الاب اثناسيوس حنين
"ان يوسف لما شاهد الشمس قد أخفت شعاعها وجدارالهيكل انشق لموت المخلص دنا من بيلاطس وتضرع اليه صارخا وقائلا :أعطنى هذا الغريب " من صلاة عشية الجمعة العظيمة ".

قد يقول قائل أنه بكير على الحديث عن اسبوع الالام ! والرد هو وهل حياتنا بما نرى ونعيش محليا وكونيا سوى اسبوع الام دائم لا يبدوا ’ فى أفقنا الضيق ’ ان قيامته أتية سريعا !

وسط زحام المنافع الدينى منها والدنيوى وصدام المصالح السياسى منها والعسكرى وهرولة العامة وراء لقمة العيش ’ تم قتل(ذاك الغريب ) ’ الذى جمع فى نفسه ’ ما بدا لهم ’ متناقضات ’ فقد جمع ما للسماء وما للارض ’ ما لله من اعلانات وما للانسان من أشواق ’ انسان غريب قرر أن ينزل اللاهوت من عليائه وتعاليه ’ ليسير فى معيته وبه ومعه على الارض يحتضن همومها وشجونها ويتبنى طموحاتها ! لهذا صارعلامة جدل ’

وسبب عثرة للمتدينيين وتجهيل للمثقفين . هابه السياسيون وغازله العسكريون وهاجمه العلماء والفقهاء وبالرغم من كل خلافاتهم الايديولوجية الا أنهم اتفقوا علر شئ واحد وهو قتل ذاك الغريب ! حاول اللاهوتيون المثقفون عقلنته وحشروه فى قوالب لغوية ’ قالوا أنها لغة العصر وأنها مجرد وسيلة للرعاية وطريق للوحدة المسيحية ’وسرعان ما أنتهت الى أن تصير غاية ومطرح اقتتال وعبادة وسجود فى وثنية لغوية جديدة وتمأسست المسيحية وتكرست الخلافات وتاه الغريب ’ كلمة الله ’ وسط كلمات الناس ’زد على ذلك أنها نجحت فى تشتيت الرعية ! ولم يكتفى العالمون بهذا كله بل عقدوا الاجتماع تلو الاجتماع لكى يوسعوا الشروخ ويكسروا النفوس ويحققوامنافع لهم فى الأرض ولكنهامنافع بلا غطاء سماوى ويذهب المؤرخون الثقاة اليوم الى أنه قد تم تسييس الكثير من هذه الاجتماعات وبدلا من ان تعطى مأؤى للغريب فى القلوب ’ زادت غربته عن النفوس وساهمت فى تشتيت رعيته ووتحول اللاهوتيون والعلماء من رعاة لشعب ذاك الغريب يسيرون على نهجه ’ الى رؤساء طوائف تتمسك بما فى الأرض وتبيع ما للسماء وتزيد غربة الغريب وتقتله كل يوم فى شخص أحبائه من الغرباء الذين عقدوا العزم أن يقتدوا به ويتحدوا بغربته الأرضية ليصلوا به ومن خلاله الى سبر غور الدالة السماوية ولهذا كله أسلموا’ هم ’ ذواتهم الى ذهن مرفوض(الله لا يسلم أحد !) ليقولوا ويفعلوا ’ بدون خجل ولا وجل ’ ما لا يليق بكرامة ذاك الغريب !

صاروا هم جحيم أنفسهم ومن يرعون على حدتعبير بردياييف ! لقد قرر المسيحيون على اختلاف مأربهم ’ منذ زمن أن يقتسموا ثياب الغريب الفقير !وما يزالون يلقون عليها القرعة !وهناك من الرعية من نأئ بالغريب عن الاختلاط بشئون الارض وبالغ فى تكريمه وأستكثر عليه التمشى وسط الناس ومشابهته لهم فى كل شئ ’ فرفعوه الى أعالى السماء حتى صار ليس له مكان يسند عليه رأسه فيهم وتحول من شريك الى فكرة ومن حقيقة الى اسطورة ومن مخلص الى فقير ومن صديق الى غريب ينتظر من يأخذ جسده ليدفنه بعد أن تركه المنتفعون دنيا ودينا . وجاء العرب ممن تثقفوا بثقافة المسيح فى العربية قديما(وهذا علم كبير اليوم له مراجعه وعلمائه فى السوربون وغيرها !) ’ وهذه محطة ثقافية كبيرة فى التاريخ تم تفجيرها ’ على يد مجهول كالعادة ’ بتعصب شديد وتطرف أعمى واسقطها الجميع من حساباتهم ’ وما يزال العلماء يبحثون عن جثث القتلى والجرحى ضحايا هذا العمل الاجرامى !’ وخسر المسيحيون أهم المعارك الثقافية واللاهوتية والانسانية مع جيران لهم ما فتئوا يطلبون ودهم وما زالوا يتفننون فى خسارتها ’ وعز عليهم أى على العرب المسيحيين والذين أسلموا ولم يبيعوا تراثهم أن يصلب ذاك البرئ ’ وأن يهان ذاك الغريب وهم معروفون بكرم الضيافة ’ فصرخوا صرخة خرستولوجية جديدة ’حيرت الفاهمين وشغلت العلماء وصدمت المنتفعين بان (ما صلبوه وماقتلوه بل شبه لهم ) .

لقد سقط عن يمين ذاك الغريب ربوات وعن شماله الوف ’ وأما هو فقليلون هىم الذين لمسوه لمسة شافية ! وكما صار للأكثرية من العامة فولكلورا شعبيا وتذكارات لا اثر لها اليوم وصار ذاك الغريب سبوبة للتغنى بأمجاد ولت ولم تكن تمثله بل مثلت صانعييها والمنتفعيين منها من أهل الدين أو الدنيا ! ورزق الهبل ع المجانين !وسط هذه الصخب والضجيج ’ جاء رجل من الرامة اسمه يوسف وطلب جسد يسوع ليكفنه بما يليق به من كرامة أو ما تبقى له من كرامة !والتراث المسيحى القديم يربط ربطا ذكيا بين ما قام به يوسف وبين الليتورجية اذا بعد الخروج العظيم يعود الكاهن والشماس ’ حسب قداس يوحنا الذهبى الفم ’ الى المذبح حاملين القرايبن ويضعوها على المذبح ويرتلون (أن يوسف التقى قد أنزل جسدك الطاهر من الخشبة ولفه بالكفن النقى وحنطه بالطيب وأضجعه فى قبر جديد ). لن يعدم التاريخ وسيلة فى أن يفرز لنا ’ كل صباح ’ يوسفا جديدا لكى ما يكرم جسد يسوع ’ أى البشرية جمعاء ’ كنسية عهد الغرباء الحقيقيون الجديد .