بقلم:د. مينا ملاك عازر
منذ أن وقعت نكبة عام 1948 وحتى لحظتنا هذه التي نترقب فيها الإعلان عن صفقة القرن مروراً بنكسة يونيو ونصرة أكتوبر واتفاقات مدريد وأوسلو وكامب ديفيد واحد واثنين، أقول منذ نكبة عام 1948 وحتى وقتنا هذا، ونحن نمر بسلسلة من التراكمات المعرفية، ونقف على هرم من المصطلحات السياسية والتعبيرات الإعلامية التي نستقيها من قادة العالم وأبواقهم حتى نبقى مغيبين بين هل ما جرى في مايو من عام 1948 نكبة أم هزيمة نكراء؟ هل هناك فساد في الأسلحة المستخدمة أم سوء تدريب؟ هل هناك استهانة بالخصم قادنا لتلك الهزيمة؟ ما تكرر مرة أخرى في ما عُرِف إعلامياً بنكسة يونيو من عام 1967، وهو الأمر الذي أدخل الشعب المصري في ورطة، هل هي نكسة أم هزيمة مذلة؟ هل حاربنا أم انسحبنا؟ هل هناك تنحي ومظاهرات شعبية جادة أم أن الأمر كله لا يزد عن كونه مسرحية بلهاء؟ صدقها شعب لم يكن يعرف أبعاد الخسائر التي تلقاها رجال قواته المسلحة وفي أرضه، وانتقالنا لنصر أكتوبر ليدخل شعبنا العربي في ورطة جديدة ومجموعة من التساؤلات المحورية، هل كانت حرب أم تمثيلية؟ هل هي حرب تحرير أم حرب تحريك؟ هل تخلى السادات عن السوريين؟ هل هم الذين تخلوا عن أراضيهم بسهولة بعد انتصاراتهم السريعة؟ أسئلة كثيرة ربما من بينها، هل مصر تركت العرب وتفاوضت بمفردها حتى وصلت لمعاهدة السلام؟ أم أن العرب هم من تخلوا عنها؟ وهنا تبقى المسألة قائمة لتضعنا أمام عودة مصر للعالم العربي بمساندتها مرة أخرى للقضية الفلسطينية مساندة جادة دبلوماسياً في تسعينات القرن المنصرم.
 
والآن نحن نقف في طابور المنتظرين للإعلان الأمريكي عن صفقة القرن مهندسيها كثر والأيام تجري لتنقلنا لموعد الإعلان المرتقب، ولكن وقبل الحديث عن صفقة القرن علينا أن نحسم أمورنا في نقاط سريعة، قرار الأمم المتحدة كان يعطي للفلسطينيين الحق في إقامة دولة فلسطينية، فلما لم يعلنوا قيامها على الأرض المتاحة بل أعلنوا الحرب؟ أقصد هنا قادة العرب، فخسروا وكانت النكبة.
 
أستمر قادة العرب والقادة الفلسطينيين في تمسكهم بعدم إعلان الدولة الفلسطينية على ما هو متاح فزادت الخسائر في الأرض في عام 1967 بالمزيد من الخسائر في مساحة الأرض المتاحة.
 
تكررت خسائر الفلسطينيين من الامتيازات المتاحة بعدم جلوسهم على مائدة المفاوضات في مينا هاوس وما أعقبها من مفاوضات وملاحق تذكر حقوقهم في الأرض في المعاهدة ومن قبلها اتفاقية كامب ديفيد، فاستمرت الخسائر العربية حتى وصلنا لما نحن عليه من عدم أعتراف دولي إلا بحكم ذاتي فلسطيني في أرض محدودة.
 
واسمحوا لي أن أتوقف هنا لأتابع في المقال القادم -بإذن الله- الحديث عن ما بدأناه في هذا المقال.
المختصر المفيد الحياة فرص والخاسر الحقيقي من يهدر هذه الفرص بعناده.