لعمرو موسى جملة شهيرة رددها على مسامعنا أمس الأول، تقول: «لو لم توجد إيران فى الشرق الأوسط لخلقتها الولايات المتحدة».. وهى تعنى أن أمريكا فى حاجة لإيران لابتزاز المنطقة وخاصة دول الخليج العربى.

 
والحقيقة أن إيران هى الدولة الوحيدة فى الشرق الأوسط التى لديها أذرع مسلحة قد يكون دورها فى أى مواجهة عسكرية أكبر من إيران نفسها، وهى ربما أحد الأسباب التى جعلت خيار الحرب الشاملة مستبعدا.
 
وقد عرفت إيران عقب ثورتها الإسلامية الكبرى عام 1979 أذرعا ثورية حاولت من خلالها تصدير الثورة إلى باقى دول المنطقة وفشلت، ولكن سرعان ما تراجعت واقتصرت تقريبا على دعم موسمى لحركة حماس الفلسطينية، وأصبحت الذراع الشيعية والمذهبية هى الحارسة لطموحات إيران الإقليمية ولمشروعها النووى وسياستها التوسعية، فكان ذراع حزب الله فى لبنان الذى تحول من حزب مقاوم للاحتلال الإسرائيلى إلى ميليشيا شيعية طائفية، وأعطت أمريكا ذراعا «هدية» آخر لإيران حين هدمت الدولة العراقية وفككت جيشها وقالت لإيران «تفضلى» سيطرى على هذا البلد، حتى شهدنا مؤخرا قائد فيلق القدس الإيرانى قاسم سليمانى يستبيح الأراضى العراقية ويقاتل مع ميليشيات الحشد الشعبى الشيعية التى خلطت فى أحيان كثيرة بين الحرب على الإرهاب والانتقام من السنة، وجاءت الذراع الأخيرة وهى الورقة الحوثية فى اليمن التى تنتمى إلى المذهب الزيدى الأقرب إلى أهل السنة، وتمددت فى بلد عرف كل صور الصراعات إلا الصراع المذهبى، ومع ذلك نجحت إيران فى إعطاء بعد طائفى لصراعات اليمن السياسية والجهوية والقبلية.
 
والحقيقة أن إيران رتبت أوراقها جيدا عقب الحشد الأمريكى فى المنطقة وتهديدها بضربها، وقامت إحدى أذرعها بالاعتداء على حقل نفطى سعودى قرب الرياض، وقبلها استهدفت 4 سفن تجارية قرب ميناء الفجيرة الإماراتى تورط فيها على الأرجح الحوثيون، أو إحدى أذرع إيران الأخرى فى المنطقة.
 
وتقديرى أنه لا يوجد قرار استراتيجى أمريكى بالدخول فى مواجهة عسكرية شاملة ضد إيران مثلما جرى مع العراق فى 1990 و2003، إنما يوجد قرار بممارسة أقصى درجات الضغط والحصار الاقتصادى والسياسى عليها، قد يؤدى إلى غارات أمريكية على مواقع إيرانية حيوية، أو اشتباكات عسكرية محدودة بين الجانبين، خطورتها أنها قد تجر الجميع إلى حرب كارثية سيدفع ثمنها دول المنطقة وليس أمريكا.
 
أمريكا ترغب فى تركيع إيران أو تغيير نظامها لا الحرب الشاملة معها، والعرب لا يجب أن يكون خيارهم هو ضرب إيران إنما أولا بناء نموذج سياسى كفء وقادر على الإنجاز يستطيع أن يقف أمام النفوذ الإيرانى المتصاعد فى المنطقة.
 
حصار إيران والضغط عليها بغرض تغيير سلوكها وتدخلاتها فى المنطقة مطلوب، أما دق طبول الحرب فهو كمن يعلن الحرب ضد نفسه.
نقلا عن المصرى اليوم