د. وحيد خسب الله


  23 ديسمبر 2004

صفحة كُتاب الأقباط متحدون

 waheed@uranet.ch

ألمصارحة الطريق الوحيد لإعادة الوئام والمحبة بين المسيحيين والمسلمين على أساس العدل والمساواة

 

تعلق على ما جاء في رسالة المستشار لبيب حليم لبيب نائب رئيس مجلس الدولة[1]

 

 

أولاً نشكر السيد المستشار على رسالته القيمة الصريحة التي وجهها إلي الرئيس حسني مبارك . ثانياً هذه الرسالة تعبر عما يجيش في أعماق كل قبطي مهاجر بعيداً عن وطنه وما يحمله من ذكريات عن علاقات محبة وأخوة ربطت بينه وبين شركاءه في الوطن من المسلمين حيث شربا الاثنان معاً من ماء النيل وأكل من خيرات أرض مصر سوياً . فالنيل اساقهم من مياهه والأرض غذتهم من خيرها بدون تمييز بينهم . أن ما عاشه المستشار عاشه أيضاً ملايين الأقباط والمسلمين معاً وأنا واحد منهم . نشأت على أرض مصر الطيب وكان لي جيراناً من المسلمين نحتفل بالأعياد جميعها مسيحية أو إسلامية بلا تمييز . كنا نذهب معاً للكتاب في الجامع ثم الكنيسة لنتعلم اللغة العربية . وما أذكره شخصياً من أحداث مؤسفة في الحي الذي تربيت فيه ، هو أنه جاء جارً جديد متعصب وبدأ يتعدى علينا بالشتائم المخزية والتهديد والوعيد بالضرب لكوننا مسيحيين ، ولكن وهذا هو الأهم عندما علم زملائي المسلمين في المدرسة بقصة هذا الرجل جاءوا جميعاً معي لإعطاء درساً لهذا الرجل وكانوا على استعداد لتأديبه حتى لا يعود مرة أخرى للتعدي علينا . كانت هذه هي روح هؤلاء الأخوة أن المسلمين لا يسمحوا لأحد بالتعدي على أخر بسبب ديانته . ومن يومها لم يعد الرجل يفعل شيئاً ، بل تغير وأصبح أسلوبه مهذب . وهذا هو المطلوب اليوم أن تختفي هذه الروح الخبيثة والشريرة التي انتشرت في ربوع مصرنا حتى نعود ، مسيحيين ومسلمين لسابق عهدنا . أردت بذلك أن أختصر فيما كتبه المستشار لبيب حليم مضيفاً خبرتي الشخصية في الحياة المشتركة .

موجهاً كلامه لسيادة الرئيس ، يقول الكاتب :

 " منذ أن ولدت في الأربعينيات، ومئات الألوف من المواقف والأحداث مرت بي، جمعت بيني وبين جيراني وأصدقاء ومعلمين وزملاء لم أشعر من جانبي أو من جانبهم بأي بادرة تدل علي شعور بالتفرقة. فمصر التي ورثناها عن اجدادنا كانت حديقة رحبة اتسعت لكل الأزهار، وسمت فيها كل الديانات علي قدم المساواة. مستمدة تآخيها من سماحة الدين. ومن سماحة الوطن... . ومازال في ذاكرتي الأستاذ عطية عبدالملاك مدرس الحساب الذي كان يحكي لنا انه كان للمسيحيين رواق في الأزهر الشريف يتلقون فيه العلوم المنطقية والشرعية، وأن أولاد العسال وهم: من كبار مثقفي المسيحية تعلموا فيه... ومازال في ذاكرتي الشيخ بكر مدرس اللغة العربية الذي اهدي إليٌî فانوس رمضان الذي كنت ألعب به مع اصدقائي المسلمين أيام شهر رمضان ... . تلك هي مصر يا سيادة الرئيس التي نعرفها وعشناها، لم يفكر أحد في أن يمحو أحدا، ولا أحد حاول ان يستبعد أحدا، لقد تعايشنا في عمق اعماق الوجدان المصري في محبة اثارت اعجاب ودهشة العالم كله.
منذ أن مات عبدالناصر رحمه الله بدأت تظهر في الأفق مظاهر تدمير هذا الحب فحدثت اعتداءات فردية علي بعض الكنائس، وحدثت اعتداءات علي بعض المسيحيين، وبدأت تظهر في الأفق مظاهر تدمير الوحدة الوطنية وتدمير العلاقات الحميمة بين المواطن المسلم والمواطن المسيحي، والتفريق المتعمد بين المصري المسلم، والمصري المسيحي. لم نعد

نسمع كلمة مسيحي ومسلم وبدأنا نسمع كلمة مسلم وكافر!! ففي كتاب: الإرهاب إسلام أم تأسلم يحكي لنا الدكتو رفعت السعيد الكثير والكثير، يحكي لنا كيف كانوا يلقنون اطفالنا ما يفرقهم، وما يكرس التفريق بين الطفل المسلم والطفل المسيحي. وكيف كانوا يشحنون اطفالنا منذ بداية العملية التعليمية حتي وهو في الحضانة بما يجعله أرضا خصبة للفكر المتطرف ولدعاوي الارهاب والارهابيين. ففي كتاب عنوانه 'منهاج المسلم الصغير' فسر مؤلفه الآية الكريمة: صراط الذين انعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين' فقال: اننا نعبد الله الذي خلقنا ونستعين به في كل أعمالنا، وندعوه أن يهدينا إلي الطريق الحق وهو الاسلام، وليس طريق المغضوب عليهم وهم اليهود ولا طريق الضالين وهم النصاري، هكذا يا سيدي الرئيس كنا نغرس التفرقة الدينية بل والحقد الديني في اعماق الطفل المصري.
في الوقت الذي يسرع فيه العالم نحو القرن الحادي والعشرين، وبينما الكل يتقدم ويرهق نفسه وعقله سعيا لمزيد من التقدم، نجد بعضا منا يحاول متعمدا فرض خيمة من اللاعقل علي بلدي وتمزيقها واغفال روح المواطنة وحقوقها!!
 ويذكر المستشار الفتوى التي نشرت في مجلة الدعوة الصادرة في ديسمبر سنة 1980 بخصوص بناء الكنائس ويستخلص الآتي من هذه الفتوى فيقول :

" أعرف يا سيادة الرئيس وواضح يا سيدي من هذه الفتوي انه من غير الجائز الابقاء علي أية كنيسة علي كل أرض مصر، ولست بحاجة إلي ان اقول ان المتطرفين يحاولون ان يفرضوا فكرا خاطئا في محيط العلاقة بين المسيحيين والمسلمين. صحيح ان الارهاب يبدأ فكرا، وبالتالي فإن الفتاوي الخاطئة في العلاقة بين المسلمين والمسيحيين ربما وبالضرورة تتحول إلي فعل وممارسات ارهابية، فإذا كان وجود كنيسة في المعادي حراما ومخالفا لتعاليم الدين، فما هو حكم حرقها أو تدميرها أو قتل القائمين علي حراستها؟ أنا ان هذه الفتوي لا تستند إلي صحيح الاسلام بل تناقضه"

ثم ينوه إلي العهد النبوي بخصوص النصارى معتبراً إياه " هو اساس العلاقة المتساوية بين المسلمين والمسيحيين، فعقد الذمة يوجب علي المسلمين حقوقا علي المسيحيين، فمن اعتدي عليهم ولو بكلمة سوء أو غيبة عرض أو أي نوع من أنواع الأذية أو أعان علي ذلك فقد ضيع ذمة الله تعالي وذمة دين الإسلام... وهكذا كانت يا سيدي الرئيس فتوي حكم بناء الكنائس مخالفة لصحيح الدين. واخشي أن تكون هذه الفتوي هي المرجع الذي يستند إليه هؤلاء الذين حاولوا احراق الكنائس في السنوات الماضية فلا فارق عندي بين صاحب الفتوي وبين من يقتدي بها فكلاهما مسئول...
حقيقة: انه عندما تقوم فتنة طائفية، في أي مكان في العالم فإن الاغلبية تكون هي المسئولة لأن الأغلبية هي التي تستطيع أن تحل المشاكل الطائفية بحكم أنها أغلبية، فحين ثار اقباط المهجر وقالوا: إن هناك تمييزا بين الأفراد وإن هذا التمييز بدأ رسميا من السلطة وإنه موجود في الوظائف وإن كثيرا منها محرم علي الأقباط. وأن قبطيا واحدا لم يعين مديرا لأمن أو رئيسا لجامعة أو محافظا في ذلك الوقت، طلعت علينا استاذة جامعية واثارت قضية كانت في غاية الغرابة فقالت إن رئيس الجمهورية بحكم الدستور مسلم والقياس واضح فيجب ان يكون كل من يمثل رئيس الجمهورية مسلما. ورئيس الجمهورية هو رأس السلطة التنفيذية، وبالتالي فإن كل الوزراء وكل كبار الموظفين يجب أن يكونوا مسلمين وما دام رئيس الجمهورية هو رئيس السلطة القضائية وبالتالي فإن كل قاضي يجب أن يكون مسلما. وما دام رئيس الجمهورية هو القائد الاعلي للقوات المسلحة فإن كل ضابط وكل جندي في القوات المسلحة يجب أن يكون مسلما أيضا...
انا أعرف أن ذلك أمر مخالف للدستور وأن المصريين أمام القانون سواء، وأن الوظائف العامة حق لكل المصريين مسلمين ومسيحيين فهل تتصور يا سيدي ما وصل إليه هذا التطرف الفكري... ألم تطالع يا سيدي مجلة 'المسلمون' الصادرة في 29/10/1993 التي نشرت فتوي حول معاملات المسلم مع المسيحي فقالت: يظل المسلم في هذه المعاملة مع المسيحي يشعر أنه الأعلي، ولا يأتي علي باله أن هؤلاء القوم من الكفار ممن لا يستحقون التقدير والاحترام فهم ليسوا محل قدوة، بل هم كالأنعام.بـــل هم أضــل منــها."

ثم يذكر لرئيس الجمهورية ما كتبه ابراهيم عيسي في كتابه عمائم وحناجر عن لسان  الدكتور عمر عبد الكافي معلقاً : " ماذا نقرأ وماذا نسمع؟.. حكايات غريبة وفتاوي أكثر غرابة. كلها تهدف لشيء واحد. هو تدمير الوحدة الوطنية. تحطيم العلاقات الحميمة بين المواطن المسلم والمواطن المسيحي، فلم نعد نسمع كلمة مسلم ومسيحي، بل نسمع كلمة مسلم وكافر، إنهم يهدفون إلي مسح مرحلة تاريخية كاملة من عقولنا إنهم يسعون إلي حذف المحبة والاخاء من ذاكرة المصريين، إنهم يحاولون طمس صفحة جميلة من صفحات مصر، يحاولون أن يعودوا ببلادنا إلي عهد الخلافة العثمانية الذي ذاق فيه المصريون جميعا أبشع انواع الاضطهاد!!"
يلفت الكاتب النظر أن الرئيس يريد أن يكون المجتمع مبني على الحب " وأنا أعلم أن سيادتكم تريدون أن يقوم مجتمعنا علي الحب ولا شيء غير الحب." ثم يؤكد للرئيس محبة الأقباط له وانهم ينتظرون أن يبادلهم هذا الحب الذي لا يشكون فيه ، ولكن لهم أمل أن يقبل منهم تنبيههم له بالخطر الذي يحق بالوطن :" ونحن يا سيادة الرئيس نحبك، ونعرف أن لنا فيك مثلما للأغلبية فيك. نعلم أنك عادل فالحب الذي تطلقه علي الأغلبية هو ذات الحب الذي تطلقه علي الأقلية. فأنت تحسن القسط ولا تطفف الميزان. نحن نعلم أنك السند الوحيد، ومصرنا العظيمة تعيش في سحابة من الأسي والحزن لهذه الأحداث ولأن لكم مقاما مقدورا، ولكم علينا حق الطاعة وكل التوقير فإن من حقنا أن ننبه إلي المخاطر التي تحيط بنا ما دام الأمر يتعلق بوجود أمة ومصير شعبها."

يعدد الكاتب بعد ذلك موقف صحيح الإسلام من العلاقة بين المسلمين وغيرهم مستشهداً بالآيات القرآنية ، كذلك بعد المواقف التاريخية بدون أن ينوه لبعض الحقب المظلمة مثل فترة حكم الحاكم بأمر الله عكس ما قام به الظاهر لإعزاز دين الله الذي أعاد الحرية التي سلبها الحاكم من الأقباط . ثم يذكر الكاتب الرئيس بمواقف بعض شيوخ الأزهر الحكماء الذين دافعوا عن الأقباط وإيمانهم في وجه الحكماء مثل عباس الأول الذي أراد أن يخرج الأقباط من مصر ونفيهم للسودان ورفض الشيخ الباجوري أن يصدر له فتوى تجيز له فعل ذلك . ثم يلقي الكاتب الضوء على سبب ظهور مثل هذه المشاكل كما حدث أخيراً والتي كادت أن تشعل حرباً داخلية فيوجه كلامه للرئيس :

 " إننا نعاني من تسلط البعض من قليلي العلم وقليلي المعرفة من هؤلاء الذين يملأون الدنيا صخبا بالإشاعات.إن مصر مهددة بالانقسام، والمطلوب أن نحيل هذه الواقعة إلي التحقيق، نحن نطالبكم بتكليف سيادة النائب العام أن يجري تحقيقا في هذا الأمر. ليكشف لنا الناقص منها، نريد أن نعرف من وراءها فما دامت هذه الاشاعة تمس أمننا، ما دامت تتعلق بوجود أمة ومصير شعب فلابد أن نكشف النقاب عن كل جوانبها.
سيادة الرئيس: قد أشاعوا أن الانبا شنودة طالب المسيحيين بالصيام ثلاثة أيام وقد تناسوا أننا في شهر ديسمبر وكل المسيحيين صائمون الصيام الصغير الذي يسبق أعياد الميلاد!!"

يأتي المستشار لبيب إلي النقطة الأساسية وهي سيادة القانون كأساس للحكم في الدولة لحماية الحريات والحقوق والمساواة بين المواطنين دون أية تمييز وأن ذلك نابع من الدستور :" إن دستورنا ينص علي أن سيادة القانون هي أساس الحكم في الدولة، وأن الدولة تخضع للقانون وأن استقلال القضاء وحصانته ضمانان أساسيان لحماية الحقوق والحريات. وأن المواطنين لدي القانون سواء. وهم متساوون في الحقوق والواجبات لا تمييز بينهم بسبب الجنس أو الأصل أو اللغة أو الدين أو العقيدة. وأن الحفاظ علي الوحدة الوطنية واجب علي كل مواطن."

ويتطرق المستشار بلباقة ليشد انتباه الرئيس لموضوع الخطف مستنداً على القانون المصري ونصوصه بخصوص ما يحدث من عمليات خطف بطرق متنوعة تنتهي جميعها بالإكراه وسلب إرادة الطرف المخطوف وهو ما كان السبب في الأحداث الأخيرة وما ترتب عليه من أخطار ، وإن لم تكن هي الحالة الوحيدة ، ولكن عدم تطبيق القانون أعطي الفرصة لانتشار هذه الطريقة وهو ما اشتكي منه المواطنون المسيحيون ثم المسئولين في الكنيسة نظراً لتجاهل القائمين على حماية المواطنين وسلبيتهم في القيام بواجبهم ومعالجة الموضوع طبقاً للقانون لأن الطرف المعتدي عليه أو المخطوف والمسلوب إرادته مسيحياً :

 "نعلم أن المادة 290 من قانون العقوبات تنص علي أن: كل من خطف بالتحايل الاكراه أنثي بنفسه أو بواسطة غيره يعاقب بالأشغال الشاقة المؤبدة ومع ذلك يحكم علي فاعل هذه الجناية بالاعدام إذا اقترنت بها جناية مواقعة المخطوفة بغير رضاها. نعلم أن المشرع قصد بالاكراه هو كل ما من شأنه سلب إرادة المجني عليه. وهو إما أن يكون ماديا أو أدبيا وأن الاكراه المادي يشمل كافة الوسائل التي تستخدم في خطف المجني عليه رغم مقاومته كأخذه بالقوة أو الوسائل التي تحرمه من كل مقاومة كاعطائه مادة مخدرة أو تنويمه تنويما مغناطيسيا. وأن الاكراه الأدبي يأخذ حكم الاكراه المادي متي كان من شأنه التأثير علي إرادة المجني عليه بالقوة وأن التحايل هو الغش والخداع ويمكن وقوعه بواسطة استعمال وعود كاذبة أو تحرير كتب مزورة."

ثم يطالب المستشار سيادة الرئيس بالبدء  بتطبيق قانون حماية الوحدة  الوطنية فيقول :" نعلم أننا ما أصدرنا القانون رقم 34 لسنة 1972 إلا لحماية الوحدة الوطنية واحترام حرية العقيدة وبما لا يمس حريات الآخرين، وأن المادة الخامسة من هذا القانون تعاقب بالحبس وبالغرامة كل من أذاع عمدا اخبارا أو بيانات أو اشاعات كاذبة أو مغرضة بقصد الاضرار بهذه الوحدة.
فإذا كان البوم الناعق كما يشبهه الدكتور رفعت السعيد بخراب الوطن يروج الاشاعات ويثير الفتنة ويزدري الأديان ويتحدي صريح القانون.. فهل لنا أن نطالب بتطبيق القانون الذي ارتضيناه سياجا لنا جميعا؟ فهل آن الأوان لهذا القانون أن يطبق؟"

ثم يواصل كلامه بشجاعة مطالباً أيضاً بوضع حد لتدخل السلطات الأمنية في موضوع بناء الكنائس وأن الوقت حان لإلغاء الخط الهمايوني والذي هو اصل كل المشاكل التي تحدث والذي بسببه تتذرع الجهات الأمنية في الموافقة على الشروع في بناء الكنائس حتى وان صدر تصريح منه شخصياً بالادعاء أن هناك أسباب أمنية تمنع البناء وهذه الأسباب قوبلت بالرفض من محكمة القضاء الإداري بمجلس الدولة مرتين في 26/2/1952 وكذلك في 16/12/ 1952وكان ذلك كان استناداً على مبدأين :
" الأمر الأول: أن الدستور يحمي حرية الاجتماع للقيام بشعائر الدين مادام أنها لا تخل بالنظام العام ولا تنافي الآداب. وأنه مادامت الحكومة لم تزعم شيئا من ذلك ومن ثم يكون الأمر بتعطيل الاجتماع الديني قد وقع باطلا.
الأمر الثاني: ان تحويل الملك الخاص إلي كنيسة عامة فإنه مادام الدستور حمي حرية القيام بشعائر الأديان والعقائد ومادامت الشروط قد روعيت يتعين صدور الترخيص.
وذكرت المحكمة: انه ينبغي استصدار تشريع ينظم الإجراءات اللازم مراعاتها في انشاء دور العبادة وبسط الشروط الواجب توافرها، حتي إذا ما استوفيت هذه الشروط وروعيت هذه الاجراءات تعين صدور الترخيص في مدة يعينها التشريع. وأضافت المحكمة: انه لا يسعها إلي أن يصدر التشريع المشار إليه إلا أن تبسط رقابتها علي تصرفات الإدارة في الإذن باقامة دور العبادة حتي تطمئن إلي أنه ليس ثمة تعسف في حبس هذا الإذن أو تلكؤ في إهداره"
ثم قرار المحكمة الإدارية العليا في 30/5/1964 التي قبلت الطعن ورفضت حجة الجهة الإدارية بعدم السماح ببناء الكنيسة خشية الفتنة فقالت :" المحكمة أن ما ساقته الإدارة تبريرا للقرار المطعون فيه هو خشية الفتنة لاحتمال حدوث احتكاك بين المسلمين والأقباط فإنه قول غير سديد لأنه ليس هناك أحياء خاصة بالأقباط وأخري خاصة بالمسلمين، بل أنهم جميعا يعيشون جنبا إلي جنب وتوجد الكنائس في أحياء غالبية سكانها العظمي من المسلمين. وأن هذه الكنائس مقامة في وسط أمكنة آهلة بالسكان، وبالقرب من المدارس والمساجد والمؤسسات العامة، ومع ذلك فلم تقع الفتنة أو حصل من إجراء هذا أي اخلال بالنظام أو الأمن، وهذا راجع إلي سماحة الدين والتفهم الواعي لحرية العقيدة."

أخيراً يتوجه المستشار بطلب إلغاء هذا الخط لتفويت الفرصة على من يعتمدون عليه لتعكير الصفاء الوطني وتعريض هذا الوطن للخطر بحجج واهية لا وجود لها على أرض الواقع :" نحن نعلم تماما ما أن عرض عليكم طلب ترخيص ببناء كنيسة إلا وأصدرتم قرارا بالموافقة عليه، وأن عدد الكنائس التي شيدت في عهدكم يفوق أعداد الكنائس التي بنيت منذ ثورة يوليو 1952 حتي بداية عهدكم عشرات المرات.
فقد تطورت العقلية والمفاهيم والروح الاجتماعية كثيرا عما كانت عليه يوم صدور الخط الهمايوني وكم من القوانين والمتغيرات تم إلغاؤها أو تعديلها إلا ذلك الخط. فهل آن الأوان أن تكف وزارة الداخلية عن التمسك بأحكامه؟ هل من حقنا أن نطالب بنزع هذا الاختصاص منها ومنحه لمديريات الاسكان باعتبارها الجهة الإدارية الوحيدة القائمة علي شئون البناء؟
ففي بلدي تتجاور الجوامع والكنائس، ولم يحدث بسببها أي اخلال بالأمن وجرس الكنيسة حين يضرب لا يمكن أن يؤدي احساس المسلمين لأنهم مواطنون أفاضل يعرفون أن لهم في الوطن اخوة يعبدون الله علي طريقتهم ويشاطرونهم السراء والضراء. إننا نريد قرارا يسكت الألسنة.
سيدي الرئيس:

 إن الاذن للمسيحيين ببناء كنائسهم وترميمها أمر يكفل لهذا البلد الاطمئنان والسكينة، وأمر يمنع الإشاعات. واقسم لك يا سيادة الرئيس أن الأذان والناقوس سوف يتعانقان علي أرض مصر دائما. فالكل عابد لله، والكل عاشق للوطن، وسوف تبقي مصر شامخة كما أردت وكما نريد منيعة علي الفرقة مستعصية علي ا لفتنة مستحيلة الانقسام."

لا يسعني إلا أن اطلب من القارئ قراءة المقال بالكامل[2] نظراً لأهميته وخاصة أنه يعبر بصدق عما يجيش في صدور الملايين من مسيحي مصر في الداخل والخارج ، عالمين بشجاعة الرئيس وأنه ينظر لمصلحة مصر والمصريين جميعاً قبل أية مصالح أخري أو أن يعطي جماعة حقوقاً أكثر من جماعة أخري . أننا نطلب من المسيح إلهنا أن يرشد الرئيس وينير بصيرته وأن يلغي كل هذا الخط الهمايوني الذي هو وصمة عار في حق مصر والمصريين جميعاً مسلمين ومسيحيين .

نأمل إلا تكون رسالة السيد المستشار كلاماً في الهواء ، بل يترجمها الرئيس مبارك على أرض الواقع بإلغاء كل القوانين الإدارية المكتوبة أو العرفية السائدة والتي تقف عائق في وجه تحقيق المساواة الكاملة والمطلقة بين جميع المواطنين المصريين بغض النظر عن اختلافهم الديني أو السياسي أو لونهم حتى يتحقق الرخاء للجميع من خلال العمل الجاد من اجل خير مصرنا التي نحبها .


[1]  المستشار / لبيب حليم لبيب نائب رئيس مجلس الدولة رسالة إلي الرئيس : مطلوب إعادة النظر في علاقة الدولة بالأقباط!!  

[2]  اقرأ المقال في مجلة الأسبوع على العنوان التالي : http://www.elosboa.com/elosboa/issues/405/0305.asp

 


E-Mail: info@copts-united.com

Copts United

لأقباط متحدون