نبيل محمود والى


  13  يونيو 2005

صفحة كُتاب الأقباط متحدون

walinabil@yahoo.com

قرائة فى الدستور المصرى والليبراليةالجديدة
 
يعتبر الدستور أبو القوانين جميعا ولا جدوى من اصلاح الفرع قبل الأصل فلا صلاح للأبن اذا فسد الأب والسمكة تفسد من رأسها ومن العبث تأجيل أى اصلاح فى الدولة أو الادعاء بالقيام بأى اصلاحات مهما علا شأنها قيل صياغة عقد اجتماعى جديد لأن الأمم تصلح من دساتيرها أبتداءا .
 
ان نقض نصوص القوانين ومراجعتها حق دستورى مشروع يدخل فى صلب حقوق المواطنه وواجب وطنى طالما كان هدفه تعميق اسس االعدل وتأمين السلامه الاجتماعيه وان التنبيه على العور الذى يكتنف نصوص القانون او الدستور ذاته هو ضروره حتميه فليس هناك نص قانونى يكتسب قداسه بذاته او فى حد ذاته ولو كان الامر غير ذلك لاسبغنا على نصوص القوانين ومواده صفة الديمومه الغير قابله للتعديل أو التغير ولظلت نصوص القوانين على حالها منذ ولادتها الى ان يرث الله الارض وما عليها .
 
أن الدستور الحالى قد انتهت صلاحيتة تماما بانتهاء فترة الشرعية الثورية وعلاوة على ان الدستور الحالى يجمع بين المتناقضات فان أجهزة الدولة تخالف نصوص موادة جهارا نهار مما يعد انتهاكا للدستور ذاته واهدارا للشرعية الدستورية مما يتطلب صياغة دستور جديد عصرى يرسى دعائم الجمهورية النيابية البرلمانية .
 
ان الشعب المصرى يجب أن يتحرر من الخوف والذل والفقر والفسادوالاستبداد بكافة أشكالة وصوره ولأن الشعب مصدر السلطات فلا وصاية ولاقيد على على حريته الا بارادته وان الحقوق والحريات العامة تفسد اذا تحولت الى منح أو عطايا يمنحها فرد أو حزب أو يمنعها أو يجتزئها أو يفرغها من مضمونها الحقيقى فالشعب هو صاحب الوطن وليس أجيرا لدى أحدأو من رعاياه !
 
ان الشعب المصرى يستحق ان يعيش حرا  فى وطن دستورى لايفرض عليه قانون الطوارىء وطقوس عبادة الفرد واحتكار السلطة وفرض القيود على الحريات العامة فى ظل انتخابات واستفتاءات مزورة فاسدة لاتعبر الا عن وجهة نظر من برعوا فى احكام قبضدتهم على الوطن بعدأن نهبوا حقوق الشعب .
 
اننى أؤمن يقينا وتأكيدا ان بيت الداء هو الدستور الحالى الذى يخلط بين نظامين سياسيين هما الجمهورية الرئاسية والجمهورية البرلمانية ذلك الخلط الذى يعطى لرئيس الدولة السلطات والمميزات الواردة فى النظامين ويجرد الشعب من الضمانات التى تقابل هذه السلطات فى كل نظام منهما دستورا جامعا بين المتناقضات وهو مالانظير له فى أى دولة فى العالم الديمقراطى حتى تلك التى تأخذ دساتيرها بهذا المزج بين النظامين .
 
ان الدستور الذى يحكمنا يتضمن 30 مادة تعطى سلطات مطلقة لرئيس الدولة تقابلها مادة واحدة فقط ( معطلة) تجيز مساءلتة فى حالة الخيانة العظمى دستورا يجمع الرئيس فيه بين سلطة السيادة ... وحكما محايدا بينها !! دستورا فى المادة 137 منة يعطى رئيس الدولة سلطة الحكم باعتبارة رئيسا للسلطة التنفيذية فيتمتع وهو يمارس سلطة الحكم بحصانة من الرقابة والمسائلة أقرها الدستور له باعتباره رمزا للأمة والسيادة فى خلط غير مسبوق للأوراق واهدار لمبدأ الفصل بين السلطات وأن كل سلطة تواجهها مسؤلية دستورا جعل منصب الرئاسة مؤبدة – غير محددة المدة -  بالشكل الذى يخالف فكرة الجمهورية الرئاسية ويتناقض مع الجمهورية البرلمانية فى هتك واضح للمبادىء التى قامت من أجلها الثورة الفرنسية .
 
دستورا يضعنا أمام نظام حكم هو الأقرب الى الملكية الاستبدادية مما يعيدنا الى التسائل عن ماهية الاسباب الحقيقية لثورة 23 يوليو 1952 على الملك فاروق الأول تلك الثورة التى كتب رجالها الدستور الحالى ويذكرنا بصرخة الزعيم أحمد عرابى من قرابة 124 عاما قائلا لن نوّرث بعد اليوم .
 
دستورا فى ظل المادة 141 يعطى رئيس الجمهورية الحق المطلق فى اختيار رئيس الحكومة والوزراء دون التقيدبنتائج الانتخابات البرلمانية وخصوصا أن الرئيس هو أيضا رئيسا لأحد الاحزاب دون أن يعطى البرلمان حق سحب الثقة من الحكومة أو تعطيل هذا الحق وفقا للمادة 127 من الدستور التى تتيح لرئيس الدولة حل مجلس الشعب اذا أصر على سحب الثقة من الحكومة دستورا فى المادة 76 تجعل اختيار رئيس الجمهورية من قبل البرلمان وليس من الشعب صاحب الحق ابتداءا وهو تقييد غير مفهوم وغير مبرر لحق الشعب فى اختيار رئيسه ونائبة من بين أكثر من مرشح عبر انتخابات حرة نزيهة وحتى بعد التعديل الذى جرى مؤخرا على تلك المادة بناءا على طلب من رئيس الجمهورية فان القيود التى تم استحداثها على هذا التعديل قد أفرغ التعديل ذاته من المضمون الحقيقى من أن الشعب هو صاحب الحق الأصيل فى اختيار رئيس الجمهورية وأعاد الكرة تحت أقدام البرلمان مرة أخرى وبشروط مجحفة عنها قبل التعديل .
 
وقى الوقت الذى تعلن فيه الدولة أن سياستها العامة تدعو الى المناداة بالديمقراطية السياسية والاجتماعية ينص الدستور فى مادتة الاولى أن جمهورية مصر العربية دولة نظامها اشتراكى ديمقراطى يقوم على تحالف قوى الشعب العاملة وفى المادة الخامسة من الدستور تنص ان النظام السياسى فى مصر يقوم على أساس تعدد الاحزاب .
 
دستورا ينص فى المادة الرابعة منه على ان الاساس الاقتصادى لمصر هو النظام الاشتراكى الديمقراطى القائم على الكفاية والعدل بما يحول دون الاستغلال ويؤدى الى تقريب الفوارق بين الدخول وفى المادة 130 من ذات الدستور ينص على ان الملكية العامة هى ملكية الشعب وتتأكدبالدعم المستمر للقطاع العام ويقود القطاع العام المتقدم فى جميع المجالات ويتحمل المسؤلية الرئيسية فى خطة التنمية  بينما الواقع يخالف ذلك تماما بكل وضوح .
 
ان مبدأ الفصل بين السلطات الثلاثة لم يعد له وجود فى ظل الدستور الحالى نظريا وعمليا ازاء هذا الخلط المتعمد بين العام والخاص والتداخل التام والكامل بين الحزب الحاكم والدولة واستغلال هذا الحزب للدستور لبسط سيطرته على الدولة وأجهزة الاعلام والموظفين العموميين لتكريس الأحتكار السياسى وتزييف ارادة الشعب .
 
اننا نعيش الأن عصرا جديدا يمكن أن نطلق علية عصر المعرفة وثورة المعلومات فمن يملك المعرفة والمعلومات سينتصر فى أى صراع اقتصادى أو اجتماعى أو عسكرى جديد فالعالم اليوم يرتبط مع بعضة البعض بواسطة شبكة الكترونيةتحمل الاخبار والبيانات بسرعة الضوء الى أى مكان على سطح الارض وهذا الحجم الضخم من المعلومات والبيانات الذى يتحرك خلال هذه الشبكة بسرعة بث رهيبةتغير الان من كل شىء انها تغير العلاقة بين الحكومة والمواطنين التابعين لذات الدولة وتغير العلاقات بين الدول وتغيرت فكرة الأخ الكبير الذى يراقب المواطن الى أن المواطن هو الذى يراقب الأخ الأكبر ( الحكومة ) .
 
ان الادراك الحسى لما يحدد الممتلكات وما يخلق الثروة تغير بصورة جذرية فأصبحت المعرقة والمعلومات هى التى تخلق الثروة وليس رأس المال المادى ان المعرفة والمعلومات هى التى تخلق القيمة الأن والبحث عن الثروة أصبح فى الحقبقة يتوقف أساسا على البحث عن المعلومات والمعرفة واستخدامها فى الانتاج ففرد واحد قادر على وضع برنامج للحاسبات يمكنة أن ينتج مليارات الدولارات من الدخل وفى الوقت نفسه يمكنه أن يعبر أى حدود ويمر من خلال الجمارك دون أن يعلن عن أى شىء يحمله كما أن اقتصاد المعلومات قلل من شأن السطرة على الاراضى وقلل من قيمة الموارد التى يمكن الحصول عليها من هذه الاراضى .
 
لقد أصبح الذكاء البشرىوالموارد العقلية هى رأسمال العالم الأساسية فوسائل الاتصالات اللحظية والتزاوج بين الاقمار الصناعية والتليفزيون والفاكس والتليفونات الحديثة وشبكات الحاسوب الدولية ستستمر فى احداث اثار ضخمة والنتيجة من كل ذلك ان الحدود اصبحت لاتشكل أى عائق كما ان القوة التقليدية للسيادة بدأت تقل أهميتها كما أن القانون الدولى العام المعروف بشكلة التقليدى أصبح فى مهب الريح وبات واضحا ظهور نظام دولى جديد سوف يحكم القرن الحادى والعشرين .
 
وبصرف النظر عما يقوله القادة والزعماء والمنظريين الايدولوجيين أو يفعلونه فان الصورة ستتغير وستنمو التجارة بين الجميع وستتحدد قيمة العملة دوليا نتيجة عوامل دولية وسوف لايتمكن أحد من اخفاء حدث لأن العالم أصبح يرى ويسمع كل شىء يحدث فى الوقت الحقيقى .
 
ومع ذلك فان الناس لن تدرك أن هناك ثورة الا اذا غيرت من طريقة حياتهم ففى انحاء كثيرةمن العالم لاتزال هناك حكومات تسيطر على وسائل الاعلام كما ان المعلومات عن النظم السياسية الاخرى مازالت تحجبها هذه السيطرة فى ظل انتشار الاطباق واستقبال الارسال عن طريق الأقمار الصناعية الذى سهل على الكثيريين من استقبال المحجوب والممنوع .
 
من المؤكد ان تلك التكنولوجيا ستخلق موقف جديد يطلق علية البعض السيطرة والشفافية وليس معنى ذلك زوال مايسمى الأمة ( الدولة ) ومن المؤكد سيشهد العالم مولد العديد من الدول قالرسائل التى تبث على شبكة الاتصالات ستغير من المجتمعات وسيكون لها تأثير ضخم للغاية رغبت النظم الشمولية أم أبت وسيأتى يوما لاتوجد له جرعة مضادة لأن هذا الفيروس ينتشر بسرغة فائقة الى كل مكان فى المعمورة .
 
ان الليبرالية التى أؤمن بها والممتدة جذورها فى مصر منذ النصف الاول من الفرن التاسع عشر والتى لم تتبلور افكار ومعتقدات ومبادىء راسخة عنها لاتزال فى طور التشكيل والبحث عن هوية محددة يقودها المؤمنون بها حيث ان الثقافات العربية لاتزال خاضعة لتأثير المؤسسات العسكرية أو القومية الراديكالية أو القبلية العشائريةأو الدينية على اختلاف الوانها .
 
لكن قطار الحرية السريع قادم بما يحمله من أفكار ليبرالية ولن يتمكن كائن ما كان أن يوقفه بعد أن ضرب فيروس الليبرالية جسد الامة ولن تستطيع أنظمة الحكم القائمة من اكتشاف علاج ناجع لهذا الفيروس ومع ذلك فان الطريق ليس طريقا ممهدا لكن العالم أجمع يسير قدما فى هذا الاتجاه و لاعودة منه أو تراجع عنة .
 
 


E-Mail: info@copts-united.com

Copts United

لأقباط متحدون