04-11 22:37:35
بقلم: ساندى ادوارد
 
 مصر قد يكون البلد العربي الوحيد الذي لم يألو جهدا في نصرة الحق العربي بل وبذل من التضحيات الجسام تجاه قضايا أمته ما لم يبذله بلد آخر ودفع ثمن ولاءه للعروبة دماء آلاف الشهداء البررة في ساحات المعارك ، وكأن قدر مصر ان تتحمل تبعات ما يقترفه الأشقاء العرب في فقرهم وبعد غناهم في ضعفهم و بعد قوتهم ،فتحملت مصر خبث الحكام الاشقاء في الجنوب وخسة الحكام الأشقاء في الغرب وتربص الأشقاء في الشمال الشرقي بل وخيانة البعض منهم، وأصبحت مصر في الواقع لا تملك إلا لقب "الشقيقة الكبرى" يتداولونه في المؤتمرات والمجامع  كلمة ينافقون بها أنفسهم ، تحملت مصر قضية تحرير الكويت بعد ان تحملت استضافة الاشقاء الكويتين على ارض الكنانة  وتحملت مصر ما تحملته في الحرب العراقية الإيرانية وتحملت ومازالت تتحمل وحدها وبحق قضية الدفاع عن فلسطين دون متاجرة أو تربح مثلما يفعل الآخرون ،تحملت مصر تحرير اليمن من الملالي و تحملت مصر سوء علاقاتها مع ايران وصبرت كثيرا كثيرا وما زالت تصبر على هرطقات وصلف وغرور أردوغان وتحملت  في الماضي هبل القذافي وحماقاته وتحملت أحذية الفلسطينيين الذين اعتدوا على أحمد ماهر وزير الخارجية وهوضيف على ديارهم ، تحملت مصر ذبح أبناءها في العراق وتحملت صلب المصري حتى الوفاة على عامود كهرباء في لبنان وتحملت مصر دهس ابناءها المتعمد تحت عجلات سيارات السعوديين في السعودية  وإهانة المصريين في الكويت . حتى أن مصر مازالت تتحمل تحريض ومهاترات حاكم قطر الذي يبحث له عن دور في الحياة فلم ينتهي به الامر الا بدور بائع لدويلة قطر كقواعد للأتراك والامريكان ، مصر تحملت في السبعينات وما زالت تتحمل تبعات الحركة الوهابية التي وفدت الينا من صحراء جرداء لا نبت فيها ولا ماء لتعكر صفو نيلنا العظيم وتخيم على سماء البلاد بخيمة البداوة والجاهلية وتطعن بسيوفها المسمومة قلوبنا الطيبة  وتزرع في اجسادنا مرض عضال خبيث لا يمكن التداوى منه الا بالبتر، وتدمغ وجوهنا بأختام التعصب والكراهية والعنصرية البغيضة وتحرص على الفتنة الطائفية وترعاها  وتنخر كالسوس في عظام هيكلنا العملاق فتجعلنا عظاما هشة في مهب ريح عاتية آتية من الشرق . مصر تتحمل حتى هموم إخواننا السوريين وتأويهم في ظل ظروف اقتصادية صعبة دون اهانة أو تجريح ولا يشغلها سوى وحدة سوريا .
 
    هذا الدور الكبير المنوط بمصر وقدرتها على الصبر والتحمل  يجعلها قبلة السعودية عندما تستشعر خطرا  حتى وإن كان الخطر من وجهة نظرها هو تعارض أراء مصر مع متطلبات السعودية  ومن وجهة نظرى الشخصية ان زيارة الملك سلمان لمصر ووجوده هذه الفترة الطويلة بمقياس زيارات الملوك السابقين ومقابلاته للمسئولين الحكوميين وكلمته امام مجلس النواب ولقاءه برجال الدين ولا سيما قداسة البابا تواضروس هو بمثابة لجوء سياسي لمصر لإصلاح بعض الأمور وتوصيل عدة رسائل من أهمها :
أولا : زيارة الملك لمصر بحد ذاتها هي رسالة تريد السعودية ايصالها لإيران تؤكد من خلالها ان التقارب المصري السعودي هو وحدة عربية كاملة ضد المشروع الإبراني التوسعي ولاسيما وان مصر تسير في دعم قواتها المسلحة وتقوية جيشها بخطى واسعة وغير مسبوقة وبالتالي قوة مصر هي قوة للسعودية والعرب وتقارب السعودية لمصر يقهر ايران ويجعلها تتحسس موضع اقدامها قبل ان تقدم على المشي.
 
ثانيا :  الدعم المالي السعودي لمصر في الفترة الأخيرة بعد ثورة الثلاثين من يونيو لا بد ان تحصل السعودية على مقابله ، فلا تمنح الدول عطايا من أجل سواد عيون الشعوب، بل هي السياسة والمصالح في المقام الأول ، وقد فكرت السعودية في تعويض ما دفعته بان تحصل على مقابله جزيرتي صنافير وتيرانا . والمشكلة ليست في أرض الجزيرتين بل انها في توسيع المدى الجغرافي للمياه الاقليمية السعودية التي اصبحت الآن على مشارف شرم الشيخ مما يجعلها مستقبلا تتحكم في الملاحة في مضيق تيرانا بصورة كبيرة وبالتالي الملاحة في خليج العقبة نفسة وتحت رعاية القانون الدولي.
ثالثا : زيارة الملك لمصر هي رسالة لأمريكا والغرب الذي اتجه إلى الاتفاق مع ايران وفك الحظر الاقتصادي عنها بل والافراج عن أموالها المجمدة لها في امريكا واوروبا  على حساب السعودية ، رسالة للغرب الذي هبط بسعر البترول إلى أدنى مستوياته معتمدا على البترول الايراني والرسالة فحواها ان العرب بإمكانهم توحيد قواهم ليصبحوا قوة تناطح إيران بل وتتفوق عليها إن كان لديهم إرادة. 
 
رابعا :  غرق السعودية في مستنقع اليمن الذي يبدوا أنه لن يجف على المدى الطويل خرجت منه بدرس مفاده أن السعودية وحدها لا يمكن أن تنهي صراعا في دولة صغيرة مجاورة ولن يجدي إفضاء الألفاظ الرنانة على عملياتها في اليمن من قبيل (سلمان  الحزم .... ) إلى أي نتيجة وعليه لابد من ضمان مساندة مصر للسعودية عسكريا إذا اقتضت الضرورة ذلك.
 
خامسا : زيارة الملك لمجلس النواب تهدف لإعطاء تصور للمجتمع المصري والعربي  ان الشعب المصري  ممثل في نوابه تم استفتاءه بطريقة غير مباشرة  وراض عن التخلي عن الجزيرتين المهمتين تحت بند إقامة جسر بري بين البلدين والذي لأ يساورني شك في أنه لن يقام أبدا .
سادسا : مقابلة ملك السعودية لقداسة البابا  تواضروس الفريدة من نوعها هى رسالة تلميع لوجه السعودية التي ارتبط اسمها بالارهاب الدولي مقابلة لا تزيد من قدر الكنيسة المصرية الوطنية بقدر استغلالها في تصدير سماحة الاسلام الوسطي  للغرب ولا سيما بعد هجوم باراك اوباما على السعودية منذ عدة اسابيع مصرحا بأن خمسة عشر إرهابيا من التسعة عشر المنفذين لهجمات سبتمر هم سعوديون ، وهي رسالة تلميع لا تنطلي على أوروبا التي رأت أشلاء أبناءها تتطاير في باريس وبروكسل محترقة بنار التطرف الديني.  
   واخيرا زيارة الملك سلمان لمصر لم تفد مصر ولن تستفيد مستقبلا بل تركت في حلق الغالبية غصة وشعور بالضياع ونحن نفرط في جزر حيوية ومهمة بحجة اقامة مشروع ما ... ولكنها في المقابل كانت تلك الزيارة بمثابة لجوء السعودية السياسي لمصر بعدما ضاقت السبل بالسعودية من فشل في اليمن الى تراجع
 

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع

جميع الحقوق محفوظة للأقباط متحدون © 2004 - 2011 www.copts-united.com