ÇáÃÞÈÇØ ãÊÍÏæä
طباعة الصفحة

أنور الهواري العودة إلى جذور 30 يونيو هى الحل

أنور الهواري | 2015-01-30 13:35:09

أنور الهواري
30 يونيو- فى جوهرها- هى تصويب للمسار السياسى الذى شقته ومهّدته ثورة 25 يناير.

هى- فى يومياتها المسجلة فى ذاكرة التاريخ- تجديدٌ للحركة الوطنية المصرية، التى استفزها خروج دولة الإخوان على قواعد الدولة المدنية الحديثة، التى يكافح الشعب المصرى لبنائها منذ اصطدمنا بالواقع الإنسانى الجديد الذى عرفناه ونحن نقاوم الغزاة الفرنسيين بقيادة نابليون بونابرت شخصياً، فقررنا أن نخلع أنفسنا من ربقة العصور الوسطى التى فرضها علينا المزدوج العثمانى- المملوكى، العثمانيون لهم علينا سلطان الخلافة، والمماليك لهم علينا حقوق الإقطاع المكتسبة، ونحن- المصريين- لسنا أكثر من رعايا عن الخليفة العثمانى، ولسنا أكثر من خدم وأجراء عن الإقطاع المملوكى.

3 يوليو لم تكن مجرد بيان ألقاه وزير الدفاع، يعلن- بالإنابة عن الأمة المصرية- استرداد ثورة 25 يناير من خاطفيها واستعادة الدولة المصرية من غاصبيها، ولكنه- أى 3 يوليو- كان تأسيساً لرحلة طويلة من استعادة تحديث المجتمع، تجديد الدولة، تعزيز حريات وكرامة وحقوق الأفراد، تمكين الطبقة الوسطى المصرية من دورها القيادى المسؤول، خلق طبقة سياسية مدنية قادرة على إدارة الدولة، خلق طبقة مصرية من المنتجين للسلع والخدمات والقادرين على صنع الثروات لرفاهية المجموع، بعيداً عن رأسمالية الدولة الفاشلة فى القطاع العام، وبعيداً عن الرأسمالية الفردية المتوحشة والمستفيدة من الفساد الرسمى.

3 يوليو 2013م لم تكن محاولة- فقط- لوضع دستور جديد مكان دستور الإخوان، ولا محاولة لتمكين رئيس جديد بديلاً عن رئيس الإخوان، وبالضرورة ليست وظيفتها إحلال أى برلمان مكان برلمان الإخوان، لكنها- كما فهمنا فى وقتها- كانت ثورة حقيقية لتدشين أفق جديد فى حياة الأمة المصرية، أفق نتمكن- من خلاله- من الانطلاق المستريح نحو كل جديد، يباعد بيننا وبين كل قديم.

نعم: بيان 3 يوليو- رغم أن الذى ألقاه هو وزير الدفاع آنذاك- كان فاتحة عهد مدنى جديد، نتخلص به من مواريث الحقبة العسكرية الأولى 1952م- 2012م، هذه الحقبة بدأت بأحلام جمال عبدالناصر فى السيطرة لتنتهى بأحلام جمال مبارك فى التوريث، هذا البون الشاسع بين جمال الأول وجمال الأخير يكشف لك عن مدى وحجم السقوط التاريخى الذى انتهت إليه الحقبة العسكرية الأولى.

بل إن هذه الحقبة العسكرية الأولى [ناصر، ثم السادات، ثم مبارك الأب، ثم مبارك الابن] أخذت زمام مصر وقيادتها من أسرة محمد على 1952م، وسلمتها- بيديها- إلى جماعة محمد مرسى 2012م، وهذا البون الواسع والشاسع بين الفكر المدنى التحديثى النهضوى لعائلة محمد على، وبين الفكر الدينى المتطرف والمغلق لجماعة محمد مرسى، يكشف لك- مرة أخرى- عن مدى وحجم السقوط التاريخى للحقبة العسكرية الأولى.

أرجوك: اقرأ معى هذه النصوص الصريحة من بيان 3 يوليو 2013م الذى ألقاه وزير الدفاع آنذاك فى حضرة الشعب المصرى بأكمله، وبالاتفاق مع كافة رموز الحركة الوطنية المصرية:

أولاً: «إن القوات المسلحة لم يكن فى مقدورها أن تصم آذانها أو تغض بصرها عن حركة ونداء الشعب المصرى، التى استدعت دورها الوطنى، وليس دورها السياسى».

ثانياً: «إن القوات المسلحة كانت- هى بنفسها- أول من أعلن، ولاتزال، وسوف تظل، بعيدة عن العمل السياسى».

ثالثاً: «لقد استشعرت القوات المسلحة- انطلاقاً من رؤيتها الثاقبة- أن الشعب المصرى الذى يدعوها لنصرته لا يدعوها لسلطة أو حكم، إنما يدعوها للخدمة العامة، والحماية الضرورية لمطالب ثورته».

رابعاً: «تلك هى الرسالة التى تلقتها القوات المسلحة من كل حواضر مصر ومدنها وقراها، وقد استوعبت هذه الدعوة وفهمت مقاصدها، واقتربت من المشهد السياسى، آملةً وراغبةً وملتزمةً بكل حدود الواجب والمسؤولية والأمانة».

خامساً: على أساس النقاط السابقة، قرر الشعب المصرى: عزل رئيس الإخوان، تعطيل العمل بدستور الإخوان، تشكيل لجنة لوضع دستور جديد، انتخابات رئاسية، انتخابات برلمانية، ميثاق شرف للأداء الإعلامى، دمج الشباب فى العملية السياسية، تشكيل لجنة عليا للمصالحة الوطنية.

أظن- والله أعلم- أن الأيام جرت- بعد ذلك- على غير ما فى هذا البيان، يعنى على غير ما اتفقنا عليه، على غير ما وقّع الحاضرون عليه، والحاضرون هم الملايين من الشعب المصرى الذين رابطوا فى الشوارع أكثر من مائتى يوم، منذ إصدار الإعلان الدستورى للإخوان فى 22 نوفمبر 2012م إلى موعد سقوطهم بإرادة الله وإرادة الشعب فى 3 يوليو 2013م.

لقد بدأ الانحراف عن الإجماع الوطنى: منذ اللحظة التى نسينا فيها مضمون ذاك البيان، ونسينا- فيها- أنه تعاقد وطنى ملزم.

كذلك، بدأ الانحراف، منذ اللحظة التى نسينا فيها أن الطرف الأصيل فى هذا البيان هو الشعب المصرى.

ثم- فى نهاية المطاف- منذ اللحظة التى جرى فيها اختصار كل شىء فى شخص من ألقى ذاك البيان.

خلاصةُ الكلام: المسافات تتباعد- كل يوم- بيننا وبين جذور 30 يونيو، كما تتباعد عن روح 25 يناير، ولكن لاتزال العودة- رغم ذاك التباعد- ممكنة، قبل أن يتسع الخرقُ على الراقع، وقبل أن يتسع الفتقُ على الراتق.

نقلآ عن المصري اليوم

 

جميع الحقوق محفوظة للأقباط متحدون © 2004 - 2011 www.copts-united.com