ÇáÃÞÈÇØ ãÊÍÏæä
طباعة الصفحة

«عطيات» الأم المثالية التى لم تنجب

بقلم :د. خالد منتصر | 2016-03-23 21:11:58
نحن ما زلنا على قديمه فى كل تصرفاتنا، كما يقول الشارع المصرى برغم قيام ثورتين، حتى فى الاحتفال بعيد الأم واختيار الأمهات المثاليات لم نفكر خارج الصندوق أبداً، وما زال النمط الجاهز برغم احترامى لكل الأمهات هو الذى يختاره المحافظ ويكرمه الرئيس، اليوم أقدم لكم نموذجاً لو كان الأمر بيدى لاخترتها الأم المثالية، إنها الفنانة المخرجة التسجيلية عطيات الأبنودى، شفاها الله، تلك المرأة القوية والمبدعة الرائعة التى لم تنجب ولكنها ربت، التى لم تلد ولكنها ولدت طاقة إيجابية لكل من حولها، التى لم تحمل فى رحمها جنيناً ولكنها حملت فى قلبها حباً يسع الكون بحاله، تبنت وربت وكبرت وعلمت حتى حصلت ابنتها على الدكتوراه، أسماء يحيى الطاهر عبدالله، التى توفى أبوها شاعر القصة القصيرة المبدع يحيى الطاهر فى حادث سيارة على طريق الواحات وهو يحملها طفلة على حجره، كانت ما زالت ابنة الرابعة عندما قررت عطيات الأبنودى أن تتولى مهمة تربيتها وتصبح «ماما»، إنها الأمومة المختارة المعطاءة التى خلقت علاقة سحرية صارت حكاية الأصدقاء والأحباب من المثقفين والفنانين ونوادر سمرهم وصالوناتهم، جلباب عطيات الأبنودى الشهير لم تخرج منه أسماء بالمعنى الحرفى، فقد علمتها الأم أن تتمرد فلم تختر السينما بل اختارت المسرح، تقول «أسماء» فى أحد حواراتها الصحفية عن أول لقاء مع «ماما عطيات»: نحن فى العادة لا نملك اختيار آبائنا وأمهاتنا فهم مفروضون علينا، فأنت تولد لأم لا تملك حق اختيارها ولا تملك هى حق اختيارك، وتسير العلاقة بينكما وفق خطة قدرية. لكن ما بينى وبين عطيات الأبنودى مختلف جداً فأمومة الاختيار هذه كانت حلاً عبقرياً بالنسبة لى، وأنا لا أستطيع وصف إحساس الزهو الذى يتملكنى كلما تذكرت أن هناك شخصاً له مثل ما لها من مشاعر، قد اختارنى بإرادته لكى أشارك حياته وأعيش معه، وعرفت أخيراً أن «عطيات» جاءت إلى غرفة أبى بعد وفاته وبدأت جمع قصصه وأوراقه التى لم تنشر، لأنها كانت تشعر أن أحداً من بين أصدقائه لن يؤدى هذه المهمة بنجاح، وبينما تجمع هذه الأوراق وجدتنى ألعب أمامها، وهى التى لم تكن رأتنى من قبل. وسألت: مين البنت دى؟ وعندما أخبروها عنى كنت أمسك بجلبابها، وعندها قررت الاحتفاظ بى رغم أن علاقتها بأبى لم تكن على ما يرام، كما يكشف عن ذلك كتابها وروايات الأصدقاء، مسألة أخرى غاية فى الأهمية وهى أن الأحاسيس لا علاقة لها بصلة الدم، وقالت «أسماء» على صفحتها أمس: كل سنة وكل الأمهات، بأشكال مختلفة، بخير.. الأمومة إحساس مش مرتبط برابطة الدم.. ده إحساس روحانى نقدر نعيشه مع إخواتنا الصغيرين، ولادنا، ولاد إخواتنا، ولاد أصحابنا، الطلبة بتوعنا، ولاد الجيران، حتى قططنا وكلابنا، اللى يعرفنى أنا وماما يعرف كويس إنه مش شرط نخلف عشان نكون أمهات ونحب ولادنا..

ماما حبتنى من أول ما شافتنى وقررت تبقى أمى.. ومافيش غير إنها أمى ولا يعنى أصلها بتعطف عليا ولا بتكفلنى ولا الكلام اللى بيدل على التفضل مش على عاطفة حقيقية.. هى أمى بكل قلبها وعقلها وروحها.. حتى ملامحنا بقت شبه بعض لدرجة الناس لما بتشوفنى بتعرف إنى بنتها من الشبه smile emoticon smile emoticon smile emoticon عيد الأم ممكن يكون فرصة نعيد فيه صياغة مفاهيمنا التقليدية.. ليه يكون فيه ستات عايزة تبقى أم بس وحيدة وأطفال عايزين أمهات بس مكتوب عليهم يكونوا أيتام؟.. ليه مش بنفتح عقولنا وقلوبنا لتجربة روحانية مهمة جداً ونتيح الفرصة للتبنى؟.. مش مهم الأسامى ما أنا يعنى عارفة مين أمى ومين أبويا وده ما منعش علاقتى بماما إنها تكون علاقة حقيقية جداً ما أتخيلش حياتى ولا حياتها من غيرها. كل سنة والناس اللى قادرة تعيش مشاعرها الحقيقية بخير. انتهى كلام أسماء البسيط العامى الأكثر بلاغة من كل رطانة كتب مناهجنا المصطنعة فى اللغة العربية، ولكن لم تنتهِ رحلة البحث عن رحم ومعنى الأمومة الحقيقية.

نقلا عن khaledmontaser

 

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع

جميع الحقوق محفوظة للأقباط متحدون © 2004 - 2011 www.copts-united.com