هاني صبري - المحامي 
تشهد اجتماعات لجنة الشئون الدستورية والتشريعية مناقشات حول التعديلات الدستورية المقترحة وهناك اقتراحات لتعديل المادة ١٤٠ بزيادة الفترة الرئاسية إلى ست سنوات وتسرى على الرئيس بأثر رجعى مباشر.
 
الأثر الرجعى والمباشر هنا حسب المقترح هو أن يضاف لرئيس الجمهورية الحالى ضمن فترة حكمه عامين من مدة الرئاسة الأولى المنتهية وعامين جديدين على مدة الرئاسة الحالية، وبالتالى ستنتهى فترة الحكم للبلاد فى ٢٠٢٦. 
 
وهذا الاقتراح غير جائز لان الأصل المقرر دستوريا هو عدم سريان أحكام القوانين إلا على ما يقع من تاريخ العمل بها فلا يترتب عليها أثر فيما وقع قبله. 
في تقديري أقتراح زيادة مدة الرئاسة بأثر رجعي مشوب بشبهة عدم الدستورية، وإذا أراد النواب تعديل مدة الرئاسة يجب أن تتضمن التعديلات المقترحة مدة جديدة لفترة الرئاسة بصيغة منضبطة لعدم الطعن عليها.
 
حيث إن البين من استقراء أحكام الدستور وربطها ببعض في إطار من الوحدة العضوية التي تجمعها، وبما يقتضيه تحقيق الاتساق والتكامل بينها فأن أقتراح تعديل مدة الرئاسة بأثر رجعي يعد خروج على مبدأ عدم رجعية القوانين فضلا عن إخلاله بمبدأ المساواة أمام القانون.
 
وإن الأصل في سلطة المشرع في مجال تنظيم الحقوق - وعلى ما جرى به قضاء المحكمة الدستورية العليا - أنها سلطة تقديرية ما لم يقيدها المشرع بضوابط معينة تحد من إطلاقها وترسم بالتالي حدودا لممارستها لا يجوز تخطيها، وإذا كان الدستور يعهد إلى السلطة التشريعية تنظيم موضوع معين، فإن تشريعاتها في هذا الإطار لا يجوز أن تنال من الحق محل الحماية الدستورية، وذلك باقتحامها- بالنقص أو الانتقاص - المنطقة التي اعتبرها الدستور مجالاً حيوياً لهذا الحق لضمان فعاليته، وإذا تم إقراره بهذا الشكل فحقيقة الأمر لا يعدو أن يكون قرارا إدارياً ألبس شكل القانون توقيا لمخاصمة هذا القرار أمام القضاء، ويتعارض ومبدأ تجرد القاعدة القانونية، الأمر الذي قد يصمها بعدم الدستورية، لانه توجد قواعد رسمها الدستور والقانون لا يجوز الخروج عليها بوصفها ضوابط جوهرية فرضها المشرع للمصلحة العامة كي ينتظم التداعي في المسائل الدستورية وفقا لها، وعندما يقرر البعض مقولة من أن هذا التعديل صدر كتشريع سيعرض علي الشعب للاستفتاء عليه يعد هذا الادعاء تعدي علي الإرادة الشعبية التي أقرته في حينه، ومنتهكا بذلك السلطة الأصلية للقضاء في مجال تفسير النصوص التشريعية.
 
وحيث إن استيفاء الإجراءات الشكلية التي تطلبها الدستور لإقرار القوانين رجعية الأثر، لا يعصمها من الخضوع للرقابة التي تباشرها المحكمة الدستورية العليا على دستورية القوانين كلما كان حكمها منطويا على إهدار لحق من الحقوق التي كفلها الدستور، أو يفرض قيودا عليه تؤدي إلى الانتقاص منه، ذلك أن الدستور يتميز بطبيعة خاصة تضفي عليه السيادة والسمو بحسبانه كفيل الحريات وموئلها وعماد الحياة الدستورية، وأساس نظامها، فالدستور على القمة من البنيان القانوني للدولة يتبوأ مقام الصدارة بين قواعد النظام العام، باعتبار أن أحكام الدستور هي أسمى القواعد الآمرة التي تلتزم الدولة بالخضوع لها في تشريعها وقضائها، وفي مجال مباشرتها لسلطتها التنفيذية، وفي إطار هذا الالتزام، وبمراعاة حدوده، تكون موافقة النصوص التشريعية لأحكام الدستور رهنا ببراءتها مما قد يشوبها من مثالب دستورية، سواء في ذلك تلك التي تقوم على مخالفة شكلية للأوضاع الإجرائية التي يتطلبها الدستور، أم تلك التي يكون مبناها مخالفة لقواعده الموضوعية التي تعكس مضامينها القيم والمثل التي بلورتها الإرادة الشعبية، وكذلك الأسس التي تنتظم الجماعة، وضوابط حركتها.
هناك إستحقاقات دستورية يجب الالتزام بها سواء اختلفنا أو اتفقنا علي قبول أو رُفض هذه التعديلات الدستورية.
 
ولا يوجد أي حظر في الدستور يمنع تعديل مواد الدستور أو يحدد التعديل بمدة زمنية معيّنة، وإذا أراد نواب البرلمان تعديل مدة الرئاسة يجب أن يتضمن التعديلات الدستورية المقترحة مدة جديدة لفترة الرئاسة غير هذا الاقتراح لسد أي ثغرة قد ينفذ منها البعض لإثارة أي أزمات لا قدر الله قد تكون تداعياتها خطيرة وقد يستغلها أعداء الوطن في الداخل والخارج للنيل من أمن واستقرار البلاد.
 
نناشد مجلس النواب الموقر استبعاد أقتراح الأثر الرجعي لزيادة مدة الرئاسة لان المقصود بمبدأ عدم رجعية القانون عدم سريان احكامه علي الماضي. 
كما نطالب أبناء الشعب المصري الذين لهم الحق في التصويت المشاركة في التعديلات الدستورية عندما يعرض للاستفتاء علي الشعب فهو مصدر كل السلطات وصاحب السيادة والكلمة العليا والاخيرة في تعديل أي مادة من مواد الدستور ومن حقه قبول أو رفض هذه التعديلات، ويجب تغليب مصلحة الوطن فوق أي إعتبار حمي الله مصر وشعبها من كل سوء. والقادم أفضل بتكاتف كل ابناء الشعب.