ÇáÃÞÈÇØ ãÊÍÏæä
طباعة الصفحة

سبيل أفضل لعرض قضايانا! تحديد الحالة

القس. لوقا راضي | 2010-10-31 00:00:00

بقلم: القس لوقا راضي
التعصب.. التمييز.. الاضطهاد.. تكملة لسلسلة حلقات سبيل أفضل لعرض قضايانا. أعتقد إنه من الأفضل إيجاد تسمية صحيحة للأحداث أيًا كانت تلك الأحداث. ومن خلال التسمية الصحيحة نستطيع أن نوصف الحالة. ومن ثم نستطيع أن نحدِّد ماهية الحديث. تعالوا نستعرض الآتى:
أولاً- نسأل أنفسنا تلك الأسئلة:
هل أنت في مجتمع سوي أم إنك في مجتمع متعصب؟ هل هناك تمييز بين أبناء وطنك؟ وما أنواعه؟ هل وقف الأمر في مجتمعك عند التعصب والتمييز أم نما إلى الاضطهاد؟

عزيزي القارئ، تلك الدراسة التحليلية نأمل بأن تساعدنا على الإجابة عن تلك الأسئلة السابقة. وتقودنا إلى الحكم عن مجتمعنا وإلى أين يمضي؟ ما زالت مظاهر النقاش الدائر حول الوصف الأمثل للحالة التي تمر بنا وبمجتمعنا المصري، ولئلا نكون متسرعين؛ فى الحكم أو طلق أحكام مسبقة مبنية على العواطف،  كان لابد لنا أن نعرف أولاً ما المقصود بالعنف والتمييز والاضطهاد، حتى إذا حكمنا على الحالة التي نحن نمر بها، كنا على درجة من العقلانية؛ لأن الرأى في تلك الحالة يكون مبني على أساس لا على عواطف وأمزجة.

عرف البعض أن الاضطهاد درجات يبدأ من التعصب؛ فالتمييز، ومن ثم العنف بدرجاته.. ولنستعرض معًا أولاً التعصب.

مفهوم التعصب The concept of fanaticism : التعصب من العصبية، وهي ارتباط الشخص بفكر أو جماعة والجد في نصرتها والانغلاق على مبادئها. ويُطلَق على الشخص بالمتعصب Fanatical، وهذا التعصب قد يكون تعصبًا دينيًا أو مذهبيًا أو سياسيًا أو طائفيًا أو عنصريًا، وهو سلوك خطير قد ينحدر نحو الأسوأ ثم يؤدي إلى التطرف والهلاك والخراب؛ بسبب التشدد وعدم الانفتاح وعدم التسامح أيًا كان نوع التعصب ومهما كان شكله أو مصدره. ولعل أخطر أشكال التعصب هو التعصب القومي والتعصب الديني، حيث تمارسهما بعض الجماعات أو الأنظمة الدكتاتورية أو تحرِّض عليهما أو تشجِّعهما، خلافًا للقوانين وللالتزامات الدولية وللديانات السماوية والقيم الإنسانية النبيلة القائمة على المحبة والتسامح والاعتراف بحقوق الإنسان واحترام التعددية القومية والتعددية السياسية والتعددية المذهبية والتعددية الدينية.

ولا يمكن أن نتصور وجود مجتمع إنساني مستقر وآمن ويعيش الناس في ظله بأمان وبسلام، مع وجود التعصب الذي يرفض الحق الثابت والموجود، ويصادر الفكر الأخر أو القومية الأخرى، أو يحظِّر حرية العبادة أو لا يعترف بوجود الطرف الأخر. وبالتالي وفقًا للتعريف السابق، فإننا نستطيع أن نحكم على مجتمع ما بالمتعصب إذا كان هناك عدم انفتاح على الأخر وعدم التسامح (الثأر قضية تؤكد التعصب)، ومن خلال التعصب الديني ورفض الأخر المختلف عني فى الدين، لا لكونه إنسان، بل لكونه على غير ديني أو مذهبي أو جنسي أو عرقي أو بلدي.

ومن التعصب، عدم السماح للآخر أن يعبِّر عن رأيه أو معتقده، والعمل بمبدأ الوصاية على الآخرين، واحتكار المعرفة، وفرض الآراء بالقوة. ونستطيع أن نعرف المجتمعات الأكثر تسامحًا التي فيها حرية العبادة وحرية التعبير. ومن خلال طريقة التعبير عن المشاعر أثناء الاختلافات، تلك التعبيرات تقودنا إلى الحكم على المجتمع هل هو مجتمع متعصب أم مجتمع متسامح؟ أى أثناء الاختلاف أتعصب لجماعتي حتى لو كانت على غير حق! فالغالب إن المجتمعات الثنائية، أى التي يوجد بها ثنائية لا تعددية، تشهد تعصبًا؛ أمثلة لذلك بلد به ديانتين كبيرتين، قرية بها عائلتين كبيرين، رياضة بها فريقين هما الأكثر شعبية.. إلخ.  ومن هنا يقودنا الحديث إلى الدرجة التالية ألا وهى التمييز..

التمييز هو سلوك يتمثل في أن تكون الخيارات بين الأفراد أو المجموعات مستندة إلي صفات معينة خاصة بهم مثل اللون أو الدين أو العنصر، وليس علي أساس المساواة في الحقوق والواجبات. وهو بالتالي تمييز يؤدي إلي تباين في السلوك وتفرقة في المعاملة بين الأفراد والمجموعات.

وهناك عدة أنواع من التمييز، منها التمييز الشخصي، والتمييز القانوني، والتمييز المؤسسي.. من التعصب ينبع التمييز، هذا أسود وهذا أبيض.. هذا سيد وهذا عبد.. إلخ. هل في مجتمعنا تمييز بين أفراده على أساس اللون بين الأسواني والقاهري؟ أو على أساس الجنس ولد وبنت رجل وامرأة؟ أو على أساس الدين مسلم ومسيحي؟ هل تستطيع أن تتعرف على المواطن العادي بالشارع من شكله أو ملبسه، إن هذا ينتمي إلى هذا التيار أو المذهب هذا! وذاك إلى الطرف الأخر؟

إن كنت تجيب بنعم فإن التمييز حادث في مجتمعك. ومن أنواع التمييز التمييز المؤسسي، أى هل هناك تباين فى المعاملة بين الأفراد على أساس المؤسسة التي ينتمي الفرد إليها؟ أى هل التعامل بين صغار الموظفين مثل التعامل مع كبارهم في الحصول على الاحتياجات أم إن هناك تفرقة؟!!! وهل سيحظى الفرد بنفس الحظوظ التي له حتى ولو غادر تلك المؤسسة؟ أم أن المعاملة ستتغير؟

ومن أنواع التمييز أيضًا التمييز القانوني، أى هل كل المواطنين أمام القانون سواء لا فرق فى الشهادة بين اللون أو الجنس أو الدين؟ وهل أحكام القضاء مماثلة للجميع أم لا؟

ونكتفي بذلك ليقودنا التمييز من التعصب إلى العنف..

ماذا يعني مفهوم العنف؟ هو كل تصرف يؤدي إلى إلحاق الأذى بالآخرين، وقد يكون الأذى جسديًا أو نفسيًا؛ فالسخرية والاستهزاء من الفرد، فرض الآراء بالقوة، إسماع الكلمات البذيئة.. جميعها أشكال مختلفة لنفس الظاهرة.

تشير الموسوعة العلمية (Universals) إلى أن مفهوم العنف يعني كل فعل يمارس من طرف جماعة أو فرد ضد أفراد آخرين عن طريق التعنيف قولاً أو فعلاً. وهو فعل عنيف يجسِّد القوة المادية أو المعنوية.
ذكر قاموس (Webster) أن من معاني العنف ممارسة القوة الجسدية بغرض الإضرار بالغير، وتعني بمفهوم العنف هنا تعمُّد الإضرار، وقد يكون شكل هذا الضرر مادي من خلال ممارسة القوة الجسدية بالضرب، أو معنوي من خلال تعمُّد الإهانة المعنوية بالسباب أو التجريح أو الإهانة.

هو سلوك أو فعل يتسم بالعدوانية يصدر عن طرف قد يكون فردًا أو جماعة أو طبقة اجتماعية أو دولة، بهدف استغلال وإخضاع طرف آخر في إطار علاقة قوة غير متكافئة إقتصاديًا وسياسيًا، مما يتسبب في إحداث أضرار مادية أو معنوية أو نفسية لفرد أو جماعة أو طبقة إجتماعية أو دولة أخرى.

ونحن إذا نضيف له العنف اللفظي، أى أن هناك تحريض لفظي على الأخر وإهانته بغرض التشويش ونشوية الآخر، سواء في شخصه أو معتقده أو عرضه أو فكره. وأيضًا العنف اللغوي من خلال الكتابات التي تهدف لنفس النوع السابق اللفظي، ولكنها تكون مكتوبة. ويُلاحظ أن كلا من العنف اللفظي واللغوي يكونان مملوئان بالأكاذيب والمغالطات والمفبركان؛ لأن أساسهما هما النقل السماعي لا الدراسي المنهجي التحليلي الصادق.

العنف اليدوي: وهو الذي يشتمل على استخدام الضرب والتعذيب ضد أى إنسان وحتى البيئة والخليقة كلها .
العنف باستخدام الأسلحة ضد الأفراد، والذي يؤدى إلى إنهاء حياة فرد .
العنف باستخدام الأسلحة وقتل جماعات أكثر من فرد، بسبب الاختلافات العائلية أو الدينية وقضايا الثأر والخصومات. وهذه الدرجة هي التي تقودنا إلى ما يُعرف بالاضطهاد إن مورست ضد فرد أو عائلة أو جماعة.

كل الدرجات السابقة أو حتى أحدها يجعلنا نقول إن هناك اضطهاد يختلف حدته باختلاف درجته.

مفهوم "الاضطهاد": هو تمييز منظَّم ضد فرد أو جماعة أو أقلية؛ فالمفروض في التمييز إنه عارض، وأن القانون يقاومه والحكومة تصدر التشريعات وتتصرف على أرض الواقع بطريقة تظهر بوضوح مقاومتها لهذا التمييز. وبخلاف ذلك يكون التمييز اضطهادًا.

أما تعريف الأمم المتحدة للاضطهاد، فهو انتهاك أيًا من حقوق الأفراد أو الجماعات أو الأقليات الواردة في مواثيقها وإعلاناتها واتفاقيتها وقراراتها.

والآن عزيزي القاري، هل ترى إننا نعانى في مجتمعنا على مستوى الأفراد أو الجماعات، أو من حيث اللون والنوع أو الجنس، من تعصب أو من تمييز أو من عنف، آو من الجميع معًا؟ وتُرى ماذا نحتاج لرفع ذلك الأمر عن مجتمعنا؟ لتكن لنا وقفة؛ لأن هذا المجتمع هو مجتمع الكل ونحن أبنائه الواجب.. علينا أن نحميه من تلك الشرور التي لن ترحم أحدًا.. حمى الله بلادنا الحبيبة من كل شر وشبه شر. الرب معكم.

 

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع

جميع الحقوق محفوظة للأقباط متحدون © 2004 - 2011 www.copts-united.com