د. وحيد حسب الله


  1 يوليو 2005

صفحة كُتاب الأقباط متحدون

 waheed@uranet.ch

رسالة إلي نقيب المحامين

 

السيد المحترم / سامح عاشور

                                     نقيب المحامين  

 

أكتب إليكم هذه الرسالة رداً على ما جاء في جريدة "المصريون" الإلكترونية أن بنقابتكم لجنة تسمى "لجنة الشريعة" .

اسمح لي أن أعبر لكم عن صدمتي من أن نقابتكم لم تتحرر بعد من سيطرة الأخوان المسلمين عليها وبالتالي لا أفهم ما هو سبب وجود لجنة مثل هذه اللجنة داخل نقابة تمثل المحامين المصريين مسلمين ومسيحيين . فموضوع الشريعة هو من اختصاص الأزهر حسب ما أعلمه وليس من مجال تخصص نقابتكم . هذا بالإضافة إلي أن مجلس الشعب هو المسئول عن تكوين لجنة للشريعة أو غيرها فهو السلطة التشريعية في الدولة المصرية ، وليست نقابة المحامين . فدور نقابتكم هو الدفاع عن حقوق المحامين ومصالحهم والعناية بشئونهم وليس القيام برفع دعاوي ضد طرف من أطراف الشعب . أليس دور المحامي هو الدفاع عن المتهمين ؟ أليس دور النقابة هو الدفاع عن حقوق المحامين قبالة الدولة وسلطاتها ؟

لذلك لا بد أن تعتذر نقابتكم عن هذا الخلط بين دورها النقابي والقيام ببلاغات ليست من اختصاصها .

ثم ألستم مع كاتب المقال المتهم وهو أن ما حدث أيام عمرو بن العاص ما هو إلا غزو ، بغض النظر عن أسبابه ، عسكري أوديني فهو اعتداء على دولة أخرى . فعمرو بن العاص أتى من الجزيرة العربية وهو لم يكن إلا بدوياً ومعه بضعة مئات من البدو حاملين سيوفهم لغزو مصر أو حسب التعبير الشائع والكاذب  "فتح مصر" . فهو ومهما كانت التسميات أو الأهداف هو في حقيقته غزو واحتلال . إن لم يكن كذلك فلماذا تعتبرون الحملات الصليبية غزواً وتهاجمون الغرب بسبب ذلك؟  لماذا تعترضون أيضاً على الوجود اليهودي في فلسطين ؟ أليس هو الأخر لو تابعنا نفس منطق المتأسلمين  في نظر اليهود ما هو إلا فتح يهودي ؟ وحسب نفس المنطق ، يجب أن نعتبر التدخل الأمريكي هنا وهناك ما هو إلا فتح أيضاً ؟ وإذا رفضنا اعتبار الوجود اليهودي فتحاً مبيناً لهم أو التدخل الأمريكي فتحاً مسيحياً ، فيجب أن نرفض قبول الغزو الإسلامي أيضاً ونعتبره ، تاريخياً أنه كان احتلالاً واستعماراً وهذا الأمر قد أعترف به عديد من الكتاب المسلمين قبل الأقباط . وقد هاجم هؤلاء الكتاب الطريقة التي تعامل بها عمرو بن العاص مع المصريين والأساطير التي كتبت حوله وحول عمر بن الخطاب بخصوص سماحتهم مع أقباط مصر . ألم يحن الوقت أن ينظر المسلمين للأمور التاريخية بمكيال واحد وليس بمكيالين ؟ لماذا يكون مقبول الاعتداء على الآخرين واعتباره فخراً وجهاداً حتى ولو تم بخيانة أهل البلاد التي استقبلتهم في وقت كانوا هم مهددين من قبل حكومتهم وأعطتهم الحماية والأمان  كما حدث في نيويورك ومدريد وغيرهم من مدن العالم ؟ أتعتبرون هذا فخراً لأنه تم باسم الإسلام ، أليس كذلك؟ فما هو الجديد فيما قاله كاتب المقالة إلا سرد الأحداث التاريخية كما هي بدون تزوير أو تزويق أو خداع أو كذب؟

وقد عجبت من المنطق الذي يستعمله البعض متكلماً عن سماحة الغزاة مثل عمرو بن العاص الذي خير الأقباط بين ثلاث اختيارات قبول الإسلام أو دفع الجزية أو الموت ؟ أي أن القبطي في كلى الأحوال لابد له أن يتنازل عن شيئاً ما . وهذا هو ما تناقلته كتب التاريخ التي كتبها مؤرخون مسلمون قبل الأقباط وهو أيضاً ما حدث مع بقية الشعوب التي قام بغزوها البدو العرب ومحو تقاليدها وثقافتها بالقوة ، وهو ما حدث مع الأقباط في العصور الوسطي عندما قام بتهديدهم الحاكم بالقتل إذا تكلموا باللغة القبطية؟  نحن لا نريد أن نفتح صفحات الماضي ونطالب بالحساب ، ولكن لا نريد أيضاً أن تزوروا التاريخ وتدعوا شيئاً لم يحدث أصلاً . لقد أنطلق الأقباط مع أخوانهم المسلمين منذ بداية القرن الماضي في بناء الدولة الحديثة على أسس من الحرية والديمقراطية دون النظر للخلف نحو الماضي الأليم ، ولكن جاء الإرهابي حسن البنا وأسس جماعته الإرهابية "الأخوان المسلمين" التي ليس لها إي انتماء لمصر ونيلها  ليفرض علي شعبها نمط حياة بدوية سعودية لا تتفق مع حضارتها العظيمة ، وهذا هو ما يحاربه الأقباط والمسلمين الذين ينتمون لمصر وليس للتيار الوهابي الإرهابي .

أن هذا البلاغ إن دل أنما يدل على أن ما قام به عمرو بن العاص وغيره من العرب "المسلمون" الأوائل من غزوات وطريقة معاملتهم وفرضهم الجزية أو الإسلام أو الموت بحد السيف أصبح يشكل وصمة عار في جبين العرب والتاريخ الإسلامي .

لا أحد يستطيع أن ينكر تاريخياً أن الأقباط قاموا بعدة ثورات للتخلص من الاحتلال العربي البدوي لمصر وتحريرها من هؤلاء الغزاة . هذه حقيقة تاريخية لا يستطيع أحد أن ينكرها وخاصة أن كثير من المؤرخين المسلمين ذكروها وذكروا أيضاً دور السلطات الكنسية في مساعدة الخليفة في إخماد هذه الثورات .

أما اعتراض البعض على كلمة "رعاع" فهذا التعبير قرأته مئات بل ألاف المرات في كتب التاريخ الإسلامي عن ما فعله الرعاع والمقصود به عامة الشعب أثناء المجاعات أو الأزمات الكبرى التي واجهتها مصر منذ الغزو الإسلامي .

ماذا تسمي سكان قرية تلوانة المسلمين الذين خرجوا عن بكرة أبيهم يهاجمون المسيحيين ويهدموا كنيستهم ويعتدوا عليهم ؟ أليس هؤلاء رعاع أم هم ، حسب لجنة الشريعة ، أصحاب حق ؟ أن فعل مثل هذا لا يقوم به شعوب متحضرة بل شعوب همجية وبالمعنى المعروف رعاع ليس إلا ! أليس الذي حدث في الكشح وقبلها في الزاوية الحمراء وفي صعيد مصر ضد المسيحيين من قبل الجماعات الإسلامية لا يمكن تسمية الذين فعلوا ذلك ليسوا إلا مجموعة من الرعاع فعلاً . فهو فعل أناس غير متحضرين بل رعاع حقاً بالفعل والعمل الهمجي .

أعتقد أن نقابتكم يجب أن توضح موقفها من هذا البلاغ وبسرعة حتى تتجلى الأمور في نظر المحامين المسيحيين أعضاء النقابة وكذلك بالنسبة للمحامين الذين يرفضون أن تكون النقابة لها لوناً دينياً معيناً أو أسلمة النقابة .

أنني أناشد المحامين الأقباط أعضاء النقابة بالانسحاب من النقابة في حالة عدم سحب هذا البلاغ المقدم باسم النقابة وتأسيس نقابة أخرى للمحامين غير المتأسلمين والأقباط .

 

دكتور وحيد حسب الله

باحث بمرصد الأديان بجامعة لوزان - سويسرا

 



E-Mail: info@copts-united.com

Copts United

لأقباط متحدون