نبيل محمود والى


  17  يونيو 2005

صفحة كُتاب الأقباط متحدون

walinabil@yahoo.com

دساتير تحت الطلب
 
تنفرد الدول العربية وحدها بظاهرة لامثيل لها لافى العالم المتحضر أو حتى فى دول العالم الثالث وهى الإستعداد التام لإجراء تعديل دستورى أو حتى صياغة دستور جديد وتمريره بأكملة فورا وبدون عوائق إذا صدرت الأوامر بذلك فعلى سبيل المثال لا الحصر انتقلت السلطة فى سوريا من الرئيس حافظ الأسد الى نجله الدكتور بشار الأسد حيث تم تعديل الدستور بصورة فورية خلال خمسة دقائق بعد وفاة الرئيس حافظ الأسد بحيث يسمح بتولى من لم يبلغ عمره الأربعين ربيعا رئاسة الجمهورية إضافة الى ترقية الدكتور بشار الى رتبة الفريق علما أننا لم نعرف بعد أنه خاض معركة عسكرية واحدة وانتصر فيها طوال عمره المديد .
 
وفى لبنان يمنع الدستور التجديد لرئيس الجمهورية بعد قضائه 6 سنوات فى منصبه ولكن الدستور تم تعديله مرتين الأولى فى عهد الرئيس الياس الهراوى الذى تم التمديد له ثلاثة سنوات بعد انتهاء الفترة الفعلية لرئاستة والثانية فى عهد الرئيس الحالى العماد إميل لحود الذى تولى الرئاسة عام 98 وكان من المفترض أن تكون نهاية عهده فى صيف 2004 وللمرة الثانية يتم التعديل الدستور ليبقى الرئيس لحود فى السلطة ثلاث سنوات جديدة وفى الأردن تم تعديل الدستور قبل وفاة عاهل الأردن الراحل الملك حسين لينتقل الحكم مباشرة الى ابنه الملك عبد الله الثانى بدلا من أخيه الأمير الحسن .
 
أما دول الخليج العربية المحافظة لم تسلم من الدساتير تحت الطلب فبعد أن أطاح أمير قطر الشيخ حمد بن خليفة ال ثانى بوالده عن الحكم فى انقلاب عسكرى عام 1995 وطرد كل خصومه ومعارضيه وكل من دان بالولاء لعهد والده البائد و كل من يشتبه فى ولائهم له ويقدرون  بالالاف خارج الفردوس القطرى واستبدلهم بأكبر قاعدة عسكرية فى الشرق الأوسط للمارينز وأحكم قبضته على تلك الإمارة الصغيرة الغنية بالنفط والغاز أصدر تعليماته لترزية القوانين لصياغة دستور عصرى يجمع فيه كل السلطات ليتناسب مع متطلباته ومكانته وطموحاته لزعامة منطقة الخليج العربى بصفته عضوا فى منتدى القادة العظماء ليدير به شؤن 150 ألف مواطن قطرى.
 
أما فى بلد فراعنة الأهرامات والحكم فيها لمن غلب لم تكن مصر بعيدة عن سيناريوهات تفصيل الدساتير والتعديلات على مقاس الحاكم وأركان نظامه فقد تم تعديل الدستور فى عهد الرئيس محمد أنور السادات ليسمح للرئيس بالبقاء فى منصبه مدى الحياة وجاء التعديل الدستورى للمادة 76 من الدستور فى عهد الرئيس مبارك ليقنن توريث الحكم فى مصر من مبارك الأب الى مبارك الإبن أما فى عهد الرئيس جمال عبد الناصر فإنه لم يلجأ الى لعبة تعديل الدستور لأنها أقل بكثير من قدراته وعبقريته الفذة بل أصدر تعليماته الى ترزية القوانين فى عهده وعلى رأسهم الأستاذ الدكتور السنهورى  بتفصيل دستور كامل يتناسب مع مكانته وقيمته التاريخية كزعيم ملهم منزه عن الهوى وكان له فضل السبق والريادة فى هذا المنحى فى المنطقة العربية دستورا يجمع فيه بين يديه سلطات الدنيا والدين والبر والبحر والجو معا  وهو ذات الدستور الكسيح الأعرج الذى تدار به مصر إالى اليوم .
 
ومن الظواهر التى تنفرد بها الدول العربية أيضا دون غيرها غياب الإنتقال السلمى للسلطة من شخص أو حزب الى أخر كما يحدث فى الدول المتحضرة والمتقدمة فالحاكم عندنا لايترك الحكم أو كرسيه إلا فى حالات الوفاة أو الإغتيال أو الإنقلابات العسكرية ولقد حدث ذلك فى مصر والعراق واليمن والسودان والجزائر وتونس وإمارة قطر الخليجية مؤخرا وانفردت لبنان وحدها بخلاف بقية الدول العربية بالقدرة على الإنتقال السلمى للسلطة ولم تخرج عن الإطار الدستورى إ لا فى الحالتين السابق ذكرهما .
 
ومن الظواهر التى تنفرد بها الدول العربية أيضا النسب المؤية الإعجازية التى يحصل عليها الملوك والرؤساء العرب فى الإنتخابات أو الإستفتاءات الرئاسية وهى النسب التى لم يحصل عليها الأنبياء فى أقوامهم بل لا أكون متجاوزا إذا ذكرت أن الله عز وجل بذاته العلية وأسمه المقدس من فوق سبع سماوات لم يحصل على تلك النسب المؤية وذلك من واقع وجود  أكثر من 2 مليار من البشر من أصل6.5 مليار عدد سكان الكرة الأرضية التى صنعها بيديه لايؤمنون بوجود الله أصلا وعلى سبيل المثال لا الحصر فى نتائج الإستفتاءات العربية فالرئيس ناصر 99.999% والرئيس على عبد الله صالح 96% والرئيس المخلوع  صدام حسين 100% ولايشذ باقى الرؤساء العرب عن تلك القاعدة التسعينية المحورية .
 
ومن الأشياء المثيرة للحزن والألم والحسرة أن العديد من الدول الأقل تقدما وحضارة من الدول العربية أصبحت أكثر منها تطورا وديمقراطية ففى غانا على سبيل المثال اجريت انتخابات الرئاسة فى يناير 2005الماضى وتنافس فيها 4 مرشحين وكانت النتيجة فوز الرئيس جون كوفور بنسبة 52.75% مقابل 44.3% لمنافسه والسؤال الأن .. هل يمكن أن يرى المواطن العربى التجربة الغانية فى عالمنا العربى .... طبعا الإجابة معروفة سلفا لاتنازل فى نظامنا العربى الحاكم عن ديمقراطية  90% فما فوق أما حدوتة بالروح بالدم والتى لم تفدى أى من الرؤساء والقادة الذين تم اغتيالهم فحدث ولا حرج !!!
 
 


E-Mail: info@copts-united.com

Copts United

لأقباط متحدون