CET 09:48:21 - 15/06/2010

مساحة رأي

بقلم: أرنست أرجانوس جبران
يُحكى أن إنسانًا صمَّمَ أن يزرع كرمة في جراج منزله، وذلك لعدم وجود أي مكان آخر حتى في فناء المنزل.. فقام بحفر قناة خاصة لري هذه النبتة الصغيرة وسماها قناة "الكرمة".. ولكن كيف تمر هذه القناة؟ وكيف يكون طريق الماء الذي يرويها..!! من أين وإلى أين..!! ولهذا السبب، قد نسأل خبراء الزراعة هل يمكن أن تنبت كرمة في داخل جراج ثم تنتج عنبًا حُلوًا...!! وقد نستنجد بالعلماء، ونسألهم نفس السؤال.. هل يمكن أن تنمو كرمة من داخل جراج.. بمعزل عن ضوء الشمس.. وكيف تكون عملية التمثيل الضوئي يالضرورية لحياة النبات..!! ولنفترض أنه قام بحفر أرضية الجراج لتثبيت الأربعة أركان "للتكعيبة" وهي مجموعة الأخشاب التي تحمل الأغصان لتعطي ثمارها ثلاثين وستين ومائة؟؟

ومن يدري.. وبينما وهو منهمك في عمله هذا، قد يمر به بعض من المارة أو حتى بعض من الأصدقاء.. رأوه يحفر ويخطط من داخل ذاك الجراج الصغير.. وبعد أن أداروا ظهورهم إليه، صاروا يتهكمون ويضحكون وقد يكونون قد وصفوه بالجنون.. تمامًا كما وصِفَ نوحٌ عندما قال لقومه: إن الطوفان قادم لا محالة.. ولكن في نفس الوقت، هناك بعض من الأصدقاء المخلصين الذين يؤمنون بقوة المعجزات الخارقة لجميع قواعد الطبيعة، صاروا يعاونون صاحب الرؤيا المستقبلية.. وتمسكه بإيمانه.. بأنه يمكن لهذه الكرمة أن تنبت.. إلا أن إيمانهم لم يدمْ طويلاً عندما صُدموا بالواقع المرير، وراحوا يتراجعون واحدًا تلو الآخر.. وهم محبطين مثبطين للهمم.. جاعلين الباقين يقدحون زناد أفكارهم تارة.. وقد يكونون فقدوا رجاءهم في لحظة من اللحظات تارة أخرى..

وقد يكون أحدهم قد ذهب ليستنجد بالزوجة، قائلاً لها: هدئي زوجك، إنه مصمم على المضي قُدُمًا في مشروعه هذا.. من فضلك انصحيه وقولي له إنه من رابع المستحيلات أن تنبت الكرمة من داخل هذا الجراج الضيق.. إلا أن هذا الأخير، عاد أدراجه من حيث أتى مرددًا الآية 10 من سفر الأمثال والأصحاح 31: "امرأة فاضلة من يجدها لأن ثمنها يفوق اللآلئ" رجع مندهشًا بعد أن تأكد أنها مليئة بالإيمان الذي لا يتزعزع.. وهي تدافع عن موقف زوجها في هدوء وصمت وصلاة.. حقيقة إن الإيمان الذي في حجم حبة الخردل ينقل الجبال.. فكم بالحرى نبتة من داخل جراج.. فبإذن الرب ستنمو هذه النبتة لتصبح كرمة كبيرة تتآوى بين أغصانها العصافير.. ومن عناقيدها ينتج المسطار المقدس.. هما غرساها والرب كان يُنمِّي لتعطي عنبًا حلوًا على مر الأجيال والعصور.. فالمسيح بجلالة قدره قال عن نفسه أنا الكرمة الحقيقية "يو15" ونحن الأغصان.. فبقدر كل هذا الإيمان، لا يمكن أن يتخلى الرب عن عبيده المؤمنين.. حاشا للسيد الرب.. ستتم المعجزة ويكمل المشوار في سلام.. فقط علينا نحن أن نؤمن ثم نعضد ثم نصلي.. ثم نبشر..

نعم، كانت كل هذه الإرهاصات من خيال الكاتب ولكنها ليست ببعيدة عن واقعنا المعاش وقد تتطابق بعضها في بعض من المواقف.. إلا أن النَعَم التالية فهي تنطبق على شخصية بطلنا جبار البأس صاحب الرؤيا المجيدة.. وأيضًا على زوجتهِ المصون.. لأن الله معهما.. ولكن لديَّ اعترافًا صغيرًا، أنني لم أقابل هذا البطل أو حتى لم أتحدث معه عبر الهاتف.. وإنما معرفتي به كانتْ من خلال قناة الكرمة كأي مشاهد عادي ..

نعم، هذا الشخص هو الأستاذ صموئيل اسطفانوس صاحب هذه الرؤيا ومؤسس قناة الكرمة التلفزيونية منذ أن كانت فكرة في أوائل الألفينيات وبدئها البث عام 2005.. وزوجته المؤمنة مدام منى.. والحقيقة تقال، عندما جعلتُ عنوان هذا المقال يخص الكرمة النباتية وكيف تنبت من داخل جراج..!! والصعوبات التي تواجه الزارع إذا ما استخدم علم الأحياء وعلم المنطق وعلم الحساب.. فالجميع سيجمع على استحالة نجاح الفكرة، فكم بالحرى يكون حال إنشاء قناة تلفزيونية من داخل جراج.. فبكل تأكيد سيكون الأمر أكثر صعوبة وأكثر تعقيدًا.. فهل يعقل أن يضع رجل مستقبل أسرته على خط النار..!! ولاسيما وهم لا يمتلكون المال الوفير، بل وضعوا كل مالهم وكل مدخراتهم في هذا المشروع.. أمّا ما يقوله العقل والمنطق، فهو مختلف تمام الاختلاف..

 ومن هذا المنطلق، أردتُ أن أطلق العنان للعقل والمنطق.. لأنهما يخاطبان النفس في هدوء دون صوت أو تشويش.. فرُحتُ أخال نفسي مكان الأستاذ صموئيل.. وكيف فاجأ زوجته بهذه الرؤيا المستقبلية العجيبة والصعبة التحقيق في ذلك الوقت !! وماذا كان رد فعل الزوجة.. لأنني أخال ان أغلب الزوجات من بنات حواء، لا يمكن لهن أن يقبلنَ أمثال هذه المشاريع أو الأفكار، لأنهن يعتقدن بأنها ضرب من ضروب المغامرة والتي تهدد مستقبل أسرهم.. ولاسيما عند ضيق ذات اليد.. أما في حالة الأخ صموئيل والأخت منى، فإننى أعتبر أن الموضوع بكامله إنما هو أحد معجزات هذا العصر..

فمن الوهلة الأولى، تدخلتْ العناية الإلهية للتوافق الروحي والتكامل الجسدي بين الزوجين المباركين.. وكم كان افتخاري بأن أكتب هذه الكلمات لأبرز ذرّة من هذا العمل العجيب.. وكيف كانت تحتمل الأسرة تلك الصعوبات المتتالية.. منها المنزل الذي أصبح مفتوحًا للعاملين.. حتى غرف النوم، أصبحتْ لا حُرمة لها، لأنها كانت ملجأ للكثيرين من العاملين.. ثم.. متى يقضي الأخ صموئيل وقتًا هادئًا مع زوجته وأبنائه ولاسيما الأبناء الذين يحتاجون إلى عناية خاصة..!! كيف ينام قرير العينين مع كل هذه المسئوليات التي لا نهاية لها.. هذا ناهيك عن الالتزامات المالية وكم كانت شجاعتة وثقته بعمل الرب.. عندما كان يوقع على الصكوك المصرفية أو البنكية.. فإن أخلّ بدفع إحداهم في الموعد المحدد، لكانت العاقبة وخيمة لا سمح الله.. بالفعل كان الروح القدس يظلل على هذا العمل منذ أن كانت فكرة في مهدها وإلى الآن وإلى المستقبل باذن الرب.. نعم..
 وكما جاء على لسان بولس الرسول في رو11: "يا لعمق غِنى الله وحكمته وعلمه. ما أبعد أحكامه عن الفحص و طرقه عن الاستقصاء. لأن من عرف فكر الرب أو من صار له مشيرًا؟ أو من سبق فأعطاه فيكافأ؟ لأن منه وبه وله كل الأشياء. له المجد إلى الأبد آمين". لأن إختيار الرب لا يمكن أن يكون قد وضع بغير الترتيب الإلهي البعيد عن الفحص والاستقصاء.

واليوم وعند كتابة هذه السطور، وأثناء الجمع نصف السنوي للكرمة (يونيو 2010) ونحن في اليومين الأخيرين لهذا الجمع.. أشعر بشعور عجيب يدفعني للكتابة وعلى الرغم من عدم معرفتي الشخصية بالأستاذ والأخ صموئيل كما ذكرتُ آنفًا، إلا أنني أعتقد بأنني أعرفه جيدًا كما أعرف جميع أسرة الكرمة والعاملين بها فردًا فردًا وعن قرب.. وكأنما هم تركيبة منتقاة من قِبل الرب، ليكمل بعضهم البعض لإكمال هذا العمل المُقدس.. وإنني أشعر بأن الروح القدس يظلل على هذه القناة بطريقة ملحوظة كما جاء بانجيل لو4: "روح الرب عليَّ لأنه مسحني لأبشر المساكين، أرسلني لأشفي المنكسري القلوب، لأنادي للمأسورين بالإطلاق وللعمي بالبصر، وأرسل المنسحقين في الحرية، وأكرز بسنة الرب المقبولة" والمجد لله دائمًا..

فكما كان السيد المسيح يقرأ هذه الكلمات من سفر أشعياء في الهيكل، إنما كانت هذه الآيات عبارة عن نبوءة لشخصه الحبيب له كل المجد.. وكما كان يجول يصنع خيرًا، هكذا يكون دور الكرمة في هذه الأيام وإلى مر الأجيال تبشر المساكين وتشفي منكسري0 القلوب وتنادي للمأسورين بالإطلاق وللمنسحقين في الحرية.. آمين ..

وهنا وجب عليَّ ذكر العرفان بالجميل والذي تقدمه الكرمة والمساعدات المادية والمعنوية للكثيرين.. سواء في بلاد المهجر أو في مصر.. وهذا الروح الموجود بالكرمة الذي ينبني على مبدأ هام ألا وهو، عدم التفرقة بين الطوائف.. فكل طائفة تجد طريقها إلى الكرمة بتلقائية تامة.. حقيقة أتمنى من كل طائفة ومن موقعها الكنسي أو الفردي، أن تحذو حذو الكرمة.. بل وتتمثل بالكرمة الحقيقية وهو المسيح.. حتى وإن اختلفنا في الطقوس أو الآراء.. لا نعادي ولا نهاجم.. نعمل في صمت، ونصلي بأن نكون مكملين لبعضنا البعض.. مَن هو بولس ومن هو أبلوس.. فبولس غرس وأبلوس سقى لكن الله كان يُنمِّي.. وكل واحد سيأخذ أجرته بحسب تعبه "1كو3". وهنا أيضًا يجدر بالذكر أن أرفع صوت شكر إلى الله في توافق الاختيار لكل من يخدم في الكرمة سواء الجنود الظاهرين الذين نراهم على الشاشة أو الجنود الغير مرئيين.. فالشكر وكل الشكر لهم جميعًا لخدماتهم والرب يبارك حياتهم ..

أما بخصوص البرامج فهناك برامج متميزة كثيرة.. ولكن قبل كل شيء، أود أن أشكر القناة ودورها السريع والشجاع والفعّال الذي قامت به تجاه قضية شهداء نجع حمادي حيث اغتيل ستة من الأقباط في ليلة عيد الميلاد هذا العام في 7يناير 2010، ثم الدور الكرازي الذي تقوم به الكرمة ولاسيما البث المباشر من الكنيسة المرقسية بالقاهرة أثناء عظة أبينا رجل الله القمص مكاري يونان والموهبة المعطاه له من الله لشفاء المرضى وإخراج الشياطين.. وكيف أن الله يتمجد بمعجزات لا توصف.. فلهذا يرى العالم العربي بأجمعه مدى قوة إلهنا العظيم المبارك.. فهذا مجال آخر من مجالات العمل الكرازي.. وأيضًا أود أن أشيد بالبرنامج الإخباري.. وهو نواة لمستقبل قناة الكرمة.. وأنا واثق إذا ما اكتملت اللبنة الأساسية للقناة وتوافرت الإمكانات، سيكون لقناة الكرمة مراسلون في مصر لمتابعة ما يجابهه أقباطنا من اضطهادات وتفرقة.. بل بإذن الله أيضًا في بقية البلاد العربية التي تضطهد فيها أقلياتها المسيحية.. وكما قالها الأستاذ صموئيل وبمعنى: "إنْ صَمَتْنا وضَعُفنا وخفنا من المجاهرة بالحق، نجعل الفرصة متاحة للشر أن يحل محل الخير" وكم أعجبتنى هذه الكلمات وهذا التصريح ..

وأخيرًا وليس آخرًا.. وبعد أن عرفتم القليل من الكثير بما تقوم به هذه القناة، ألا تستحق منكم أيها الأحباء تعضيدكم الكريم بكل إخلاص ومحبة.. لأن المعطي المسرور يحبه الرب.. وليتنا نصلي جميعًا من أجل الكرمة بأن يقف الله معها ويكمل عمله معها لإكمال بناء المقر الجديد.. وإلى المنتهى.. يارب..
ومن هنا أيضًا، وكما كنتُ ومازلتُ أرسل هذا الرابط كثيرًا، لبعض الصفحات الإلكترونية والأصدقاء من أجل التبشير والمعرفة لمن لا يستطيع مشاهدة التلفزيون.. فالآن أيها القارئ العزيز، يمكنك الاستمتاع بالمشاهدة والاستماع من خلال جهاز الكمبيوتر الخاص بك.. فقط انقل هذا الرابط وقمْ بالتعضيد وتأكد بأن طلبتك ستستجاب وليتبارك أهل بيتك فها هي قناة الكرمة والتي تروَى بواسطة الروح القدس .. هي بين يديك في هذا الرابط

 

وأخيرًا، أرجو أن أنوهَ بأن الله يريد نشر كلمته بشتى الطرق.. لئلا يكون لدى أي إنسان عذر بأنه لم يسمع عن المسيح.. فأنت بلا عذر أيها الإنسان، ولهذا سمح الله بفتح عدة قنوات مسيحية هامة، والتي نعتبرها كعمل مكمل للآخر.. وليتنا أيضًا نقوم بتعضيدها بما يسمح به الجود والعطاء.. ويجدر أيضًا بألا ننسى بقية مجالات الإعلام الأخرى: مثل الجرائد والمجلات.. ففي وقتنا هذا أعلم علم اليقين بأن هناك بعضًا من الجرائد والمجلات الجريئة والتي تدافع عن حقوق الأقباط المهضومة، قد توقفت عن الإصدار في مواعيدها الدورية نسبة لضعف التعضيد.. فحرام علينا.. ضياع السنوات الطوال من الكفاح والجهد من أجل إبراز القضايا القبطية.. وإن توقفت تلك الجرائد أو المجلات لفقدنا مجالاً هامًا من مجالات الإعلام.. لأن هناك فئة من الناس لا يشاهدون القنوات التلفزيونية المسيحية، فيجب علينا تغطيتها بالإعلام المقروء.. من فضلكم.. أكرر من فضلكم لا تنسوا تعضيد الجرائد والمجلات.. ..
والرب يبارك حياتكم.. آمين +++

  هيوستن – تكساس
ernestgobran@yahoo.com

شارك بآرائك وتعليقاتك ومناقشاتك في جروبنا على الفيس بوك أنقر هنا
أعرف مزيد من الأخبار فور حدوثها واشترك معانا في تويتر أنقر هنا
  قيم الموضوع:          
 

تقييم الموضوع: الأصوات المشاركة فى التقييم: ٣ صوت عدد التعليقات: ٢ تعليق

الكاتب

أرنست أرجانوس جبران

فهرس مقالات الكاتب
راسل الكاتب

خيارات

فهرس القسم
اطبع الصفحة
ارسل لصديق
اضف للمفضلة

مواضيع أخرى للكاتب

ونبتت الكرمة من داخل جراج

إيخابود ، هل زال المجد من مصر .. ؟؟ .. !!

جديد الموقع