نبيل محمود والى


  21 أغسطس 2005

صفحة كُتاب الأقباط متحدون

walinabil@yahoo.com

عدالة السماء

نبيل محمود والى

كاتب ليبرالي مستقل

 

أمة المسلمين الآن أشتات متباينة فمنها الدول البترولية الشديدة الثراء والدول الفقيرة التي يموت أطفالها جوعاً ودول كثيفة السكان ودول لديها أراض شاسعة لا يقوى أهلها على زراعتها ولو كان هناك حد أدنى من التعاون والتنسيق بين هذه الدول الإسلامية ‍‍ لأمكن مثلا زراعة الأراضي في بلد ما بأموال بلد آخر بأيدي مزارعي بلد ثالث ولكننا مختلفون ومازلنا نردد: وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان.

في إسرائيل مشغولون بصنع الطائرات والصواريخ والقنابل الذرية! وسلاطيننا مشغولون بسباق السيارات و الدراجات والجمال! في إسرائيل يصنعون الأقمار الاصطناعية! و أثرياء المسلمين ومليونيرات العرب مشغولون بالرقص والطرب على نقر الدفوف والموسيقى الحديثة وهم يرفلون في أبهي صورهم في احتفالات تبثها الفضائيات بثاً مباشراً وكأنها أحداث جلل! نشجب انحياز أمريكا ونندد بمساعدتها إسرائيل ولكن نشترى السيارات والمأكولات والمشروبات والخمور الأمريكية! نحن العرب المسلمون ظاهرة صوتية آن لها أن تفيق من غفلتها أو تخرج تماماً من التاريخ وتصبح أثراً بعد عين! الأجيال القادمة ستلعن آباءها الأولين الذين غفلوا وفرطوا واستهانوا فهانوا على أنفسهم وأعدائهم.

 لو انتصرنا وطاب عيشنا لا قدر الله وهذا حالنا لكان معنى ذلك هزيمة قيمة العلم والعمل والحق! فلا معنى لأن ينتصر الجاهل على العالم أو الكسول على النشيط. وليس معقولاً أن يتفوق الغبي الذي لا يعرف أنه غبي على الذكي الذي يعرف أنه ذكى لقد فشلنا في فهم منطق العصر ولم نستخدم أدواته, إنهم في أوروبا وأمريكا وإسرائيل يألمون لسقوط هرة في بئر وتسارع الشرطة لإخراجها منه ونحن لا نعرف من يقتل من سواء في الجزائر أو في العراق أو فى فلسطين أو في شرم الشيخ أو على أيدي تنظيم القاعدة فالألوف تُذبح في الشوارع والمنازل والفاعل مجهول! صحيح أنهم يألمون لموت قططهم ولكنهم يقصفون عشرات المنازل ويذبحون النساء والأطفال في فلسطين والعراق! ذلك لأنهم يرون أننا أقل شأناً من حيواناتهم إننا أمة لا تملك سوى بعض القدرة على الطفو فوق سطح الأحداث وما ذلك لقوة ذاتية لديها بل بفعل انتفاخ جسدها بغازات التحلل والبوار.

ولابد من امتلاك شجاعة النظر إلى ألذات وانتقادها وتشخيص أدوائها وجلدها إن اقتضى الأمر ذلك تلك ألذات التي خسرناها منذ قرون طويلة ولم نظفر بعد بامتلاكها مرة أخرى إذ استغرقنا في أحلام مزيفة منعتنا من الاستيقاظ للانشغال بواقعنا البائس لقد أصبحنا نحن المسلمين رقيق العصر وما الرقيق والاسترقاق؟ إنه سيطرة شخص على مقدرات شخص آخر, سيد ومولاه, أو طبقة على طبقة, نبلاء ومواطنون أو إقطاعيون ومزارعون, أو سيطرة دولة على دولة وذاك هو رق العصر الذي نضطلع فيه بدور العبيد وسادتنا هم الغرب القوى الذي تسلح بالعلم وارتاد المحيط وأحدث الانقلاب الصناعي وصنع الأسلحة النارية والدبابات والطائرات الغرب الذي ينهب أموالنا ويسرق بترولنا.

 ومنذ أن تخلينا عن ديننا وهويتنا ونحن نمارس دور العبيد حتى وإن تمتعت الدول الإسلامية باستقلال صوري وكان لها علم رسمي ونشيد وطني تصدح به الفرق الموسيقية وإن كان لها جيوش وعسكر فهم لحماية العروش والكروش وليس لمدافعة السيد الجديد في علاقة الرق العصرية ولقد ضللنا إذ وقعنا في وهم أن أمجادنا التاريخية قابلة للتحقق مرة أخرى دون حاجة إلى رجال يجاهدون من أجل صنع هذه الأمجاد.

 إنها عدالة السماء أن نكون نحن العبيد وهم السادة؟ هم المنتصرون ونحن المنهزمون؟ هم الأعزة ونحن الأذلة؟ إذ مددنا للذل أعناقنا وهيأنا ظهورنا للركوب فامتطانا كل راكب وسيبقى الحال على ما هو عليه حتى إشعار آخر! إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم  صدق الله العظيم... ترى ما علة هذا الهوان إن العلة تتمثل في الاستبداد و اعتقال العقل المسلم من وراء حجاب وتجميده واسترخاصه والحط من شأنه على محاور التعليم والسلطة وادعاء التدين الذي أصبح كالكلأ المباح.

نبيل محمود والى

 


E-Mail: info@copts-united.com

Copts United

لأقباط متحدون