في الثامنة من صباح السبت، نزل المستشار هشام جنينة، الرئيس السابق للجهاز المركزي للمحاسبات، من منزله في التجمع الأول، قاصدًا المحكمة الإدارية العليا؛ لنظر الحكم في الطعن الذي تقدم به ضد عزله من وظيفته، العام الماضي، وفي غضون دقائق فوجئت أسرته باتصال يخبرهم فيه بتعرضه لـ«محاولة اختطاف والاعتداء عليه».

 
تضاربت الروايات في واقعة الاعتداء على «جنينة»، وبحسب ابنته «نهى»، فإن والدها تحرك بسيارته وحده «ولم يكن معه سائق»، وعند سور قطاع الأمن العام بوزارة الداخلية استوقفته سيارتان ملاكي إحداهما تمكن «جنينة» من رصد أوصافها وهي ماركة «فيرنا»، وتقول الابنة لـ«المصري اليوم» إن السيارتين حاصرتا والدها، حتى إنه لم يتمكن من الفرار منهما، لأنهما أحكمتا حصاره ككماشة.
 
بيان الداخلية
وزارة الداخلية أصدرت بيانًا بشأن الواقعة، قالت فيه إن مشاجرة وقعت بين «جنينة» ورمضان إدريس إبراهيم، 31 عامًا، خفير، من طرف، والسيد محمود خلاف، 31 عامًا، صاحب مقهى، مقيم في دائرة قسم عابدين، وصديقيه: أحمد رفاعى بيومى، 27 عامًا، مقيم في دائرة قسم الزاوية، وأشرف إبراهيم أحمد، 44 عامًا، صاحب مطعم، ومقيم بدائرة قسم الأزبكية، من طرف آخر.
 
وأضاف بيان الوزارة أن «جنينة» صدم «خلاف» بسيارته، ما أدى إلى تدخل صديقيه والتعدي على «جنينة» بسلاح أبيض وقطعة حديدية، مشيرًا إلى أن زوجة «جنينة» وابنتيه «شروق ونهى» تدخلن في المشاجرة ما أدى إلى حدوث إصابات في ممثلي الطرف الثاني، وتحرر عن ذلك المحضر رقم 1008 / 2018 جنح القسم، وتولت النيابة العامة التحقيق.
 
تاريخ «شرنوخ» 
في 2016، كشفت محاضر تحقيقات وتقرير طبي، صدر من مستشفى أحمد ماهر التعليمي، أن «السيد محمود خلاف شرنوخ»، اتهم ضابط شرطة، كان على خلاف مع وزارة الداخلية وقتها، بدهسه بالسيارة وإحداث كسر في ساقه اليمنى، قبل أن تبرئ المحكمة الضابط، وتكذب ادعاء «شرنوخ».
 
وأوضح التقرير الطبي، حصلت «المصري اليوم» على نسخة منه، أن «شرنوخ» المقيم في عابدين، ٢٩ عامًا وقتها، اتهم الضابط فهمي بهجت بدهسه بالسيارة وإحداث كدمة بالكاحل الأيمن، وكدمة في الركبة اليمنى، ما يتشابه مع الاتهامات التي وجهها الشخص نفسه لـ«جنينة»، بحسب بيان وزارة الداخلية.
 
دفاع «شرنوخ»
 
خالد أبوعيطة، محامي «شرنوخ»، قال إن المستشار «جنينة» صدم موكله بسيارته، ما أدى إلى «كسر قدمه»، مؤكدًا أن موكله «لم يكن يعلم من داخل السيارة»، وأنه ورفاقه لم يعتدوا عليه كما ادعى البعض».
 
أحد المصابين في واقعة هشام جنينة. الصورة وردت من مواطنين ولم يتسنى لـ«المصري اليوم» التأكد من صحتها أو ظروف التقاطها
 
 
وأضاف «أبوعيطة»، في تصريحات تليفزيونية، أن «موكله كان في التجمع الأول من أجل البحث عن شقة»، وقال إن «جنينة» حاول الهرب بسيارته عقب صدم موكله بسيارته، ولكن المواطنين المتواجدين مع موكله نجحوا في إيقافه وتم الاعتداء عليهم وإصابتهم.
 
 
 

دفاع «جنينة»
 
في المقابل، قال علي طه، محامي المستشار هشام جنينة، إن موكله تعرض لمحاولة اختطاف عن طريق سيارتين على بعد 300 متر من منزله، حسب قوله، وأنه أبلغ النيابة بمحاولة اختطافه والشروع في قتله، مشددًا على أن زوجته وابنته خرجتا من المنزل مع حارس العقار لإنقاذه.
 
وأضاف «طه»، في تصريحات تليفزيونية، أن موكله «متهم بالاعتداء على بلطجية حاولوا اختطافه، وأنقذه الأهالي»، مشيرًا إلى «إصابته في مناطق كثيرة في جسده، وأنه موجود داخل العناية المركزة».
 
واتهم محامو «جنينة» عددًا من الأشخاص بـ«إنزال موكلهم عنوة من سيارته، والاعتداء عليه بالسنج والمطاوي في محاولة لقتله، لكن تصادف مرور عدد من الأهالي الذين تصدوا للمهاجمين، وتم نقله إلى المستشفى».

رفض خالد أبو عيطة، محامي «شرنوخ» وصديقيه، تصريحات دفاع «جنينة»، وقال إنها «كذب وافتراء، ولا أساس لها من الصحة، كما أن هشام جنينة هو من كان يقود السيارة، وأنه وصدم المجنى عليه».
 
وأشار «أبوعيطة» إلى أن موكله وصديقيه «أصيبوا بجروح خطيرة جراء مشاجرتهم، والتقارير الطبية أكدت وجود كسر ورضوض مختلفة وجروح قطعية في أجسادهم»، وقال أيضًا إن إصابات هشام جنينة «كيدية ومفتعلة».
 
رواية أسرة «جنينة»
تروي «نهى»، ابنة «جنينة»، تفاصيل الحادث، وتقول: «كنت أصرخ في ضباط قسم شرطة التجمع الأول، الذين احتجزوا والدي نحو 3 ساعات دون تحرير المحضر اللازم بشأن الحادث، بخلاف أنهم أخذوا من أفراد الأسرة هواتفهم المحمولة لمنعهم من تصوير أبيهم الذي كان ينزف دمًا كثيرًا من عينه وقدمه اليسرى المصابة جراء الاعتداء عليه».
 
خلال الساعات الثلاثة كان رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات السابق محتجزًا داخل القسم «وتهمته أنه مجني عليه»، على حد قول «نهى»، فكان «المحاميان على طه، ومحمد فياض يتحركان إلى مكتب النائب العام المستشار نبيل صادق، بمنطقة الرحاب، لتقديم بلاغ بشأن الحادث، ولم نستطع نقل والدنا إلى أقرب مستشفى والاستعانة بسيارة إسعاف، لأن ضباط القسم انتظروا التعليمات حتى تأتي لهم، كل ذلك وأبي ينزف دمًا ونحن لا نملك سوى الدعاء والرجاء».
 
عند وقت الظهر كانت أسرة جنينة أخبرت المحامي على طه: «خلاص هنتحرك للمستشفى الجوي التخصصي القريب منهم بمنطقة التجمع الخامس»، تقول «نهى» إنهم لم يتحركوا، رفضوا وصول سيارة إسعاف إليهم، وفي نهاية الأمر نُقل والدي داخل «بوكس شرطة» مجهز بكاميرات مراقبة ومقعد خلفي داخله إسعافات أولية، إلى مستشفى القاهرة الجديدة العام «حكومي».
 
 
ورصدت «المصري اليوم» تحرك سيارة الشرطة داخلها «جنينة»، وتشاجرت أسرة المجني عليه مع ضباط وأفراد الشرطة لرغبتهم في الحصول على هواتفهم المحمولة: «مشينا وهاتوا التليفونات»، سرعان ما نشبت مشاجرة ثانية بسبب قيام أسرة وأقرباء المجني عليه بتصوير «جنينة» داخل عربة الإسعاف، هنا ظلت السيارة متعطلة بعض الوقت لنشوب مشاجرة ثالثة، لمنع قوات الشرطة أفراد الأسرة من «ركوب» سيارة البوكس التي تنقل رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات السابق إلى المستشفى الحكومي «دي عربية شرطة يا فندم لا أحد يركبها سوى الشرطة».
 
ورضخت أسرة «جنينة» لتلك التعليمات الصارمة، وأخيرًا تحركوا بسياراتهم الملاكي إلى المستشفى العام، بدلًا من المستشفى الجوي التخصصي «الضباط قالوا لنا هيروحوا مستشفى القاهرة الجديدة»، تؤكد «نهى» أنها لم يكن في استطاعتها سوى قبول تعليماتهم: «بابا بينزف ولم يستطع الحركة».
 
قبل تحرك سيارة الإسعاف الشرطية تلك، صرخت زوجة «جنينة» فيما سمته بالأخبار الكاذبة عندما علمت بتواجدنا كصحفيين: «تقولنا إنها حادثة طريق»، فكانت مصادر أمنية قالت إن المجني عليه تشاجر مع سائقين واعتدوا عليه.
 
سمعت «نهى» بتفاصيل الحادث من والدها، فتقول: «إن نحو 4 أشخاص نزلوا من سيارتين ملاكي، وحاولوا إنزال (جنينة) من سيارته بالقوة، لكنهم لم يستطعيوا لأنه كان مربوطًا بحزام الأمان داخل السيارة، فأحدهم ضربه لكمات عدة في عينيه حتى نزفت دمًا غزيرًا، ثم اثنان آخران أحدهما كان يمسك بسلاح أبيض (سنجة) ضربه في قدمه من أسفل الركبة».
 
وقال المجني عليه لابنته «نهى» إن البلطجية الأربعة كانت بحوزتهم أسلحة متنوعة بيضاء وعصى ومطراق «أشياء لا يحملها سوى بلطجى مأجور وعارف هيعمل إيه بالضبط»، على حد قولها.
 
 
وتسخر «نهى» من الأخبار المتداولة بشأن الحادث باعتباره «حادث طريق»، فتقول: «النهاردة السبت والطريق يسير بصورة انسيابية».
 
فيما منعت قوات الأمن صحفيي «المصري اليوم» من دخول مستشفى القاهرة الجديدة العام، للحديث مع أسرة «جنينة» وحالت دون وصولهم إلى غرفة احتجازه عقب إجراء الإسعافات الأولية لها، وقالت عناصر الأمن: «التعليمات جاءت لنا بمنع الصحافة من الحديث مع أحد من أسرته داخل المستشفى أو تصويره».
 
وحضر إلى المستشفى المستشار أحمد الخطيب، الرئيس بمحكمة الاستئناف، المعزول من وظيفته، وعبدالجليل مصطفى، الناشط السياسي، ولفيف من الشخصيات العامة.
 
وفي ذات السياق، قررت الدائرة الأولى موضوع بالمحكمة الإدارية العليا، برئاسة المستشار أحمد أبوالعزم، رئيس مجلس الدولة، تأجيل نظر طعن «جنينة»، على حكم القضاء الإداري «أول درجة»، بعدم قبول دعواه التي أقامها طعنا على قرار إعفائه من منصبه، إلى جلسة 10 مارس المقبل، لاستكمال الدفاع والاطلاع.