د. وحيد خسب الله


  19 ديسمبر 2004

صفحة كُتاب الأقباط متحدون

 waheed@uranet.ch

رسالة للنائب العام المستشار ماهر عبد الواحد

د. وحيد حسب الله

 لا يا سيادة النائب العام

 لقد قرأت بإمعان بيانك الخاص بحالة السيدة وفاء قسطنطين زوجة كاهن أبو المطامير . فبيانك يدينكم بأنكم تخفون الحقيقة الواضحة . فهناك جريمة خطف واعتداء ، إن لم يكن هناك اغتصاب حدث لهذه السيدة على يد مباحث أمن الدولة وبعض المشايخ الذين فقدوا ضميرهم من أجل  أسلمة مصر بجميع الطرق الملتوية  وانتم أول من يعلم أن هناك حالات كثيرة ومشابهة ولم تحكموا فيها بالعدل لأن الطرف المظلوم هو غير مسلم وبالتالي لا يجوز طبقاً للشريعة الإسلامية نصرة طرف غير مسلم على مسلم كما حدث في الكشح وغيره من مدن وقرى مصر المحروسة . وتأتي الآن لتعطينا درساً عن الولاء لمصر ؟ أليس هناك حياء أيها المستشار ؟

أن كنتم تبحثون فعلاً عن سلامة مصر وأمنها وسمعتها بعيداً عن أسطوانة المتربصون بمصر من الخارج . فالأفضل لكم أن تبحثون عن هؤلاء المتربصون بمصر في داخل مصر نفسها ، وعلى وجه الخصوص مباحث أمن الدولة وكذلك بعض المشايخ الذين فقدوا عقولهم وضميرهم !

لماذا لا تحاكمون رئيس السيدة وفاء في العمل ؟ لماذا ذهب هذا الرجل إلي الإسكندرية ومع من ؟ من يعطينا الضمان إنه لم يخطف فعلاً السيدة وفاء ؟ لقد قرأت بإمعان وبروح علمية كل التصريحات وخاصة الغوغائية من الصحافة المصرية والإسلامية ما يخجل له الجبين ويتحير له العقل من التخلف والانحطاط والتعتيم على الحقيقة التي تدينون به الغرب دائماً ! لماذا رفض رجال أمن الدولة في البحيرة حل المشكلة من أول لحظة ؟ فهؤلاء يجب أن يحاسب عما ألحقوه بمصر من سمعة سيئة في أنحاء العالم ؟ هل الدفاع عن الأقباط من طرف أقباط المهجر غير مقبول ولماذا؟ ألا تقومون أنتم وإعلامكم بمهاجمة الغرب والتظاهر لمناصرة المسلمين الموجودين في الغرب ، بل تحريضهم ضد الدول التي استقبلتهم ورحبت بهم في الوقت التي كانت الحكومات المصرية والعربية تبطش بهم ؟

برغم التخبط في التصريحات الصحفية بخصوص قصة السيدة وفاء ، إلا أن هناك عبارة هامة كتبتموه في بيانكم الرسمية وهو إدانة واضحة منها لكل من حاول تشويه الحقيقة بخصوصها وإظهارها في وضع محرج لا يتفق مع الواقع التي عاشته هذه السيدة منذ اختفائها في الإسكندرية والترهيب التي تعرضت له من قبل عصابة رئيسها ومجرمي مباحث أمن الدولة . هؤلاء يجب محاكمتهم أن كنت فعلاً تتكلم عن الولاء لمصر والوقوف بحزم ضد من يحاول النيل من وحدة هذا البلد حسب تعبيركم ! هذه العبارة يا سيادة المستشار هي :

"وقررت (السيدة وفاء) في نهاية أقوالها في التحقيقات أنها ولدت مسيحية وعاشت وسوف تموت مسيحية "

أن من قالت هذه العبارة تريد أن توجه لكم رسالة أنها وهي في حالة طبيعية وحرية لم تفكر لحظة واحدة في إنكار مسيحيتها ، إنها عاشت وسوف تموت مسيحية . إلا تكفي هذه العبارة أن تلفت نظركم أن هناك ضغوط مارسه أمن الدولة علي هذه السيدة لتغير دينها لولا قيام وتظاهر الأقباط لإنقاذها من وحوش أمن الدولة الذين رفضوا أن يحترموا قوانين الدولة وهم المفروض أول من يحافظ عليها ؟ إلا تكفي هذه العبارة حتى تفكر أن هذه السيدة عندما ذهبت "لإشهار إسلامها" كان تحت ضغط وإرهاب ؟

أن كنت قد تعودت على إخفاء الحقائق وترك من يرتكب جريمة بلا العقاب ، وأنا واثق أنه سوف يحصل على مكافأة ، لأن الضحية جريمته هو أنه مسيحي ؟ هل تعتقد يا سيادة النائب العام أنك بذلك تحمي مصر من الدمار المرة القادمة عندما يقوم واحد من هؤلاء المسئولين عن الأمن (وأنت تعلم أكثر من أية شخص أخر الفساد والبلطجة والتعذيب الذي يتعرض له المواطنين المصريين مسلمين ومسيحيين على أيدي من أسميتهم مسئولين عن الأمن) بتكرار نفس القصة مرة أخري ؟

أن كان دينك الإسلامي وشريعتك كما أعرفها جيداً تمنعك عن القيام بواجبك الوطني في حماية هذا الوطن ، فما عليك إلا بالاستقالة من هذا المنصب ؟

أن ما حدث من تجاوزات الشرطة والأمن المركزي وهو رأيناه بكل أسف في قنوات التليفزيون العربية قبل الأجنبية حتى لا تتهم الغرب بذلك يدين وبدون أدنى شك رجال الشرطة المصرية في الاعتداء على الشعب القبطي في الكاتدرائية وكما كتب بعض الكتاب في بعض الجرائد المصرية ، بكل أسف أن ظلم المسئولين عن الأمن وحماية المواطن القبطي هم السبب في لجوء هؤلاء الأقباط للكنيسة لتوصيل شكواهم لرئيس الجمهورية ؟ ولكن كالعادة مثلك مثل القائمين على الأمن وحماية المواطن وإعطاءه حقه طبقاً للدستور والقوانين التي تتشدق بها وسوف تشهرها لإدانة الشباب الذين قبض عليهم خارج أسوار الكاتدرائية وليس داخلها . شباب لم يشترك لا من بعيد ولا من قريب في هذه المظاهرة ولكنه وجد في المكان غير المناسب في الوقت غير المناسب ليكون كبش الفداء وإشباع للغريزة الدموية لرجال وزير الداخلية ؟ من هم الضباط المسئولين الذين أعطوا الأوامر لرجال الشرطة بالصعود على أسطح الكنيسة البطرسية وتدنيسها حسب تعبيراتكم الشائعة ؟ هل في استطاعتك أنت المستشار ماهر عبد الواحد النائب العام تقديم واحد من هؤلاء المسئولين في الأمن المركزي أو أمن الدولة للمحاكمة بتهمة تعريض البلاد للدمار وتشويه سمعة الإسلام في العالم أجمع ؟

أنني أترقب أن تكونوا على قدر من الشجاعة لمحاكمة هؤلاء المسئولين حتى يعرف العالم أجمع أننا في دولة يسودها القانون ويتساوى فيها المواطنون بغض النظر عن العقيدة السياسية أو الدينية .

 

 دكتور وحيد حسب الله

دكتور وأستاذ في العلوم اللاهوتية وحوار الأديان

  سويسرا

 


E-Mail: info@copts-united.com

Copts United

لأقباط متحدون